فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

جدلية الستر والفضح على هامش زنا المحارم

القراء : 1886

جدلية الستر والفضح على هامش زنا المحارم

د. أحمد عبد الله
 
حين ظهرت على الهواء مباشرة على إحدى الفضائيات حدثني مقدم البرنامج عن "ثقافة الستر"، وحدثته عن ضدها "ثقافة الفضح"؛ لأن هذا ما نعيشه حاليًّا!.
نحن ننتقل بسرعة مضاعفة من وضع كنا نعاني فيه من تطرف في الإخفاء والمداراة، من "الستر" الذي كان منقلبًا أو زائدًا لدينا يصل إلى "التستر" والتواطؤ والتمرير للمصائب، والتغطية على الأمراض والأوجاع النفسية والاجتماعية والسياسية، الفردية والجماعية، من السر والسرية إلى العلن والعلانية، إلى الكشف والتعرية، إلى الفضح والفضيحة!.

العام والخاص
أصل الحكاية أن الإسلام -كما أفهمه- يحترم الخصوصية، يقيم لها ما يكفل الحفاظ عليها، وحماية دائرتها في حياة الأفراد والأمم، ومساحة الخصوصية فيها من الحرية والمرونة والتنوع والنعومة، أو هكذا ينبغي، وهو ما لا يوجد في المساحة العامة.
في المجال العام ننزل للعمل ونتحاكم للقانون، وندخل في المنافسات الشريفة، ونناضل في مسارات الكبد والتعب اليومي، ونكد تحصيلاً للرزق، وبحثًا عن الإنجاز، أو هكذا ينبغي!! وفي المجال الخاص نخلع القيود والحدود والملابس والأعباء -إلا- قليلاً ونستريح جسدًا وروحًا، يأوي الزوج إلى زوجته ويتواصلان، أو يسمر الأصدقاء المقربون بما لا يناسب قوله أو ممارسته على قارعة الطريق، ومن العلاقة الثرية المركبة والمرنة بين الخاص والعام يتجدد الإنسان، بل إن العبادة ذاتها تتوزع بين الصلاة والجماعة والعيدين، حيث الحشد والالتقاء بالآخرين مشاركة واندماجًا وتفاعلاً، وبين صلاة الليل، والذكر والتسبيح، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه.
والغرب في مسيرته الثقافية والتاريخية ألغى المسافة -تقريبًا- بين العام والخاص، بل صار مثل هذه التقسيمة من الازدواجية المنعومة! فمن كان لديه ميل شاذ جنسيًّا هناك عليه أن يخرج به للعلن مطالبًا بحقوق متساوية مع الآخرين، ومن أرادت أن تكون صريحة جريئة ومتحققة فينبغي أن تكون تفاصيل خصوصيتها أمام الناس، في قلب المشهد العام، وبذلك يمكن أن نفهم تصاعد موجات ممارسة الزنا في العلن، أو الدعوة إلى الحياة العامة بدون ملابس، أو اقتحام الكاميرا والإعلام بأدواته لحياة الناس دون أدنى تحفظ، وبخاصة حياة النجوم والمشاهير، بحثًا عن لقطة مثيرة، أو لحظة حميمة، شديدة الخصوصية، والنجوم أحيانًا يصرخون، ويقاضون، وأحيانًا يرضخون، بل ربما يحاولون الاستفادة!! وبالجملة لم تَعُد مسألة العام والخاص في الغرب مثل الأمس، ولا مثل ما كانت عليه عندنا حتى وقت قريب.

نحن هنا.. والآن
في القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية والصحف والمجلات وكل أدوات الإعلام المحلي أو الإقليمي أو الدولي، بل وعلى كاميرا المحمول وشاشاته، وأصبحت الفضائح مادة شهية للتناول، حيث البشر العاديون وحياتهم، وحتى الثقافة والفنون، والنجوم والحياة الشخصية للجميع هي سلع ومنتجات قابلة للتداول والاستهلاك، ولم يَعُد السؤال: كيف أو لماذا؟!! ولم تَعُد الفكرة أو الموقف هو: لا ولا.. ولكن: لم لا؟!! ودخلنا في عصر "ستار أكاديمي" وأخواته، وهو المنقول حرفيًّا عن برامج غربية مشابهة، وهو في فلسفته قمة من قمم محو الفارق بين العام والخاص!!.
وانشغل الشعب الأمريكي بفضيحة كلينتون - مونيكا، أو لاعب البيسبول الذي قيل إنه قتل زوجته، وتابع الملايين جلسات محاكمته على الهواء لساعات.
وكما يشاهدون هم تلك النوعية من البرامج التي تستضيف أناسًا -من المفترض أنهم عاديون- ليتحدثوا أمام الجمهور عمن ضاجع من، أو تستضيف تلك البرامج الزوج والزوجة وعشيقها، وربما عشيقة الزوج، وربما عشيقه!!.
كل هذه القمامة المعروضة على شاشاتهم صارت تزحف تدريجيًّا إلى إعلامنا تحت دعوى كشف المستور والمصارحة والمكاشفة، وفي مصر -مثلاً- تصدر 10 مطبوعات جديدة على الأقل مادتها الأساسية حوادث الاغتصاب والقتل والخيانة والمتاجرة بالأعراض، والحصاد مناخ عام يلعب العهر والتعهير دورًا رئيسيًّا فيه، فمرحبًا بالحرية!.

المسكوت عنه
حتى الآن فإن أعراض النجوم هي المستباحة، وكذلك بسطاء الناس ممن لا يستطيعون مقاضاة جريدة تنشر أسماءهم أو صورهم حين يقعون تحت طائلة القانون.
هذا المناخ العام يحرض على الجريمة وعلى الخيانة وعلى الدعارة وعلى الفسوق، تحت دعوى أن كل الناس مثلنا، وتحت الشعار نفسه: "لم لا؟!!" هذا المناخ المصنوع يخلق نوعًا من الوهم والإيهام أننا صرنا نعيش في غابة بلا حرمات، وأنها ليست جريمة كبرى أن يعاشر الأب ابنته، أو تقيم زوجة علاقة مع شقيق زوجها، أو تهجر امرأة رجالاً لتقيم علاقات مع نساء، أو هكذا يفعل الرجال؟!!.
نعم الشذوذ والأمراض جزء من حياتنا النفسية والاجتماعية طوال الوقت، والتستر مرفوض، ولكن الفضيحة أيضًا مرفوضة، ونحن في مرحلة تحتاج منا إلى تمييز الخطوط الفاصلة بين هذه الأمور وضبطها، محتاجون إلى نقاش واسع وعميق حول الإعلام.. رسالته ودوره وحول المعالجة حتى تكون رسالية تكشف لتعالج، وكيف ومتى تكون فضائحية تستخدم البشر وقصصهم مادة وسلعة للبيع والمساومة!.
ولدينا فإن أهل السلطة والسياسة والرئاسة ما زالوا بعيدين عن أن تطالهم ألسنة النميمة، وأدوات الفضائح بما يوحي أنهم يستخدمونها للتغطية على أمور أخرى يهمهم التغطية عليها، وهو ما يقال، وربما أيضًا تدعمه الوقائع في سوابق متكررة، وهنا تتضافر ثقافة الفضيحة مع ثقافة الشائعة في مجتمعات لا توثق معلومة، ولا تستقي معرفتها إلا عبر السماع والملاسنة غالبًا!.

غير أن ثمة حراكًا نسبيًّا قد بدأ ينمو على صعيد أهل السلطة، فوفق ثورة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات تستطيع الآن كشف فساد أي مسئول أو جهاز حكومي في بلدك؛ لأن لديك الآن خطًّا مفتوحًا مع العالم هو الإعلام البديل برسائله من إنترنت ومحمول بكاميرا و"بلتوث"، فقط تحتاج إلى أدلة ومعلومات هي متوافرة لمن بحث.
إذا كان ما سبق على مستوى النخبة السياسية.. فماذا عن فساد المجتمع أو تصرفات بعض أفراده؟! إذا كنا جميعًا نركب في سفينة واحدة.. فهل نترك متحرشًا بابنته أو شقيقته أو ابنة شقيقته؟! هل نترك أمًّا قاسية تعنف أطفالها أو سلوكًا منحرفًا نراه عند جيراننا، أو في الشارع، أو في مكان العمل، أو المدرسة، أو أية مؤسسة؟! هل نسكت ونقول: ليس هذا شأننا، وربنا يأمر بالستر؟! وهل السكوت على ظلم الآخرين لذويهم أو لغيرهم هو من الستر المطلوب أم هو من الستر المذموم؟.
وهل كشف أو فضح السلوكيات الخاطئة، وفتح البؤر المتقيحة لترى الشمس، ولنسكب فيها المطهرات، والمضادات الحيوية، ولتشخيص المرض، ووضع خطط العلاج، هل هذا الكشف مقدمة للتداوي أو إشاعة للعدوى والمرض؟ أسئلة تستحق التفكير والحوار.

مفترق الطرق
نقف إذن على قمة مفترق طرق عديدة في هذا الشأن وغيره، ومطلوب منا قرارًا جماعيًّا، وفعلاً جماعيًّا مؤثرًا، والحملة ضد العري والإثارة على الشاشات الكبرى هي مجرد جزء بسيط مما هو مطلوب، مطلوب دعم إشاعة قيم عملية إيجابية بين الناس وفي الممارسة اليومية، مطلوب تفاعلاً اجتماعيًّا حقيقيًّا عابرًا للطبقات والفئات مقتحمًا للحواجز الجغرافية والاجتماعية، وللحدود الوهمية، وللأسوار والجدران العالية بين النخب والعامة، بين الفقراء والأغنياء، بين الناشطين المهتمين والمتخصصين المعزولين أو المعتزلين.
مطلوب خطابًا دينيًّا جديدًا يجيب على الأسئلة الحالية المطروحة، ومطلوب حراكًا دينيًّا أكثر فاعلية وعملية وتفاعلية مع ما نعيشه بالفعل إعلاميًّا وثقافيًّا وجنسيًّا من مشكلات، مطلوب الخروج من الأبراج العاجية، والصوامع الفكرية، ومن جحور صناعة الأوهام وتداولها، والدخول والانتشار السريع لنخوض معركة من بيت لبيت، ومن عقل لعقل، معركة وجودنا. نكون أو لا نكون.
 

 أطبع التحقيق أرسل التحقيق لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6335887 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة