فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

حالات العنف المدرسي ليست قاصرة على مجتمعنا وحده

القراء : 2469

حالات العنف المدرسي ليست قاصرة على مجتمعنا وحده

 
الدكتورة سلوى عبدالحميد الخطيب 
 أكاديمية بجامعة الملك سعود

قرأت في "الوطن" يوم الاثنين الموافق 28 ربيع الأول 1428هـ العدد 2390 مقالين في صفحة واحدة الأول بعنوان "فصل 7 طلاب ونقل مدير مدرسة و5 معلمين من ابتدائية مجصة حائل "والثاني بعنوان" معلمة تقيم دعوى قضائية ضد طالبة اعتدت عليها بالمرامية". المقال الأول تشير إلى اعتداء سبعة طلاب على معلمهم بالضرب في مدرسة ابتدائية، كما أن هناك إشارة في نفس المقال إلى اعتداء أحد أولياء الأمور على وكيل المدرسة. وفي المقال الآخر نجد أن مدرسة ترفع دعوى قضائية ضد طالبة لتعرضها للضرب عدة مرات على يد الطالبة ولم يتخذ ضدها أي إجراءات رادعة في السابق مما شجع الطالبة على تكرار ذلك. هذه الحوادث ليست فريدة فكثيراً ما نسمع عن تحطيم بعض الطلبة لسيارات مدرسيهم وحادثة إجبار أحد المدرسين لطالب على تقبيل قدمه وغيرها من حوادث متكررة نقرأها في صحفنا اليومية، حتى يمكنني القول إن العنف المدرسي أصبح ظاهرة عامة في مجتمعنا. قبل أن أناقش هذه الظاهرة أعتقد أنه من الضروري أن أوضح ما المقصود بالعنف المدرسي. ما أعنيه بالعنف المدرسي هو استخدام القوة أو التهديد باستخدام القوة ضد الآخرين داخل المؤسسة التعليمية، سواء كانت هذه المؤسسة مدرسة أو معهداً أو جامعة، لتحقيق أهداف معينة. وأكثر أنواع العنف شيوعاً في مدارسنا هو العنف الجسدي. والعنف المدرسي أنواع، عنف من المدرس ضد الطالب، وعنف من الطالب ضد المدرس، وعنف من الطالب ضد الطالب. الحقيقة أن ما نراه ونسمعه هذه الأيام من حوادث يجعلني أشعر بالذعر والأسى على تدهور القيم الأخلاقية لدينا. ويجعلني أتساءل إلى أين نحن ذاهبون إذا كانت المدرسة التي هي من أهم المؤسسات الاجتماعية، بعد الأسرة، التي تشارك في بناء شخصية أبنائنا وتربيتهم وتعليمهم القيم الأخلاقية تعاني من هذا التدهور فكيف سيكون أبناؤنا بعد عشر سنوات من الآن. فأنا أشعر بأن المدرسة فقدت الكثير من احترامها وهيبتها ومكانتها العلمية والتربوية فهل كنا نتصور في يوم من الأيام أن يقوم طالب بضرب مدرس في الماضي؟ بالطبع لا فكان الوالد رحمه الله يردد دائماً على مسامعنا "من علمني حرفا صرت له عبدا" كذلك كبرنا ونحن نردد بيت الشعر القائل:
قم للمعلم وفه التبجيلا
                               كاد المعلم أن يكون رسولا

إلا أنني أود أن أشير هنا إلى أن ظاهرة العنف المدرسي ليست قاصرة على مجتمعنا فحسب بل هي شائعة في الكثير من المجتمعات الأخرى الغربية والشرقية وآخرها ما حدث مؤخراً في جامعة فرجينيا للتقنية في الولايات المتحدة الأمريكية وقتل أحد الطلبة من أصل كوري لـ 33 طالباً وجرح 22، لكنها تعتبر ظاهرة حديثة في مجتمعنا، وهذا ما دفعني إلى كتابة هذا المقال إذ أرى أنه من واجبنا كاجتماعيين وتربويين وأولياء أمور أن نناقش هذه الظاهرة بصراحة أكثر ونحاول أن نعرف أسبابها. شهد مجتمعنا السعودي الكثير من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية نتيجة لعوامل داخلية وخارجية أثرت على بنائه الاجتماعي وثقافته. ومن أهم العوامل الداخلية للتغير الطفرة الاقتصادية وتداعياتها وما أحدثته من تغيرات كبيرة أهمها ارتفاع مستوى المعيشة وانتشار التعليم للجنسين وازدياد الحضرية واستقدام الأيدي العاملة الأجنبية، ومن أهم العوامل الخارجية ظهور العولمة في السنوات الأخيرة والفضائيات والإنترنت مما أدى إلى الانفتاح على الدول الأخرى وظهور الكثير من القيم الوافدة على مجتمعنا. والأسرة كجزء من هذا المجتمع تأثرت بهذه التغيرات الداخلية والخارجية وحدثت تغيرات كبيرة في بنائها ووظائفها وعلاقات أفرادها سواء بين الزوجين أو بين الآباء والأبناء أو بين الأجداد والأحفاد وغيرها لكن المجال لا يتسع هنا لعرضها. لكن ما أود أن أشير إليه هنا أن الأسرة فقدت الكثير من الوظائف التي كانت تقوم بها فلم تعد الأسرة فقط هي التي تربي الأبناء فأصبح هناك مؤسسات أخرى تساهم في غرس القيم في النشء مثل المدرسة والمسجد ووسائل الإعلام التي أصبح لها دور كبير في نقل قيم المجتمعات الأخرى إلى مجتمعنا، ولم تقتصر هذه التغيرات على الأسرة ووظائفها بل امتدت إلى النسق القيمي، إذ ظهر الكثير من القيم الوافدة التي لم تكن موجودة من قبل مثل قيم الفردية، الانتهازية، الاتكالية، البقاء للأقوى، إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب، وانتشار النزعة المادية، إذ أصبح الفرد يقيم بما يمتلك من مال لا بما يؤمن به من قيم ومبادئ، وأصبح هم الفرد تحقيق أكبر قدر من المال بأقل جهد ممكن، وانتشار النزعة الاستهلاكية التي أصبحت تسيطر على مجتمعنا كباراً وصغاراً نساء ورجالاً وأصبح كل فرد يحرص على اقتناء آخر الصرعات في أسواقنا حتى وإن كانت بالدين والاقتراض، وفي نفس الوقت ظهرت قيم إيجابية نتيجة لهذه التغيرات لم نكن نعرفها من قبل وهي الحرية والاحترام المتبادل والمساواة والديموقراطية وغيرها. أعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية للعنف المدرسي هو أننا نمر الآن في حالة من الاغتراب أو اللا معيارية في مجتمعنا، والاغتراب هو مصطلح استخدم لأول مرة من العالم الفرنسي دوركايم في دراسته للانتحار فوصف الاغتراب بأنه حالة تصيب المجتمعات التي تنتقل بشكل مفاجئ من وضع إلى وضع آخر مما يسبب أزمة اجتماعية تقلب الموازين في المجتمع وتؤدي إلى ظهور القلق عند عدد كبير من الناس كما تؤدي إلى زلزلة القيم الشائعة وإشاعة اللامعيارية، وفي هذه المرحلة يفتقد الفرد التوجيه والإرشاد ويشعر بالتخبط فما كان يؤمن به في السابق لم يعد مناسبا في الوقت الحاضر، وما يراه في المجتمعات قد لا يتناسب مع مجتمعه لذا يشعر بالضياع القيمي فلا يعرف الصواب من الخطأ والحلال من الحرام، وأكد دوركايم أنه في هذه المرحلة تحدث الكثير من المشكلات الاجتماعية نتيجة لفقدان المجتمع للمعايير الواضحة، وما نراه من عنف مدرسي أو أسري أو حتى ظاهرة الإرهاب ما هو إلا مظهر من مظاهر الاغتراب واللامعيارية في المجتمع. أعتقد أننا للأسف الشديد نمر في هذه المرحلة، لذا فإن علينا جميعا كأولياء أمور ومعلمين وتربويين أن نعي خطورة هذه المرحلة ونعرف كيف نتعامل معها بوعي وصراحة وأن ندرك حقيقة التغيرات التي يمر بها مجتمعنا وأهمية أن نعيد النظر في أسلوبنا في التعامل مع أبنائنا. علينا كأولياء أمور أن نحرص على التواصل أكثر مع أبنائنا ونوجههم ونعرف ماذا يفعلون ومع من يختلطون وكيف يفكرون، وأن نغرس فيهم قيم احترام النفس واحترام الآخرين، واحترام الكبير والعطف على الصغير والصدق والأمانة وأنه ليس القوي بالصرعة ولكن القوي من يملك نفسه عند الغضب، علينا كمعلمين ومعلمات أن ندرك التغيرات التي حدثت في مجتمعنا وأن نعرف أن الأسباب التقليدية والضرب والشدة في التربية لم تعد مناسبة في الوقت الحاضر فمن المرفوض تربويا ونظاميا استخدام الضرب أو العنف البدني أو اللفظي ضد الطالب بل يجب أن نعزز فيه الثقة بالنفس والاحترام المتبادل وأن احترامه لنفسه يفرض عليه احترامه للآخرين وأن يكون المدرس أولا وقبل كل شيء قدوة حسنة في سلوكه وفي تعامله مع طلابه، كما يمكن للدين أن يلعب دورا هاما في تهذيب أخلاق أبنائنا من خلال الخطب التي تقدم في المساجد والمناهج الدينية التي تدرس في المدارس، فمدرسو المواد الدينية يمكن أن يكون لهم دور فعال في توجيه أبنائنا إذا ما أدركوا أهمية المسؤولية الملقاة على عاتقهم، فنحن كمجتمع متدين يجعل للمواد الدينية تأثيرا كبيرا على أبنائنا، لكنني وللأسف الشديد أشعر بأن الدين أخذ يفقد تأثيره على أبنائنا ولم يعد ينهى عن الفحشاء والمنكر، فالكثير من أفراد مجتمعنا يفهمون الدين على أنه عبادات فقط، فطالما أنهم يصلون ويصومون فهم أدوا واجباتهم الدينية، فيبيحون لأنفسهم بعد انتهاء الصلاة الغش والكذب والنفاق والخداع وإيذاء الناس والتلفظ بالكلمات النابية على الآخرين، وينسون أو يتناسون أن الدين المعاملة، كذلك يجب على وسائل الإعلام أن تدرك المسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقها فيجب أن يحرص المسؤولون عن هذه القنوات الإعلامية على انتقاء ما يقدم من برامج والكشف عن القيم التي ستغرسها في أبنائنا، فهي السلطة الثالثة في المجتمع بعد الأسرة والمدرسة، أخيرا أرى أنه لا بد من وضع قوانين وتشريعات واضحة وصريحة وحاسمة تحمي المدرس والطالب معا، وأن تحترم هذه القوانين وتطبق على الجميع بلا استثناءات حتى نعيد لهذه المؤسسة هيبتها ومكانتها التعليمية والتربوية المرجوة منها.
 
 
 

 أطبع التحقيق أرسل التحقيق لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6335826 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة