|
افتتاح عيادة متخصصة للعنف والتحرش الجنسي ... أول سعودية تتخصص في الطب الشرعي: أمضي وقتي بين «الجثث»! |
القراء :
8879 |
الدمام - الحياة -
تمضي الدكتورة منال سعيد باموسى الجزء الأكبر من وقتها بين جثث المتوفين أو الأحياء الذين تعرضوا للعنف، فهي صاحبة تجربة عريقة، كونها أول طبيبة سعودية تتخصص في الطب الشرعي، وأثبتت من خلال ذلك جدارة المرأة السعودية، وجرأتها في الوقوف أمام الجريمة، وكشف أدق تفاصيلها وجلاء الحقيقة من الغموض.
بدأت باموسى مشوارها مع الشق العملي من الطب الشرعي منذ ثلاثة أعوام. وكشفت لـ«الحياة» عن تفاصيل تتعلق بعملها الجنائي الشرعي، مؤكدة زرع بذور التفاؤل للنساء والأطفال المعنفين. وقالت: «قبل أقل من عام تم افتتاح عيادة متخصصة للنساء والأطفال الذين يتعرضون للعنف والتحرش الجنسي، وتم تجهيزها بأحدث الأجهزة، وكان من بينها جهاز تم جلبه بإشراف من رئيس القسم الدكتور أسامة المدني، للكشف عن غشاء البكارة على أيدي طبيبات متخصصات، فيما كانت تلك المهمة تناط إلى أقسام الولادة والأطفال في المستشفيات. وخلال الفترة التي مضت كشفت العيادة عن جوانب مخفية من قضايا التحرش الجنسي». وعلى رغم جهل الكثيرين بافتتاح تلك العيادة، التي تتعامل مع القضايا «بسرية تامة»، إلا أن أعداد من يرتادونها «تفوق التوقعات»، بحسب باموسى، التي تضيف: «العديد من الآباء كانوا يرفضون أن يفحص طبيب بكارة ابنته، وهذا الأمر قلل من التردد على المستشفيات».
وأوضحت ان «القسم يحوي ثلاث طبيبات شرعيات، أنا واحدة منهن، والطبيبة الرابعة في مدينة جدة، ولا يوجد غيرنا»، مشيرة إلى قلة الطواقم النسوية في الطب الشرعي «بسبب تدني مستوى الوعي بأهميته بين النساء، فالطبيبات الأربع لن يتمكن من تغطية مناطق المملكة بأكملها»، مستدركة ان «بعض العائلات تأتي إلى العيادة بكل شجاعة، مطالبة بفحص غشاء بكارة ابنتها، بسبب تعرضها لتحرش جنسي، ولا تنتظر حتى الحصول على خطاب من الشرطة، لشدة تخوفها، والبعض الآخر ما زال يعتقد انه لا توجد طبيبات شرعيات مختصات، فيحجم عن زيارة القسم».
وحول نسب التحرش وأعداده، أوضحت «الأعداد موجودة، والنسب ترتفع، والمخفي أكبر، فمن خلال عملنا لاحظنا أن الأعداد في تزايد، وهؤلاء ممن يدركون أهمية الموضوع، فكيف تكون الحال بالغافلين؟».
وأشارت باموسى إلى كيفية التواصل مع الجهات الأمنية حول القضايا الجنائية، إضافة إلى قضايا تعذيب الأطفال ووفاتهم، نتيجة تعرضهم إلى عنف من جانب أسرهم، قائلة: «بين الطب الشرعي والقضاء علاقة وطيدة، وكذلك الحال مع الأجهزة الأمنية، التي يتم التواصل معها عبر إرسال وتحويل الحالات من أقسام الشرطة، وفي حال الوفاة يتم الكشف عن الجثة ظاهرياً بعد وصولها، ونحاول معرفة سبب الوفاة، وإجراء تشخيص كامل في شكل ظاهري، وندون تقريراً شرعياً، ونرسل المعلومات في غاية الدقة والسرية».
وذكرت ان ارتفاع القضايا الجنائية «أوجب على القسم تجهيز الخدمات السريعة كافة، وإرسال التقارير بصورة مفصلة»، موضحة ان معرفة سبب وفاة هذه الطفلة، وتلك الخادمة المعذبة من جانب الطبيب الشرعي يوجب عليه ان «يتحلى بالصبر والمصداقية، ليكون على ثقة أن هذه هي الحقيقة».
ولم تنكر الحقيقة التي يكتنفها الغموض والصمت أحياناً في القضايا الجنائية، وتعبر عن ذلك بكلمات مختصرة «كل ما نتخيله ونعتقد أننا نشاهده فقط على التلفزيون من جرائم وغيرها موجود في الواقع»، مؤكدة الدور الذي يربط بين قسم الطب الشرعي ومختبرات السموم، إذ تعتبرهما «وجهين لعملة واحدة، فعادة نتسلم العينات من قسم السموم، ونفحصها لمعرفة الأسباب، سواءً مخدرات، أو أدوية، أو منبهات، وبحسب تقرير الطبيب الشرعي تظهر النتائج، ويبدأ طرف الخيط من قسمنا، خصوصاً أن بعض الحالات تتطلب عينات حشوية، فنضطر إلى أخذها من الكبد، أو الكلى، أو الأمعاء. وهذا يعود بحسب الاشتباه في طبيعة الحالة، والأجهزة في مركز مراقبة السموم تساعدنا على إكمال العمل».
... فتيات لا يستسلمن للعنف
تتحدث الدكتورة منال باموسى - أول طبيبة سعودية تتخصص في الطب الشرعي - عن واقع المرأة المعنفة، التي «أصبحت تخرج عن صمتها، بعد أن بدأت الجهات الحقوقية تبحث عن كيفية حمايتها». وتقول: «النساء بدأن يستوعبن معنى التعرض للعنف، وترددهن في رفع شكوى حول ذلك لم يكن كما كان سابقاً، على رغم أن التشدد والنمط التفكيري السائد في المجتمع ما زالا موجودين، فمن يصمتن أكثرهن ممن تكلمن وكشفن عن مشكلاتهن، فالأعداد تتزايد على رغم الوعي الحقوقي، والتركيز على قضايا المرأة التي توليها حكومة المملكة عناية خاصة، من خلال منحها حقوقها كافة».
وتختتم حديثها، باستعادتها شريط ذكريات حين سجل اسمها كـ«أول طبيبة شرعية في المملكة، فلم تكن هناك امرأة من قبلي كي أستفيد من تجربتها وأستقي من خبراتها وجرأتها، وعلى رغم ذلك مضيت في هذا المشوار وتفوقت فيه، بعد أن تعرضت لعدد من المواقف أثناء وجودي في ميدان العمل، لأكتشف أنني قادرة على المواصلة والعطاء، وعملي يتطلب تحقيق العدالة من دون غش ولا خداع، فالمصداقية أمانة في عنقي، وأنا عاهدت الله ثم وطني على تحقيقها».
|
أطبع
التحقيق |
أرسل التحقيق لصديق
|
|