فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

دعوة إلى صياغة مذكرة رسمية لتعريف العنف الأسري

القراء : 2526

دعوة إلى صياغة مذكرة رسمية لتعريف العنف الأسري
 
ندوة الاقتصادية  - عبد العزيز المبحل 

دعا مسؤولون ومختصون في العلاقات الاجتماعية والأسرية إلى ضرورة صياغة مفهوم محلي للعنف الأسري, على أن يتم ذلك بالتنسيق مع جمعية حقوق الإنسان ووزارتي العدل والشؤون الاجتماعية. وجاءت الدعوة ضمن توصيات "ندوة الاقتصادية" حول العنف الأسري, التي أكدت أن العنف الأسري بات يأخذ شكل الظاهرة لدينا, ويقع ضحيته في الغالب الطفل والمرأة والمسن والمعوق.
وأكد المشاركون ضرورة صياغة التعريف المحلي للعنف, باعتبار أن تقدير مسألة العنف قد تختلف من مجتمع إلى آخر.
وفي مايلي مزيداً من التفاصيل
 
التطور الاجتماعي والاقتصادي والتقني أثر في الفرد والمجتمع ويتصادم في بعض تفاصيله مع الموروثات لكل مجتمع، والرحمة والعطف على الصغير والمسن من أهم تقاليدنا العربية وقيمنا الإسلامية، وبروز ظاهرة العنف الأسري بين الأزواج أنفسهم وبينهم وأبنائهم بحيث تجد طفلا يعاني نزيفا في المخ بسبب ضرب مبرح من أحد الأبوين، لهو أمر بالغ الصعوبة، ومسن قد تخلى عنه أهله لعجزه هو مصير كل منا يهابه ويحزنه، وزوج ترك أبناءه يعانون الحاجة والعوز وهو يتمتع في بحبوحة من العيش مع زوجته الشابة الجديدة بأنانية وتبلد من الحس عجيب، هذه المناظر لم تكن منتشرة في مجتمعنا وبدأت تظهر على السطح ولتوضيح أسباب العنف الأسري وما يخلف من أضرار اجتماعية بعضها غير قابل للعلاج، جمعت الاقتصادية نخبة من المختصين والأساتذة والمسؤولين من العنصر الرجالي والنسائي ليكون علاج العنف أدق وأشمل وتحديد أسبابه أكثر موضوعية وإلى الندوة:

هل العنف في المجتمع السعودي ظاهرة جديدة أم أن ما يحدث خلف الأبواب المغلقة أكبر من الظاهر على السطح؟
الردادي: في تقديري أن ظاهرة العنف في السنوات أخيرة تشعبت وظهرت كثيرا بسبب عوامل نشرها في وسائل الإعلام وبالتالي ظهر السؤال: هل العنف لم يكن موجودا ثم ظهر فجأة في المجتمع؟ أم أن هناك سببا معينا آخر لم يتضح؟ أنا في اعتقادي أن أي مجتمع من المجتمعات البشرية لا يخلو من العنف، ولم يكن العنف في يوم من الأيام غير موجود إنما هو موجود بوجود الإنسان و في كل العصور والأزمان، ولكن يختلف العنف من مكان إلى آخر حتى داخل المجتمع الواحد، أيضا يختلف تفسير العنف.
 
ما تفسيرالعنف؟
الردادي:لكل مجتمع تعريف خاص بالعنف، فلا بد أن يكون هناك تعريف محدد للعنف وبالتالي ترى هل هذا العنف متأصل في المجتمع وموجود بكثرة أو غير ذلك، هذا من جانب، ومن جانب آخر، لا شك أن وعي الناس بحقوقهم ووعي المجتمع والعاملين سواء في المجالات الاجتماعية أو في الصحافة بدورهم في المجتمع أبرز هذا الجانب.
العنف موجود من قبل، ولم يكن وليد السنوات الأخيرة، على سبيل المثال نحن في وزارة الشؤون الاجتماعية نتعامل مع العنف منذ عدة سنوات، لدينا إحصاءات عن كثير من حالات العنف التي توجد في الدور الإيوائية فمن تم إيوائهم سبب العنف، ربما لا تكون الظاهرة كل الاهتمام بالدرجة نفسه التي حدثت في السنوات الأخيرة، فنحن بدأنا في عام 1421هـ بإنشاء وحدة الإرشاد الاجتماعي وكان الهدف هو فقط وضع رقم هاتف مجاني 8001245005 ويتم الاتصال على هذا الرقم، ويتم توجه المتصل أو المتصلة أين يذهب، هو إرشاد وليس حلا، نحن لا نحل المشاكل ولكن فقط نرشد أصحابها، بعد ثلاث سنوات من تطبيق هذه التجربة، وجدنا فعلا هناك حاجة إلى إنشاء إدارة للحماية الاجتماعية، تكون مؤطرة ومنظمة، وبالتالي أنشئت الإدارة، ولكن مزاولة الوزارة للحماية من العنف كان موجودا في السابق ولدينا حالات كثيرة جدا، وبالتالي ما ينشر في الصحف قد يكون قليلا مما هو موجود في الواقع، حالات قليلة قد تصل للصحف، وقد يختلف العنف وتتفاوت لدرجاته وأنواعه، لكن هناك حالات ربما لا تكون قد وصلت إلى الجهات المسؤولة أو إلى الصحافة بسبب التركيبة الاجتماعية، لكن العنف موجود وهذه طبيعة البشر.

أيهما أكثر: العنف الذي يصل إلى الجهات الرسمية أم الذي يقبع خلف الأبواب؟
الردادي: هذا لا تستطيع أن تحكم عليه، ولا تستطيع أن تقول أيهم أكثر، لأن ما يصل للجهات المسؤولة يصبح معلوما، لكن ما لم يصل يبقى مجهولا، فبالتالي كيف تقيمه، والعنف غالبا يكون محصورا داخل الأسرة، ولا يظهر إلا إذا بلغ مرحلة لا تطاق، ولكن ما دام العنف داخل الأسرة فإنه لا يظهر إلا بعد أن يطفح الكيل، ويصبح لا طاقة لاحتماله ومن ثم لا يستطيع إخفاءه، وإذا زاد عن الحد بالنسبة للراشدين هناك جهات تلاحق العنف بينهم، ومثلا المستشفيات باعتبارها مصدرا قوىا لاكتشاف العنف لأن طبيب الأطفال أو الطبيب المعالج يعرف ما إذا كانت الإصابة في الطفل كالكسور مثلا هل هي من السقوط أو الضرب؟ لكن إذا تكلمنا عن أشخاص رافضين بالذات في موضوع النساء، لا يظهر العنف إلا بعد أن تصل إلى مرحلة عدم الاحتمال تخرج المرأة أو الفتاة من البيت أو تلجأ إلى أحد يساعدها في هذا الأمر.
أل الشيخ: أعتقد أن العنف موجود والدراسات في تقديري قليلة، وأعتقد أن الإشكالية بالنسبة للدراسات أو حتى حالات العنف صعب الوصول إليها، لكن لا نستطيع الوصول لما يحدث خلف الأبواب إلا من خلال نصح كامل للمجتمع حول هذا الداء، ومن هنا نستطيع أن نعرف ما إذا كانت هناك حالات عنف خلف الأبواب أم لا؟، وأنا أعتقد أن ما ينشر أو يذكر حول حالات العنف التي تحدث في المجتمع ليست مبالغ فيها، بل أعتقد أنها أقل مما يحدث بالفعل، وأعتقد أنها ناتجة عن الثقافة السائدة في المجتمع، حتى بالنسبة لعلاقة الرجل بالمرأة والزوج بزوجته، دائما يكون الاحتمال كثيرا عما يحدث ومحاولة عدم إظهار عيوبنا أمام الآخرين، ونحاول عدم الكشف عنها، وحتى لو سجلت الإحصاءات الخاصة بالشرطة عن الحالات المتقدمة التي لا تصل عادة إلى الشرطة إلا بعد مراحل متقدمة، أما الحالات العادية الموجودة في المدارس والبيوت فهي حالات كثيرة أيضا، ولا يتم تسجيلها في الغالب، لا تبلغ المدارس ولا الأسر، وبالتالي لا تصل إلى الشرطة إلا في حالات قليلة.

لماذا لا تقوم المدارس بالإبلاغ عن حالات العنف التي تصل إليها؟
آل الشيخ:أعتقد أن النظام الموجود في المدارس من خلال عمل الإخصائيات الاجتماعيات، فعملهن محصور في محاولة معالجة المشاكل البسيطة، لكن المشاكل التي تكون متعلقة بالأهل، فيكون هناك رفض كامل منهن للخوض في هذه المشكلات، ولا يقبلون التعاون في مثل هذه الأمور، ولهذا يكون دور الأخصائية الاجتماعية محصوراً في المدرسة فقط وليس خارجها، فحتى لو لاحظت حالات تعرض خارج المدرسة فيكون دورها مقيدا ومحصورا بما يحدث داخل المدرسة فقط، وبالتالي نحن نحتاج إلى توعية المجتمع بكيفية التعاون مع الأهالي من خلال المناهج الدراسية والثقافة السائدة ومن خلال الإعلام والتعامل مع الصغار بشكل عام. والعادات السائدة دائما تهمل حق الطفل، ولا يعطيه الكبار الحق في الكلام أو التعبير عن آرائه، والقمع موجود وسلطة الكبير هي المسيطرة، رغم أن الدين الإسلامي حث على التعامل الحسن مع الطفل، لكن الإشكالية أن التعامل لا يكون من المنظور الديني وإنما من مفهوم الثقافة السائدة، فتعامل الزوج وزوجته دائما نجد أن الآية الكريمة تقول "وعاشروهن بالمعروف" ومع ذلك نجد حالات عديدة في المجتمع تبين وتعكس الحالة التي أصبحت ظاهرة وليس حالات بسيطة.

منذ متى بدأت هذه الظاهرة، ما تاريخها؟
آل الشيخ: لا أعتقد أن هناك تحديدا لموعد هذه الظاهرة لأنها متى أتيح لها المجال لتظهر، من أعوام بسيطة بدأنا نتكلم بجرأة، إنما هي موجودة منذ القدم.
العجروش: الظاهرة موجودة أكيد، منذ زمن بعيد وليست وليدة هذه الأيام وبدأت تتزايد مع تزايد السكان، وأعتقد أنه لو كان هناك وعي في المجتمع لاستطعنا تخفيف الظاهرة بنسبة 50 في المائة. وجزء من الظاهرة موجود نتيجة الأمراض النفسية التي يمكن أن نعالجها فقط بالأدوية. وإذا عرفنا أن نميز بين الأمراض النفسية القوية فيمكن أن نقلل من حالات العنف، وبالنسبة لمعدلات حالات العنف أو الأمراض النفسية، فإننا لا نملك إحصاءات تحدد لنا ذلك، والعنف حالاته وأشكاله متعددة فهناك العنف الجسدي والعنف اللفظي وأيضا الجنسي.

هل هناك إحصاءات حول نسبة العنف الظاهر والعنف الخفي؟
العجروش:أعتقد أن الذي لم يظهر أكثر بكثير، لكن لا توجد إحصاءات كما ذكرت، ما لم يظهر هو أعظم بكثير لأننا مجتمع يحرص على عدم المجاهرة بالعيوب والسلبيات، نحافظ على أسماء العوائل، لا نخرج أسرارنا للناس، هذا جزء من تقاليدنا وعاداتنا، لا مجال لأن نشتكي إذا كانت المدارس لا تستوعب بعض القضايا، المستشفيات أيضا لا تستوعب أو تحمي الأشخاص وأفراد الشرطة غير مؤهلين للتعامل مع القضية نفسها.

إذا كان أفراد الشرطة غير مؤهلين، فلماذا يتعاملون مع القضايا؟
العجروش:يتعاملون لأن الحالات تأتيهم ويضطرون للتعامل معها لأنها تأتيهم لكنهم غير مدربين للتعامل معها، فهذه هي القضية، أيضا المدارس الحالات موجودة، وإذا تجرأت الإخصائية الاجتماعية وكلمت الأهالي، فما يحدث أن الأهالي يسحبون الطفل ويتركون المدرسة إلى مدرسة أخرى.

لماذا لا يكون هناك نظام أو قانون يحمي هذا الطفل من الانتقال من مكان إلى آخر ومتابعة حالته؟
الآليات هي الناقصة، كيف نجمع الشرطة مع المدارس والمستشفيات؟ كيف نجعل الجميع يتعاون مع هذا الأمر؟ هذا هو ما يجب أن نعمل عليه.
اليوسف: رؤيتي لهذه الظاهرة أنه يجب أن نكون حذرين في تناولنا لها والحديث عنها، فالعنف الأسري في كل بلاد العالم دائما يتحدث عن قمة هرم الثلج، أي ترى رأسه ولا تعرف حجم قاعدته لاعتبارات تحدث عنها الزملاء تتعلق بأن مجتمعنا بل والكثير من المجتمعات لا يريد أن يتحدث عن خصوصياته أو أنها تخرج من نطاقها الأسري مهما كان.
أنا أعتقد أن هناك إشكالية في مفهوم الظاهرة وأظن الأستاذ الردادي تحدث عنها في أكثر من موقع، ووزارة الشؤون الاجتماعية حريصة على هذا.
إننا لا نريد أن نكون مسخا من أوروبا أو أمريكا، لنا خصوصيتنا الإسلامية، بدءا يجب أن نعرف ونحدد مفهوم العنف، مثلا لو تقبل طفلاً على خده في أمريكا يعتبر ذلك تحرشا جنسيا، أما عندنا فهذا نوع من العطف والحب، ولهذا فهناك خصوصيات ثقافية لكل مجتمع، وما يقع في الصحف هي الحالات المتطرفة أو المرضية، ونعتقد أن الذي يصل هو العنف المبالغ فيه الذي تكتب عنه الصحافة وهذه حالات مرضية، ويجب أن نفرق بين الحالات المرضية وحالات العنف غير المقبولة مثلما تحدثت الدكتورة حصة.
حالات العنف غير المقبولة مرتبطة في تقديري بعدة قضايا وهي وعي المرأة بحقوقها، ووعي الطفل، المرأة في السابق لم تع بأشياء كثيرة وهي الآن تطالب بها،وبدأت تقف ندا مع الرجل وتقول لي حقوقي، هذا الوعي لم يتزامن مع وعي الرجل فالسلطة دائما لا أحد يريد التفريط بها، أنت لا تريد أن تفرط في السلطة ولكنها تؤخذ، هذا الوعي سبب إشكالية، نقرأ في الصحافة مثلا ذلك الرجل الذي وضع امرأته على طريق الملك فهد ثم ذهب يشاهد برنامجا تلفزيونيا، أعتقد أن هذه حالة مرضية، أن تترك زوجتك هكذا في الطريق العام، أنت لا تريدها، أعدها لأهلها، وليس بهذا السلوك تفعل، هذه حالة مضطربة.
أنا أريد أن أركز على قضية المفهوم، لأن عندنا إشكالية، كل من يخوض في هذه الظاهرة لا يحدد المفهوم، كل يضع مفهوما، ويعبث فيه، في الفضائيات والصحافة، نحن عندنا رسالة كمتخصصين في علوم الاجتماع، إذن المفهوم لا أحد يقبل أن تهدر كرامة الطفل أو المرأة، ولكن في الوقت نفسه لا نريد بعد العائلة. كثير منا درس في الخارج، في أمريكا مثلا إذا حدث أي خلاف مع الابن أو الزوجة نجد أن البوليس يتدخل في أدق تفصيلات حياة الأسرة.
طرحنا يجب أن نتأكد منه، فلا ندفع به المجتمع إلى أشياء خطرة، هل نريد النظام الغربي الجواب لا؟ لا نريد حرية مطلقة للطفل 100 في المائة، وفي الوقت نفسه لا نريد سحقا له.

كيف نصل إلى حالة التوازن؟
اليوسف:حالة التوازن، أعتقد أن الإعلام مسؤول، بطرح مفاهيم، هناك من يرتزق من وراء الظاهرة، هناك من يحب أن يظهر في الإعلام ليتحدث عن الظاهرة والناس دائما تحب الإثارة، ولكن هل إذا أنا تعاملت مع خمس حالات من العنف فهل معنى ذلك أن كل المجتمع السعودي يمارس العنف ضد الزوجة وضد الأب؟ أقول إن هناك حالات شاذة لكن المجتمع ولله الحمد فيه الخير، نحن من أسر نحب أطفالنا ونحن زوجاتنا، ولذلك لا يجب أن نغالي في تقييم الظاهرة، نحن دائما بطبيعتنا عاطفيون. الظاهرة من حيث الوعي بها، هناك وعي كبير، وبالتالي لو سألت الناس أيوجد عنف؟ قالوا نعم، مع كم حالة تعاملت؟ من يقول خمس، كيف إذن نخرج من ذلك بحكم يحدد نسبة الظاهرة، ، والواقع ليس هناك مشكلة وأنا أقول ذلك ومسؤول عما أقول، ومن خلال الإحصائيات و البحث الذي أجريته، ليس هناك مشكلة، هناك كما ذكرت واقع الظاهرة ومفهومها.

من خلال دراستك للعنف في مجتمعنا ورأيك إنها حالات لم تبلغ حد الظاهرة، أين نحن قياسياً للمجتمع الغربي؟
اليوسف:إذا أردت أن تضع المقياس الغربي، هناك لو صوتك ارتفع يمكن أن يأتي البوليس وتسجن، لو زوجة اشتكت أن زوجها مارس العلاقة الزوجية دون رضاها أدخل السجن، هذا حق من حقوقها، هل هذا يعتبر عنفا؟
أنا أتابع أناسا الآن يهللون للثقافة الغربية في مجتمعنا، أنا لا أريد ذلك، وفي الوقت نفسه لا أريد أن تسحق المرأة، المرأة هي زوجتي وأمي وحبيبتي، أريد أن أوصل رسالة: ليس لدينا مفهوما واضحا ننطلق منه، ويجب أن نتفق على المفهوم، ما ينشر في الصحف هو حالات مرضية، القنوات الرسمية يجب أن تضع المفهوم، المدارس يجب أن توعي الطلاب بالحقوق والواجبات وكما تريد الزوجة حقوقا فإن عليها واجبات.
كيف تتعامل مع العنف الأسري؟ لكل فرد حقوق وواجبات، الزوج والزوجة، العنف هو حالة غضب من الآخر، ويجب علينا التنازل هو يخطو خطوتين وهي كذلك حتى يلتقيا، أريد أن أؤكد أن وزارة الشؤون الاجتماعية تتعامل مع العنف، لكن لا يتعاملون مع حالات سوية، أود أن يبذل جهد حقيقي من كل جماعات حقوق الإنسان، من الجامعات، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة العدل، لصياغة مذكرة أو وثيقة حول المفهوم الذي نرتضيه، ويأتي أناس معتدلون في رأيهم يضعون هذا المجتمع، في موقعه الصحيح وإلا فنحن نتحدث إلى زاوية ستكون خطيرة، وهي أن نبالغ ونجرد الأسرة من خصوصياتها وحقوقها، ، فمهما اختلف الزوجان لا أحد منهما يقبل إفشاء خصوصياتهما، ثم بعد ذلك ينتهي الخلاف وستجدهما يضحكان، ما أريد أن أركز عليه هو أن الوعي بالظاهرة كبير، واقع الظاهرة ليس بحجم هذا الوعي، بمعنى اسأل استشاريا أو طبيبا هل تعتقد أن ظاهرة العنف كبيرة، ولكن هذا الوعي لا يتزامن مع الأرقام.
المنيف: أعتقد أن العنف هو ظاهرة عالمية وليس استثنائي على أي مجتمع، فهي موجودة في المجتمع السعودي، وهل هي في زيادة أم نقصان؟ هذا سؤال صعب الإجابة عنه. لكن هناك نقطتان مهمتان لابد من الحديث عنهما، أولا: المشكلة موجودة، لكن ظهرت على السطح وأعتقد للإعلام دور مهم في ظهورها على السطح، والذي ظهر الحالات المرضية أو الاستثنائية. الأمر الثاني، أعتقد أن المشكلة زادت كما وكيفا في المجتمع السعودي، دعوني أتكلم من منطلق عملي كطبيبة ورئاستي لجنة حماية الطفل من عام 1999، ومنذ ذلك الوقت ونحن نعلم الأطباء كيفية التعرف على أعمال إيذاء الأطفال في قسم الطوارئ، فليس كل طفل يأتي رجله مكسورة يكون قد هوى من الدرج فكسرت ساقه كما يقول الأب، فمن الممكن أن تكون الحالة ضمن أفعال العنف الأسري، وهذه الحالات هي التي نريد اكتشافها. ومن الجانب الآخر ليس من المعقول أن نكذب كل أب، لكن هناك حالات تكون كذلك من ضمن العنف الأسري، ويحاول الأب الكذب لإخفاء الأمر، لكن وجدنا أن بعض الحالات لا تندرج تحت العنف الأسري إنما هي مشكلة صحة عامة يجب التعامل معها كالتعامل مع أي مريض موجود في المجتمع، مثل تعاملنا مع مرض الدرن وكيف حاولنا القضاء عليه؟ كيف تعاملنا مع الإيدز؟ المفروض أن نتعامل مع العنف الأسري كأي مشكلة صحة عامة من ناحية الوقاية وناحية التعرف على المرض وبالتالي الوصول إلى العلاج.

هل العنف ظاهرة أم حالات معينة، وهل هي متفشية ومتزايدة أم هي حالات عادية؟
المنيف: لا نستطيع أن نقول إنها ظاهرة، لأنه من الصعب أن نقيم المشكلة ونقول إنها ظاهرة، هل وجود الإيدز عندنا ظاهرة؟ لدينا حالات إيدز لكن ذلك لا يعني أنها ظاهرة، لدينا حالات عنف أسري، ولكن هذا ليس ظاهرة، هي موجودة ولكنها في ازدياد كما وكيفا، في المستشفى كنا في عام 99 نستقبل سنويا من 4 إلى 6 حالات عنف أسري وهي حالات إيذاء أطفال أو ضرب مبرح، يأتي الطفل وهو مصاب بنزيف داخلي في الدماغ وعدة كسور، ولكن هذا العدد الآن هو في ازدياد، ففي السنة الحالية 2006 استقبلنا في الأشهر الستة الأولى ثماني حالات، أي أن الزيادة في الكم وكذلك لاحظنا الزيادة أيضا في النوع، حيث كانت هناك بعض الحالات التي تحتاج إلى العلاج في أقسام العناية المركزة، وكانت الحالات التي تأتي في السابق حالات بسيطة بينما الآن حالات نزيف في الدماغ وعدة كسور ونزيف في البطن.
نقطة أخرى تحدث عنها الدكتور اليوسف، أود التركيز عليها، وهي أن سبب ظهور هذه الحالات زيادة وعي المرأة، خاصة من ناحية إيذائها، حيث تطور الأمر كي تخرج المرأة لتقول إنها تتعرض لعنف وإيذاء بينما كانت تتحمل وتصمت في السابق، وأنه كانت هناك أشياء كثيرة تحدث في البيت، الكل يحاول التغطية عليها، حتى إذا طالعت التقارير الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية نجد أن حالات العنف المبلغ عنها من منطقة مكة المكرمة والمنطقة الشرقية أعلى بكثير من منطقة الرياض، هل هذا يعني أن الإيذاء والعنف الأسري أعلى في هذه المناطق وأقل في الرياض، مع أن الرياض الأكثر ازدحاما والأكثر ضغوطا نفسية واقتصادية واجتماعية، لأنها هي العاصمة، أعتقد أن المرأة هناك في هذه المناطق لا تخجل عن ذكر ما تعانيه، بينما في الرياض لا تجرؤ على المجاهرة والشكوى.

هناك إحصائية صادرة من وزارة الشؤون الاجتماعية تقول إن أعلى جهات عنف أسري هي في الرياض بنسبة 60 في المائة؟
المنيف: عندما تطالع حالات العنف الأسري بصفة عامة، من ناحية مشاكل الزوجة الضرب مثلا وأنا اطلعت على بعض هذه الإحصائيات فتجد في منطقة مكة المكرمة التي هي أصغر من منطقة الرياض من ناحية الحجم والكثافة السكانية، تجد 25 حالة عنف أسري إيذاء زوجة في مكة المكرمة بينما تجد في الرياض 60 حالة، وأعتقد أن ذلك يرجع إلى أن واقع المرأة في هذه المناطق وصل إلى وعي أكبر من المرأة في منطقة الرياض، حتى في الرياض تجد المرأة في مناطق البادية مختلفة من حيث درجة الوعي من المرأة في شمال الرياض، وبالتالي هناك تفاوت، ولهذا لا نستطيع أن نقول إن هذه ظاهرة، هذه في ازدياد مثلنا مثل أي مجتمع آخر ولا نختلف عن أي مجتمع، ولا أعتقد أننا سيئون لدرجة أن نقول إن المجتمع السعودي هو مجتمع عنف، هذا غير صحيح. لكن الصحيح أن الظاهرة في ازدياد في الكم، والكيف، كما أن نوعية حالات الإيذاء التي أشاهدها حاليا هي أكثر وأشد خطورة مقارنة بالسنوات الخمس الماضية.
كما أنه في مجال مدى ظهور حالات العنف الأسري ونكتشفها من خلال المؤسسات التي نعمل فيها، أقل من الموجود في البيوت وهو أكثر بكثير من الحالات التي نواجهها، وأعتقد أن ما نراه أو نشاهده عبر ما ينشر في الصحف هو من 1 إلى 5 في المائة.
لكني أختلف مع الدكتور اليوسف في نقطتين: الأولى في مفهوم العنف الأسري، فأنا أعتقد أن العنف الأسري هو موجود ومعروف في كل المجتمعات، لكننا لا نتطرق إلى اليمين أو اليسار، نحن نقف في الوسط، أي العنف الأسري موجود، ضرب المرأة هو عنف أسري وموجود في المجتمع السعودي، والأمريكي والألماني، والبريطاني والأردني، هذا عنف وعندما تجيء إلى الخلافات الأسرية أو الزوجية، هذه لا نريد أن نخلط الأوراق، فعندما نتكلم عن ضرب الطفل من أجل التأديب، ونحن كمجتمع لنا ثقافتنا من ناحية تأديب الطفل ولا نعتبره عنفا، ومن الصعب أن نعتبر من ضرب ابنه ضربا أو صفعه صفعة بسيطة، أسميها عنفا أسريا، دعونا نركز على مشكلة الأب الذي يضرب ابنه ويأتي الطفل وبه كسور عديدة ونزيف داخلي ومشاكل صحية كبيرة وكدمات في جسمه، كما نركز على الزوج الذي يضرب زوجته وتأتي في حالة إجهاض، دعونا من الخلافات العائلية البسيطة.
الرميح: هذه الندوة تعالج قضية حساسة نقرأ عنها كثيرا في الصحافة والإعلام ومن خلال مسلسلات تصور العنف وكأنه النموذج السائد وما نراه في المسلسلات الخليجية، أيضا كثير من الظواهر الاجتماعية توجد ولكن أين الباحثون لدراسة هذه الظواهر؟ وأعتقد أن وزارة الشؤون الاجتماعية حرصت على دراسة كثير من الظواهر ونشكرها على تبني دراسة ومتابعة العنف الأسري، وأعتقد أنها تبنت وتجتهد في القيام بدورها لتفعيل كثير من القضايا، وبالتالي عندما نتحدث عن الأرقام والإحصائيات فإنها سابقا كانت شبه معدومة ونتكلم بلغة العموم، أعتقد أننا سائرون وأن وزارة الشؤون الاجتماعية نشيطة في قضية البحث العلمي، خاصة ذات الشأن الاجتماعي. وأعتقد أن ظاهرة العنف الأسري ظاهرة موجودة في مجتمعنا وهي في تزايد في الحجم والنوع وفي جميع الفئات، فنجد المسن يتعرض للعنف والطفل يتعرض للعنف، الزوجة، الخادمة، كما أصبحنا نتعرض لعنف الشارع، نسمع الكثير من العنف اللفظي، أصبح العنف أيضا في العمل محيطا بنا من جميع الجوانب، والعنف أصبح كظاهرة ملموسة وهذا محصلة لتغيرات في المجتمع، وصحيح أن للمملكة خصوصية، ولكننا أصبحنا في مجتمع مع التغيرات الحضارية والتحولات التي مر بها، أخذنا من الغرب كل شيء واحتككنا بالآخر وبالتالي فمن الطبيعي أن جميع الظواهر والأشياء السلبية قد تأتي بطريقة أو بأخرى، طغت الفردية أي لم تتضح ظاهرة العنف إلا بعد أن بدأت تبرز الفردية والتنافس، كما وجدت في الغرب وبالتالي تؤدي للعنف إضافة لوجود ضغوط العمل وضغوط الحياة وبالتالي أصبح الإنسان مشحونا فبدأت ظاهرة العنف الأسري في مجتمعنا، وأعتقد أنها من الإشكاليات الكبيرة، الإسلام دائما يوضح ذلك في قضية اختيار الزوجين وهي من أدق المراحل في حياة الإنسان، فمن السهل أن يتزوج الإنسان ومن السهل أن يأتي بأولاد لكن من الصعب أن ينشئ أو يربي وأن يكون قدوة حسنة وهذه بلا شك عملية صعبة، ولذلك من المهم جدا قضية الاختيار فهي الأساس، ومهم لنا جميعا أن نبرز قضية اختيار الزوج واختيار الزوجة.

هل الاختيار متاح في مجتمعنا السعودي؟
الرميح: أعتقد أنه متوافر في الغالب الأعم، أعتقد أن عاقد الأنكحة مسؤول أمام الله وأمام القانون أن يتحرى الصدق، لو أكرهت يأتي بالشهود ويسألهم إن كانت قد وافقت أم لم توافق، ولو تجنوا عليها يتعرضون للعقوبة، ومن هنا فأنا أعتقد أن العنف هو حالة تراكمية وأود أن أضيف هنا أنني أختلف مع الدكتورة مها المنيف، نحمد الله أن الطب التقليدي توقف قبل 150 سنة و إلا كادوا يرون أن المرض فقد أسبابه العضوية الوظيفية ليس إلا، ولكن الحمد لله أنه في تلك الفترة الطب تقدم وبالتالي أغلقت الجوانب الأخرى ولكن نجد الآن المنهج الشمولي وهو الإيمان بالجانب النفسي وأثره في المرض والجانب الاقتصادي والاجتماعي فالظاهرة هي ظاهرة اجتماعية نشعر بها في المنزل، في الشارع، في أي مكان فهي ظاهرة اجتماعية وأعتقد أن من المهم جدا أن ندرس بعناية ومن جوانب وزوايا مختلفة.
وعندما نأتي لوعي المرأة، أعتقد أنه مازالت المرأة لديها الوعي ولكن مازالت مكبلة، وعندما ذكرت الدكتورة مها عن المرأة في مكة المكرمة والشرقية طبعا فيه نوع من المرونة وفي الرياض عندما تحدثت عن الحجم لكن نجد التقاليد، وأرى أن وعي المرأة موجود لكن تبرز أشياء أخرى تقضي على هذا الوعي وبالتالي من الصعب جدا للإنسان أن يكشف عما يواجه من ظواهر عنف.
وعندما تحدث الإخوان عن العنف وما يطرح في الإعلام كثيرا عن حالات متقدمة لكنها ليست مقياسا، فعندما نقرأ حادثة هزت المجتمع، لكن العنف موجود وبالتالي ما يعلم وما يطرح وما يصل إلى المستشفيات هي الحالات التي لا يمكن علاجها وبالتالي الطفل أو الزوجة أو الشخص الذي تعرض للعنف في درجة يمكن أن تصل إلى وفاة.
وضربت مثالا عن الدول المتقدمة وكما ذكر الدكتور اليوسف عن أمريكا، أنا أعتقد أنها دولة متقدمة في الحماية ولا يستطيع أحد أن يزايد عليها لأنها تعمل حماية متقدمة ابتداء من المدرسة الابتدائية ووضعت آليات وضوابط دقيقة ما لك من حق وما عليك من واجبات.

هل من الصعوبة تطبيق هذه الحماية في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا؟
د.الرميح: ممكن، لكنها تحتاج لتكلفة، لو جئنا في مدرسة فيها 700 طالب، ووضع إخصائي اجتماعي هل يستطيع هذا الإخصائي أن يطلع و يتابع ويتحسس حال الطلاب؟ بينما في أمريكا، عندما ذهبت ابنتي للمدرسة تجد أن المعلمة كالأم، ونجد أن لديهن رغبة في العمل بإخلاص وبالتالي تكسر الحاجز مع الطالبة، وأصبح من السهل أن تراقبهن خلال عملية الملاحظة والتدريس، فلو لاحظت على البنت شرودا أو آثار ضرب فهي تتحدث معها مباشرة ونعرف منها ما تعاني، ومن هنا فإن المعلمة تكون قد بنت علاقة عاطفية وفي أجواء من الثقة مع البنت تزيل الحواجز وتجعل الفتاة تتحدث وتحكي عما تعاني، ثم تقوم المعلمة بإخبار الإدارة ومن ثم تتولى الإدارة إكمال المهمة والتواصل مع الأسرة وأعتقد أن هذه آلية جيدة وممكنة التطبيق ولكن ذلك يحتاج إلى جهود كثيرة.
قضية البلاغ أعتقد أن هناك في الغرب إمكانات واستعدادات, فكل منطقة لها رجال شرطة, وبالتالي دائما يحتاج الإنسان إلى المراقبة وأن يعلم أنه سيحاسب وعدم المحاسبة تنتج عنه مشكلات كثيرة ولكن أن تتوقع كل شيء, فالأب عندما يأتي فيقول أنا الآمر الناهي وهو غير جدير بذلك, لكن إذا علم أن هناك ضوابط وآليات تستدعيه ويساءل ويحاسب، هنا يبدأ يحاسب نفسه ويراجع مواقفه.
 
قرار بناء المنزل واختيار الزوجة هل المرأة أتيح لها نفس الحق؟ هل قبلت بالزوج؟ فهنا يكون الأساس, إذا وجد التفاهم والقبول فسيكون العنف بالتأكيد عند أدنى درجة, ما رأيكم؟
الرميح: أعتقد أن قضية توافق الزواج هي أساس عملية الاختيار ودائما عندما نتحدث عن ظاهرة العنف قد يكون الاختيار مثلا قضية التفاوت في المستوى التعليمي, قضايا كثيرة, هذه تأتي بمحصلة, الزوج ينظر إلى نفسه أمام زوجته أنه هو المتعلم, وهي لا تفهمه أو العكس هو الصحيح, فهي تعتقد أن مستوى تعليمها أعلى منه وبالتالي فهي تعتبره جاهلا وهنا يكون أو ينشأ نوع من السخرية والحساسية والمعاملة بفوقية وبالتالي تكون المشاحنة اللفظية أولا ثم تتحول إلى مشاحنة جسدية وهكذا, ولذلك أعتقد أن قضية الاختيار عملية مهمة جدا, وهنا من خلال هذه الندوة التي تركز على قضية التوعية للاختيار السليم للزوج والزوجة, فعملية الاختيار هي مربط الفرس, وبالتالي الأبناء هم محصلة هذه الأسرة, والمجتمع هو نتيجة لهذا الأمر ولهذا فإن قضية التوعية والتوافق والاختيار والتقارب مهمة جدا لإنجاح الزواج وخدمة المجتمع.
مداخلة المنيف: أنا تحدثت عن تعريف العنف الأسري قلت إن العنف الأسري هو مشكلة صحة عامة, أنا لم أقل هذا لأني طبيبة لكن هذا هو التعريف النهائي الصادر عن منظمة الصحة العالمية, عندما نتكلم عن مشكلة صحة عامة لا نتكلم عن مشكلة صحة فقط وإنما نتناول ما لها من جوانب اجتماعية ونفسية وطبية, يعني إيذاء الأطفال هو مشكلة طبية, وليس أي طبيب يكون قادرا على الكشف أو التمييز بين الطفل الذي تعرض للإيذاء من عدمه, ولا يعرف أي طبيب كيف يتعامل مع نفسية الطفل المتعرض للإيذاء, فعندما قلت إنها مشكلة صحة عامة لا أتكلم عن كونها مشكلة صحية فقط ولكنها مشكلة صحية لها جوانب اجتماعية ونفسية وجوانب اقتصادية.
مداخلة الردادي: الإخوان أشاروا إلى دور المدارس في الإبلاغ وقالوا إنه ضعيف, لكن لا ينبغي أن نهضم المدارس حقها, ونحن في الوزارة تأتينا كثير من البلاغات من المدارس وبالذات مدارس البنات, وبالتالي تأتي بعض الحالات التي نكتشف من خلالها أن الأسرة كلها تحتاج إلى علاج, تعريف العنف, أنا ذكرت في البداية أن العنف ينبغي أن يعرّف ولو رجعنا إلى منظمة الصحة العالمية فسنجد تعريفات مختلفة لأنها تنطلق من مفهوم مجتمعي في المجتمع, وبالتالي نحن عندما نجتمع مع خبراء من ثقافات مختلفة نجد اختلافات كثيرة ليس في العنف الأسري فحسب ولكن في أمور كثيرة جدا, ولهذا لا يمكن أن يقاس أو يطبق على مجتمع حتى وإن كان المجتمع في المنطقة نفسها, لا يمكن أن آخذ من المجتمع السعودي وأطبقه على المجتمع المصري أو المغربي, فلكل مجتمع خصوصياته, أيضا في المملكة المناطق ليست واحدة في تعاملها وانفتاحها مع أفراد الأسرة, وأشير إلى ما ذكرته الدكتورة مها من إحصاءات تقول إن زيادة عدد حالات العنف من 6 إلى 12, هذا معدل طبيعي, إذا نظرنا كم كان السكان وكم أصبح الآن, ونحن من أكثر دول العالم زيادة في معدلات نمو السكان, نحن لدينا نسبة نمو سكاني تقريبا 4 في المائة سنويا, والإحصاء الأخير ذكر أن 60 في المائة من سكان المملكة أقل من 15 سنة وبالتالي هذا شيء طبيعي, إضافة إلى الضغوط التي تتعرض لها الأسرة وانتشار بعض الأمور التي لم تكن موجودة, وأعتقد أن مؤسسة رعاية الفتيات في الرياض ليست مقياسا فهي تخدم مناطق كبيرة جدا غير الرياض, فنحن لدينا أربع مؤسسات من هذا النوع في الرياض والشرقية ومكة المكرمة وعسير, وبالتالي هذه يحول إليها من جميع مناطق المملكة, ولهذا فإذا ذكر عن مؤسسة الرياض أن هذا خاص بمنطقة الرياض لأنه يختلف لأن العدد يأتي من المناطق كافة.
ظاهرة العنف الأسري لم تكن معروفة في المجتمع قبل بضعة عقود, تفسير هذا هل هو وليد ظروف وتطور المجتمع أم أن وسائل الإعلام كشفت عنها؟
الردادي: لا نستطيع أن نقول إن ظاهرة العنف الأسري لم تكن موجودة, وإنما كانت موجودة ولكن كم كان عدد سكان المملكة وكم أصبح الآن؟ يعني أن عدد السكان عامل وكذلك التطورات التي طرأت على المجتمع عامل آخر, فالنقلة الحضارية التي شهدها المجتمع وما يمكن تسميته تصادم الحضارات والتصادم الحضاري ليس بين الشعوب ولكن بين أجيال يعني ما تربى عليه الأب والأم بطريقة معينة لأن الشباب الجيل الجديد يرون أن هذا ليس من حقهم, وذكر الإخوان والأخوات أن الأطفال بدأوا يناقشون والطفل لم يعد طفل جيلنا الذي كان ينفذ أمر والديه, ويسلم به دون مناقشة, الآن بدأ الطفل يناقش وانتشرت بعض الأمور التي تسببت في تفشي كثير من الأمراض النفسية, كثرة المخدرات والانحرافات.

هل يمكن لضحية العنف أن ينزلق إلى هاوية الانحراف والمخدرات؟
الردادي: هذا وارد, ويمكن للشخص المتعرض للعنف أن يلجأ إلى الانحرافات ومعظم الحالات التي تأتي للوزارة هي لأشخاص مصابين باضطرابات أو خلل نفسي, أيضا لو تعرضنا إلى الفتيات اللاتي يلتحقن بالجامعة ويسكن في سكن الطالبات, ثم تعود إلى البيت فنرى أن هناك اختلافا في بعض سلوكياتها, حيث يحدث نوع من التصادم مع قوانين الأسرة التي تعيش فيها. أيضا فيما يتعلق بوجود التقنية الحديثة, هناك مجال للشك في الفتاة "من تكلمين؟" وهنا قد يحدث التصارع بين قيود الأسرة وسلوكيات الانفتاح التي مرت بها الفتاة نتيجة خروجها للتعليم, والاحتكاك مع مجتمع الجامعة, والآن الشباب يريدون أن ينالوا حريتهم في الخروج من المنزل والعودة إليه كيفما يريدون, والأسرة لا ترغب في ذلك, وهذا شيء طبيعي, إضافة إلى الوعي الموجود, كثرة المختصين في هذا المجال, في الجامعات والمستشفيات وأيضا, الطب تغير وصار ينظر نظرة شمولية, للحالات التي تعرض عليه, في السابق كان يأتي الطفل المصاب فيأخذ العلاج ويمضي دون استفسار من المستشفى, لكن الآن يناقشون ذوي الطفل, والطفل لدى عودته إلى البيت قد يتعرض لإيذاء أكثر, لهذا فإن المستشفيات تستقصي مثل هذه الحالات وتستوثق مما إذا كان الطفل يتعرض لعنف أسري أم لا.
من جانب آخر لدينا حالات كثيرة أبلغت أنها تعرضت لعنف أسري ولكن ثبت في النهاية أن الإبلاغ هو شكوى كيدية ضد الأسرة, هناك أيضا بعض الفتيات اللاتي يرغبن في الحصول على حرية أكثر من اللازم لكن ترى أن والدها يحد منها, ولدينا حالات كثيرة لفتيات اعترفن في النهاية بأنهن لم يتعرضن لأي إيذاء ولكن بعد ذلك تظهر فجوة بينهن وبين أسرتهن وبالتالي يجب أن نعالج مشكلة أخرى نتيجة خروج الفتاة, ومن الصعب تقبلها في بعض الأحيان, لأن شيئا ما يكون قد انكسر بينها وبين الفتاة خاصة عندما يصل الأمر إلى اتهامات أخلاقية تحرش جنسي, ولدينا حالات كثيرة أن البلاغ لم يكن صحيحا, وكثير من الزوجات يبلغن ضد أزواجهن بشكاوى كيدية.
 
التوصيات:
-- ضرورة عمل مذكرة تحدد درجة العنف وعمل القوانين الرادعة لمن يمارسونه ضد الآخرين.
-- بث الوعي المضاد للعنف وتوجيه المجتمع بالحقوق والواجبات لكل أفراده.
-- ضرورة وجود لجان إصلاح ذات البين وإعلام المجتمع بوجودها. الاختيار الجيد من قبل الزوجين وحل الخلافات بشكل وقتي وقبل أن تتراكم وتستفحل.
-- نشر الإخصائيين الاجتماعيين ومضاعفة أعدادهم في المدارس وتوسيع مهامهم داخل المدرسة وخارجها.
-- تشجيع الأبحاث الاجتماعية التي تدرس المجتمع وحاجاته وتعالج مظاهره السلبية.
 
ندوة الاقتصادية - الإثنين, 08 شوال 1427 هـ الموافق 30/10/2006 م - العدد 4767
- عبد العزيز المبحل من الرياض - 08/10/1427هـ

 

 أطبع التحقيق أرسل التحقيق لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6347982 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة