فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

قضايا المرأة في دول مجلس التعاون

القراء : 3532

قضايا المرأة في دول مجلس التعاون

 
أنجز "مركز الخليج للأبحاث" تقريره السنوي الثاني عن منطقة الخليج، ويتضمن 35 بحثا ودراسة تتناول مختلف الأوضاع والتطورات التي شهدتها المنطقة، سياسيا واقتصاديا وأمنيا وتربويا، إضافة إلى العلاقات الدولية لدول مجلس التعاون، والآفاق المستقبلية لمنطقة الخليج، والعلاقات البينية والعربية لدول مجلس التعاون، والعلاقات الإقليمية.
كما تناول التقرير الذي يقع في ستة فصول وشاركت فيه نخبة من الباحثين والخبراء وأهل الفكر التطورات في كل من العراق واليمن وإيران، وأهم الأحداث في هذه الدول إضافة إلى دول مجلس التعاون.
وقد أشار رئيس المركز عبدالعزيز بن عثمان بن صقر في تقديم التقرير السنوي إلى مضمونه موضحا أن المركز حريص على أن يجعله إحدى قنوات التواصل والتفاعل بين الباحثين العرب المتخصصين في الشؤون الخليجية وأقرانهم من الباحثين غير العرب، ومن هنا فقد جاءت المساهمة بأقلام عربية وغير عربية بينهم 15 باحثا من دول مجلس التعاون إضافة إلى باحثين من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية والصين واليابان والهند وتركيا وإيران.

وأوضح أن التقرير يحلل توجهات بعض القوى الإقليمية والدولية تجاه منطقة الخليج، وكذلك يستشرف الملامح المستقبلية لأبرز التطورات والقضايا على الساحة الخليجية. ويشار إلى أن التقرير الذي يقع في حوالي 600 صفحة نشر باللغتين العربية والإنجليزية ومتوافر على موقع المركز www.grc.ae.
يسلط هذا الجزء من التقرير الضوء على أبرز التطورات والمستجدات التي لحقت ببعض قضايا المرأة في دول مجلس التعاون الخليجي خلال عام 2004 ، سواء على صعيد ملف الحقوق السياسية للمرأة ودورها في العمل السياسي، أو على صعيد حضورها في مؤسسات المجتمع المدني، أو على صعيد دورها في الحياة الاقتصادية، وبخاصة في ما يتعلق بمشاركتها في قوة العمل، وكذلك ببروز دور سيدات الأعمال في بعض دول المجلس، فضلا عن رصد وتحليل مظاهر اهتمام بعض الدول والمؤسسات الغربية بهذا الموضوع.

 أولاً: الدور السياسي للمرأة
ليس من قبيل المبالغة وصف عام 2004 بأنه عام " توزير المرأة الخليجية "، إذ شهد هذا العام تعيين خمس وزيرات في كل من عمان والبحرين والإمارات. فقد اصدر السلطان قابوس بن سعيد في 8 مارس/آذار 2004 مرسوما بتعيين رواية البوسعيدي وزيرة للتعليم العالي، وهي أول وزيرة تتسلم حقيبة وزارية، علما أنها كانت في منصب وكيل للوزارة ذاتها، وكانت عمان سجلت خطوة اعتبرت سابقة في منطقة الخليج، بتعيين عائشة السيابي في مارس 2003 رئيسة للهيئة العامة للصناعات الحرفية بدرجة وزير. وفي 9يونيو/حزيران2004، اصدر سلطان عمان مرسوما يقضي بإنشاء وزارة للسياحة، وذلك في السلطنة، ويقضي المرسوم بتعيين راجحة بنت عبد الامير وزيرة لها لتكون المرأة الثانية في الحكومة. كما تم إصدار مرسوم سلطاني في 20اكتوبر/تشرين الأول 2004 بتعيين شريفة اليحيائي وزيرة للتنمية الاجتماعية لتصبح ثالث امرأة يتم تعيينها منذ بداية عام 2004 في الحكومة العمانية.

وقد شهد عام2004 أيضا تعيين أول امرأة في كل من البحرين والإمارات، ففي 22 من ابريل/نيسان2004 تم إصدار مرسوم ملكي في البحرين بتعيين ندى حفاظ كأول بحرينية في منصب وزيرة لوزارة الصحة، أما في الإمارات، فقد نص المرسوم الخاص بالتعديل الوزاري الذي صدر في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني2004 على تسمية لبنى القاسمي وزيرة للاقتصاد والتخطيط لتكون بذلك أول وزيرة في تاريخ الإمارات، وبهذا يصل عدد النساء اللاتي تولين مناصب وزارية في دول مجلس التعاون في الوقت الراهن إلى سبع وزيرات، وفي ما يتعلق بالمناصب العامة أيضا، تم تعيين نبيلة الملا مندوبة دائمة لدولة الكويت لدى الأمم المتحدة كأول سفيرة عربية مسلمة في الأمم المتحدة. أما في قطر فقد تم اختيار امرأة لتشغل منصب وكيل وزارة التربية والتعليم، كما تم تعيين أول مديرة قطرية بالخدمة المدنية في إدارة الموازنة. وكذلك تم إصدار قرار أميري بتعيين الدكتورة حصة الجابر أمينا عاما للمجلس الأعلى للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وفي السعودية عينت حسنة الغامدي مديرا عاما لمركز الأورام بمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة بالمنطقة الغربية كأول سيدة تتولى هذا المنصب بوزارة الصحة.
وفي مجال السلك القضائي، تم تعيين خمس عمانيات في منصب وكيل ادعاء عام ثاني. ليصبحن بذلك أول فوج نسائي ينضم إلى السلك القضائي في سلطنة عمان.
وعلى مستوى المجالس الاستشارية والبلدية، تم في 9يناير/كانون الثاني2004 إصدار مرسوم بتعيين 7 نساء ضمن 40 عضوا في المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة بدولة الإمارات. وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أنه تم في أغسطس/آب2004 إصدار مرسوم اتحادي بانضمام دولة الإمارات إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ضد المرأة، مع التحفظ على بعض أحكام الاتفاقية.

وفي حين صدر في البحرين أمر ملكي بتعيين بهية الجشي عضوا بمجلس الشورى خلفا لندى حفاظ، فقد تم أيضا تعيين سيدتين ضمن الهيئة الاستشارية الممثلة للبحرين في المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي.
وفي عمان، انضمت امرأة تاسعة إلى عضوية مجلس الدولة، وهي هيئة تتدرج بين المجلس الاستشاري والحكومة، فقد تم تعيين ثوبية البروانية عضوا في الهيئة ليصل عدد أعضائها بذلك إلى 57 عضوا. أما في قطر، فقد تم تكليف مشاعل الدرهم بتولي مهمات الأمين العام للمجلس البلدي لقطر.
وكانت قطر قد دخلت مرحلة دستورية وسياسية جديدة بإصدار أميرها الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني "الدستور الدائم" الذي جرى إقراره في استفتاء شعبي في 29ابريل/نيسان2003 تمهيدا لانتخابات عامة بمشاركة النساء. ويكفل الدستور حق الترشيح والانتخاب للمواطنين رجالا ونساء لاختيار ثلثي أعضاء مجلس الشورى.
أما في الكويت، فقد وافق مجلس الوزراء الكويتي في 18 من مايو/ايار2004 على مشروع لتعديل قانون الانتخاب الكويتي على نحو يسمح للمرأة الكويتية بممارسة حقها في الانتخاب والترشيح في البرلمان الكويتي. وتمت إحالته بعد توقيع أمير الكويت عليه لمجلس الأمة ليأخذ مجراه عبر القنوات البرلمانية وعرضه للتصويت عليه. وقد وافق مجلس الأمة الشهر الفائت على حق المرأة في الترشيح والانتخاب.

وفي السعودية، ثار جدل كبير حول أحقية مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية الجزئية المزمع إجراؤها على مراحل النصف الأول من عام 2005. وذلك على الرغم من أن اللائحة التنظيمية التي أصدرتها وزارة الشؤون البلدية والقروية بشأن الانتخابات الجزئية للمجالس البلدية في المملكة، لم تنص صراحة على عدم ممارسة المرأة حقها في الترشيح أو التصويت في الانتخابات، بدليل أنها عرفت الناخب بأنه كل موطن تنطبق عليه شروط الانتخاب، ولم تستثن هذه الشروط المرأة. ثم عادت اللائحة لتؤكد في المادة الثالثة أن "كل مواطن يتمتع بحق الانتخاب"، دون أن تشترط أن يكون هذا المواطن رجلا أو تستثني المواطنات.
وقد تباينت مواقف الحكومة السعودية إزاء مشاركة المرأة في الانتخابات، ففي حين أكد وزير الداخلية السعودي أن مشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة أمر غير وارد. صرح رئيس اللجنة العامة للانتخابات البلدية بأن النظام لا يمنع مشاركة المرأة، لكن ضيق الوقت لا يسمح بذلك. أما رئيس البلدية ورئيس لجنة الإشراف على الانتخابات البلدية في محافظة الاحساء فقد قال أنه يمكن للمرأة إيصال صوتها بالوسائل المتاحة ولها أن تحضر الجلسات، مشيرا إلى نظام البلديات والقرى في تنظيم عمل المجلس البلدي في مادته الثامنة عشرة بين أنه يجوز للمجلس أن يدعو إلى حضور جلساته أي شخص يرى فائدة في حضوره دون أن يكون له حق التصويت، وهذا ينطبق على المرأة كما ينطبق على غيرها. وعلى الرغم من عدم الإقرار بمشاركة المرأة فإن هذا لم يمنع 7 نساء سعوديات من الإقدام على ترشيح أنفسهن لعضوية المجالس البلدية في كل من جدة والرياض والقطيف.

وقد كانت المرأة في عام 2004 محور نقاش على أجندة الحوار الوطني السعودي،فقد انطلقت في الفترة (12-14) يونيو/حزيران فعاليات المؤتمر الثالث للقاء الفكري للحوار الوطني في السعودية، والذي كان تحت عنوان "المرأة: حقوقها وواجباتها وعلاقة التعليم بذلك". وقد عقد الملتقى في المدينة المنورة ودعي له 70 مشاركا، نصفهم من النساء شاركن بشكل منفصل. وقد شهد المؤتمر صراعا مفتوحا بين تيارين متجذرين واتجاهين مختلفين، وكان واضحا منذ أن تم الإعلان عن أسماء المشاركين في المؤتمر أن هيمنة التيار المحافظ ستلقي بظلالها على المناقشات التي ستدور في المؤتمر وعلى النتائج والتوصيات التي سيخرج منها.
ومن المؤكد أن الإجراءات والتعبئة التي سادت الأجواء كان لها أبرز الأثر في تحديد مسار اللقاء، والدفع به إلى أحضان المواقف المحافظة. فقد أصدر مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي يرعى اللقاء - قبل المؤتمر بأيام قليلة وللمرة الأولى- بيانا حول منهجية الحوار في اللقاء حدد فيه مرجعية الحوار في القرآن والسنة النبوية، داعيا إلى عدم التعميم في الأحكام والنتائج، وهي التوجيهات ذاتها التي أشار إليها أمام الحرم المكي سعود الشريم في خطبة الجمعة التي سبقت اللقاء، والتي دعا فيها المشاركين إلى ضرورة التقيد بتعاليم الكتاب والسنة لدى مناقشة حقوق المرأة وما يتصل بها من موضوعات. وقبيل اللقاء، تم توزيع وثيقة أصدرتها مجموعة من رموز التيار الديني في السعودية بعنوان "حقوق المرأة المسلمة وواجباتها"، وهي عبارة عن تأصيل شرعي لهذا الموضوع يقدم رؤية منهجية محافظة، داعية إلى التركيز على مفهوم العدالة بديلا عن المساواة بين الرجل والمرأة.

كما أصدرت 32 سيدة من أهالي المدينة المنورة (مكان انعقاد المؤتمر) بيانا محافظا حول قضايا المرأة تم توزيعه على المشاركين. وقد تضمن البيان دعوة المشاركين إلى مراعاة الحدود الشرعية في مناقشاتهم وعدم الانسياق وراء الدعوات الغربية، كما دعيت إلى لحضور اللقاء شخصيتان من هيئة كبار العلماء المعروفة بموقفها المتشدد إزاء هذه القضية. ومن الواضح أن هذه الأجواء التعبوية قد أسهمت في تحديد سقف المناقشات والحوار الذي دار في اللقاء وجعلته أقل بكثير مما سعت إليه الحكومة عندما أقرت التشريعات الأخيرة بخصوص عمل المرأة، حيث طالب بعض المجتمعين إلى الحد من مشاركة المرأة في العمل والمحافظة على هذه الأمانة الثمينة بحصر دورها على تربية الأولاد وبقائها في بيتها.

واختتمت فعاليات اللقاء الوطني السعودي الثالث للحوار الفكري بعدما غلبت نقاط الخلاف على نقاط الاتفاق بين المشاركين، خصوصا أن التيارين الليبرالي والإسلامي المعتدل، أبديا تحفظهما على التوصيات، حيث لا يريان أي مبرر لحجب أو تغييب مسائل رئيسية ومهمة تتعلق بالمرأة عنها. واشتملت التوصيات النهائية على 17 بندا تدعو إلى إعطاء المرأة حقها ومراعاة كونها راعية الأسرة وجامعة شملها. وقد تجاهلت التوصيات مشكلات جوهرية تعاني منها المرأة السعودية وخرجت بصيغ فضفاضة تحتمل التأويل. ولم يتطرق إلى حجب أم حق مشاركة المرأة في مختلف الأنشطة الحياتية إلى جانب الرجل، وكذلك غياب المؤسسات التمثيلية التي تعالج مشاكلها وتتبنى الدفاع عن حقوقها.

 ثانيا: دور المرأة على مستوى منظمات المجتمع المدني
في ما يتعلق بمشاركة المرأة في المجتمع المدني، شهد عام 2004 فوز 3 سيدات سعوديات بعضوية المجلس التنفيذي لأول جمعية وطنية سعودية لحقوق الإنسان. وقد كان بين المؤسسين 10 سيدات شاركت 9 منهن في الانتخاب،وكان هنالك كذلك فوز صحافيتين سعوديتين بعضوية أول مجلس إدارة لهيئة الصحافيين السعوديين وأسفرت نتائج انتخاب أول لجنة عمالية في غرفة تجارة وصناعة جدة عن فوز سيدتين سعوديتين بأعلى نسبة تصويت من بين 26 مرشحا، وكان من بينهم 3 سيدات. كما شاركت 12 سيدة في التوقيع على عريضة مرفوعة إلى ولي العهد السعودي تطالب بالإفراج عن ثلاثة إصلاحيين يحاكمون بتهمة الدعوة إلى إقامة "ملكية دستورية" في المملكة.
وفي الكويت، رشحت الجمعية العمومية التأسيسية لمجلس حي المسيلة وللمرة الأولى في تاريخ مجالس الأحياء في الكويت سيدتين كعضويتين في مجلس إدارة الحي، وهي سابقة أولى تسجل لهذا المجلس. وفي منتصف ديسمبر/كانون الأول، فازت للمرة الأولى سيدة برئاسة جمعية الاقتصاديين الكويتية.
أما في البحرين، فقد فازت سيدتان في انتخابات مجلس إدارة جمعية المنبر الوطني الإسلامي، وذلك للمرة الأولى في تاريخ مجالس الجمعيات الإسلامية، وقد شكلت مسألة إشهار الاتحاد النسائي قضية للتجاذب بين اللجنة التحضيرية للاتحاد النسائي ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية في البحرين، وتطالب الجمعيات النسائية باتحاد نسائي منذ سنوات طويلة.

في كل مرة، تقوم فيه هذه الجمعيات بوضع النظام الأساسي للاتحاد من وجهة نظرها تطالبها وزارة العمل بتغيير بعض البنود. وقد تحفظت الجمعيات النسائية وبشدة على التغييرات التي وصفتها بالجذرية التي أجرتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على مشروع النظام الأساسي للاتحاد النسائي البحريني، كما رفضت هذه الجمعيات تدخل الوزارة في تحديد الأهداف التي من أجلها ينشأ الاتحاد وتعمدها لإلغاء الأهداف التي ارتآها المؤسسون.

 ثالثا: الأوضاع الاقتصادية للمرأة
في ما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية للمرأة، هيمنت المرأة في السعودية وللمرة الأولى على قرارات مجلس الوزراء السعودي المعلنة في 30يونيو/حزيران2004، إذ أظهرت الحكومة السعودية عزما جديا على حل مشكلة عمل المرأة، والتزمت بإجراءات يمكن وصفها، حال تطبيقها عمليا، بأنها بداية إعلان مرحلة جديدة ومتغيرة كليا من حيث معطياتها في سوق العمل، وستكون لاحقا نواة مجتمع جديد من حيث تركيبته العاملة، وتفاصيله الاجتماعية يتمايز عن الصورة التقليدية التي التصقت بالمشهد الاجتماعي الداخلي لأكثر من مائتي عام.

وقد اشتملت قرارات مجلس الوزراء في مجال زيادة فرص ومجالات عمل المرأة على عدد من الضوابط والإجراءات، ولعل أهمها السماح للنساء بإقامة المصانع، وتوسيع مجالات العمل أمامهن في القطاعين العام والخاص، فضلا عن تحرير المرأة من القيود القانونية التي تعاملها، دوما بوصفها تابعة لرجل ما وقد منحت الحكومة السعودية نفسها سنة واحدة لإنجاز هذه الخطة الطموحة، التي يبدو من إطارها العام أنها سترفع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى أكثر من 20% تبعا للمجالات التي التزم مجلس الوزراء بفتحها للنساء، علاوة على المغريات المشجعة للمرأة من خلال التفهم للمصاعب الاجتماعية مثل ساعات العمل وإجازات الأمومة، ويتناغم هذا القرار مع كون المرأة محور جلسات مؤتمر الحوار الوطني الذي تم عقده خلال شهر يونيو/حزيران2004. وكانت وزارة التجارة السعودية قد قررت سابقا إلغاء شرط الوكالة لسيدات الأعمال، كما تم فتح الباب للنساء للحصول على بطاقات مدنية مستقلة، ثم جاء مجلس الوزراء ليمنحها مواطنة مدنية كاملة عن طريق قراراته التي تعترف بأهمية المرأة اقتصادا وعملا وإنتاجا. وفي التوجه نفسه، فقد أكد وزير العمل الدكتور غازي القصيبي أنه شكل فريق عمل من الوزارة في مختلف مناطق البلاد لإيجاد المزيد من فرص العمل للمرأة السعودية في القطاع الخاص، كما ذكرت مصادر مطلعة أن وزارة العدل السعودية وافقت مبدئيا على مزاولة النساء مهنة المحاماة داخل مكاتب المحاماة للتعامل مباشرة في القضايا الخاصة بالنساء دون الترافع أمام المحاكم المقتصرة على الرجال، حيث تقتصر مهمة المحامية فقط على الالتقاء بموكلاتها للتعرف إلى قضاياهن، ومن ثم كتابة مذكرات الترافع، ثم يتولى عرضها على القاضي محامون من الرجال، ولم يبد الأمير سلطان بن عبدالعزيز خلال افتتاحه لأكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران اعتراضا عند سؤاله حول التحاق المرأة السعودية بالأكاديمية، موضحا أن من المهم إحلال المرأة السعودية محل المرأة الأجنبية وأن تكون هي وزوجها وأخوها في الخطوط السعودية يعملون في ظل الشريعة الإسلامية.

رابعا: بروز دور سيدات الأعمال
شهدت دول مجلس التعاون في السنوات الأخيرة ظاهرة سيدات الأعمال، وكان لسيدات الأعمال في عام 2004 دور متصاعد سواء من حيث النشاط أو في ما يتعلق بالقرارات والتوجيهات التي تم إصدارها في سبيل تدعيم فرصهن الاقتصادية.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن هناك أكثر من 30 ألف سجل تجاري نسائي في السعودية أي نحو 5% من إجمالي عدد السجلات، وقد احتلت تجارة الجملة والتجزئة والخدمات الصدارة منها، برأس مال يبلغ مليار ريال سعودي (266 مليون دولار) أما ما تملكه سيدات الأعمال السعوديات فقد بلغ 15 ألف شركة ومؤسسة صغيرة ومتوسطة تشكل ما نسبته 4.3% من إجمالي المشاريع المسجلة في المملكة وتشير الإحصاءات إلى أن حجم المدخرات النسائية في المصارف السعودية تقدر بنحو 60 مليار ريال تشكل نحو 70% من حجم المدخرات الكلي، ويبلغ حجم استثمارات النساء نحو 21% من حجم الاستثمار الكلي للقطاع الخاص في المملكة.
أما في الإمارات، فقد وصل عدد عضوات مجلس سيدات الأعمال الذي تأسس في مايو/أيار2003 قرابة 10500 عضوة يدرن استثمارات تبلغ قيمتها نحو 12.5 مليار درهم.
وفي البحرين، تمتلك المرأة 7000 سجل تجاري من مجموع 200131 سجلا. وقد استطاعت المرأة البحرينية رفع نسبة تملكها للسجلات التجارية من 243 من إجمالي السجلات لعام 2001 إلى 6.3% في عام 2002. ويصل عدد العضوات في غرفة تجارة وصناعة البحرين إلى 1145 سيدة. وتمثل البحرينيات نحو 9% من مجموع العاملين بالدولة.

وفي ابريل/نيسان 2004، تم تشكيل لجنة خليجية لسيدات الأعمال مكونة من 12 عضوة تحت مظلة اتحاد الغرف الخليجية. وتتشكل اللجنة من ترشيحات منتسبات الغرف الأعضاء وعضوات اللجان الوطنية لسيدات الأعمال بدول المجلس. وقد شاركت 600 سيدة أعمال خليجية في الملتقى الأول لسيدات الأعمال الذي عقد بالرياض في أكتوبر/تشرين الأول2004، بهدف استقطاب وتحريك رؤوس الأموال النسائية المقدرة بنحو 18 مليار ريال في المصارف.
وفي مارس/آذار 2004 تم افتتاح الفرع النسائي بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، وبهدف إعطاء مزيد من الفاعلية لعمل الفرع، تم تشكيل لجنة نسائية تابعة للفرع النسائي في سبتمبر/أيلول. وفي نوفمبر، سمحت وزارة التجارة والصناعة السعودية، وللمرة الأولى لسيدات الأعمال السعوديات بالإدلاء بأصواتهن بشكل مباشر في انتخابات مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بالرياض لدورتها الجديدة من دون وكيل شرعي كما كان متبعا في الدورات السابقة، ولكن من دون أن يكون لهن الحق في الترشح.
غير أن انتخابات غرفة تجارة وصناعة الرياض التي أجريت في أواخر نوفمبر اتسمت بالضعف الشديد للحضور النسائي، حيث لم يتجاوز عدد اللواتي أدلين بأصواتهن 15 سيدة أعمال، مع أن عدد من يحق لهن التصويت يبلغ نحو 3000 منتسبة على الرغم أيضا من أن هذه هي المرة الأولى التي تمنح المرأة حق انتخاب أعضاء مجلس إدارة الغرفة. وتجدر الإشارة إلى أنه تم افتتاح مركز لسيدات الأعمال بالرياض.

وفي أوائل ديسمبر، كانت لبنى العليان أول امرأة سعودية تدخل مجلس إدارة بنك سعودي بعد انتخابها من قبل الجمعية العمومية للبنك السعودي الهولندي.
أما في مجال الأنشطة الخارجية، فقد قامت كل من سيدات الأعمال السعوديات والقطريات بزيارات إلى المملكة المتحدة، والكويتيات إلى السويد، والإماراتيات إلى فنلندا لبحث سبل التعاون بينهن وبين نظيراتهن في الخارج.
وقد شهد عام 2004 بداية مثيرة للجدل بالنسبة لسيدات الأعمال السعوديات اللاتي شاركن في منتدى جدة الاقتصادي بالسعودية الذي عقد في 17 يناير، والذي تميز هذا العام بالحضور البارز والقوي للمرأة من خلال وجود قرابة 260 شخصية نسائية سعودية من قطاع الأعمال والاستثمار. ولم تتم مشاركة المرأة أو حضورها لفعاليات المنتدى ضمن الأطر التقليدية المعتادة، بل تم ذلك في إطار اختلط فيه النساء مع الرجال، سعوديين وغير سعوديين.
? خامسا: اهتمام الدول والمؤسسات الغربية بقضايا المرأة الخليجية
لقد شهد عام 2004 منذ بدايته اهتماما مكثفا من قبل الدول والمؤسسات الغربية بالمرأة في الخليج من خلال عقد ندوات ومؤتمرات وورش تدريبية تستهدف تمكين المرأة وتأهيلها لمراكز صنع القرار، ضمن سياق دعم مشروعات الإصلاح في الشرق الأوسط.

فقد عقدت في الدوحة خلال الفترة من 14-18 يناير أعمال الورشة التدريبية الخاصة بتوعية وإدارة الحملات الانتخابية الإقليمية للقيادات النسائية الخليجية تحت عنوان "شركاء في المشاركة: مبادرة لمساندة مشاركة المرأة في الحياة العامة في الشرق الأوسط". وجرت أعمال الحلقة الدراسية في نطاق مبادرة الشراكة الشرق أوسطية (MEPI) التي أعلنتها الإدارة الأمريكية في عام 2002. وبالتعاون مع المجلس الأعلى لشؤون الأسرة في قطر، وبتنظيم من قبل كل من المعهد الجمهوري الدولي (IRI) والمعهد الديمقراطي الوطني للعلاقات الدولية (NDI). والمعهدان منظمتان غير حكوميتان مقرها واشنطن تشجعان على تدريب المرشحين وقيام أحزاب سياسية قوية في الخارج. وحضرت أعمال الورشة التدريبية قرابة 60 سيدة من البحرين والكويت وعمان وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة واليمن، بينما لم تكن هناك أي مشاركة من المملكة العربية السعودية.

مكتسبات
لا شك أن هناك تغيرات ايجابية ومكتسبات مهمة تحققت للمرأة، غير أنه في الختام ينبغي التأكيد على جملة من الأمور:
أولا: لا شك في أن الديمقراطية تتطلب المساواة بين جميع المواطنين نساء ورجالا، ومن ثم فإن تعزيز حقوق المرأة هو تعزيز للديمقراطية، لكن الديمقراطية أيضا تتطلب إيجاد مؤسسات يمكن مساءلتها من قبل الأفراد، ولها القدرة على الحد بعضها من سلطة بعض من خلال نظام قائم على التوازن والمراقبة، وقيام مثل هذه المؤسسات غير معتمد على منح المرأة حقوقها. ومن الثابت أن أي دولة لا يمكن أن تصبح ديمقراطية إذا كانت تمارس التمييز ضد النساء، لكن العائق الحقيقي أمام الديمقراطية في دول مجلس التعاون لا يتمثل لا يتمثل في التمييز ضد النساء، ولكن في محدودية الحقوق السياسية في بعضها وغيابها في البعض الآخر. ومن ثم، فالإشكالية ليست في مساواة المرأة بالرجل في بعض الحقوق، وإنما في إصلاح النظام السياسي بأكمله، بحيث يمكن للأفراد جميعا أن يتمتعوا بحقوق سياسية متساوية. فالدول الديمقراطية هي التي تتمتع بوجود معارضة منظمة، وبرلمان قوي، وقضاء مستقل، وفصل بين السلطات، وليست التي تضع النساء في مناصب عامة أو تعطيهن حق الترشح والانتخاب في برلمانات أو مجالس ضعيفة.

ثانيا: أن أوضاع المرأة في دول مجلس التعاون في تطور مستمر وإن تفاوت ذلك من دولة إلى أخرى، غير أنه من المهم معالجة قضايا المرأة دون إخراجها عن سياقها بشكل يزيد من تعقيداتها، لأن مشكلات المرأة الخليجية ليست بعيدة عن مشكلات الرجل سواء من حيث الحقوق الاقتصادية أو من حيث الحقوق السياسية، وهي أمور تطال بانعكاساتها الجنسين على حد سواء، وقد تكون مطالبة المرأة الخليجية بحقوقها واكتسابها مكانتها أحد المداخل للحقوق السياسية العامة.
* ثالثا: وفي الحقيقة، فإن هناك اهتماما من قبل النخب الحاكمة بتحسين أوضاع المرأة، لكن الاعتماد على المبادرات الفوقية لا يمكن أن يقدم ضمانا فاعلا، وإنما يجب تطوير أشكال مؤسسية للتعبير والتجمع النسائي على شاكلة اتحادات ونقابات وتشريعات وقوانين لضمان الاستمرارية والتراكم.
* رابعا: إن البيئة الاجتماعية والثقافية بمكوناتها المختلفة من عادات وتقاليد وقيم ورؤى هي بيئة غير حاضنة وغير دافعة لانطلاق المرأة في مجتمعات دول مجلس التعاون.
ومن ثم، فإن التعامل مع قضايا المرأة ومشكلاتها في هذه المجتمعات لا يمكن عزله عن قضايا المجتمع وثقافته. كما أن التطوير والتحديث المطلوب لدور المرأة لا بد أن يتواكب معه تطوير وتحديث اجتماعي ثقافي شامل لجميع مكونات وعناصر البيئة الاجتماعية والثقافية.
 
مجلة : الخليج التاريخ : 12/5/1426هـ 19/6/2005م

 أطبع التحقيق أرسل التحقيق لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6356823 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة