قالت عكاظ (15 مايو) إن محكمة التمييز قد رفضت الحكم الصادر من المحكمة الجزئية في جدة بجلد زوج 50 جلدة لإدانته بضرب زوجته إثر خلاف بينهما. ومما جاء في حيثيات الرفض أن من حق الزوج تأديب زوجته، ومن ثم فلا يُعاقب الزوج مهما فعل في حق زوجته طالما أن بند «التأديب» يشمل كل حالات العنف وصولاً إلى الإعاقة الدائمة وربما الموت. ولما لا! فكل زوجة تستحق نصيباً من التأديب بالعنف، وباب الاجتهاد هنا مفتوح... كل زوج يقدر لهذا التأديب قدره، ونحن ما زلنا لا نعترف بتقنين الأحكام مهما ظهر من اختلافات بينها وتجاوزات يصعب القبول بها!!
ولأن الرجل قاض في بيته، فله أن يقدر العقوبة التي تستحقها زوجته لمجرد اختلافها معه، وكل ذلك يدخل تحت بند «التأديب». ولست أدري إن كان في ذلك تأصيل لمبدأ العنف ضد الزوجة أم أنه دعوة إلى الإقرار باعتباره من شعائر الزوجية المعاصرة، بل وربطه بتعاليم الدين الحنيف الذي جاء به النبي المبعوث رحمة للعالمين.
هل يا ترى هذه هي النسخة الأصلية للإسلام الذي نحاول التبشير به للآخرين خاصة في الغرب الذي يتهمنا بالإرهاب ويصفنا بالعنف ويرمينا بالتشدد! الأسرة يا قوم هي لبنة المجتمع الأولى وهي بنيته الأساسية، فإن كان الأصل احتكامها إلى العنف تحت ستار التأديب، وإن كان محور حياتها يقوم على القمع الذي نؤصل له، فما الذي يرُجى من هذه اللبنة يا ترى!!.
وأحسب أن أمام هيئة حقوق الإنسان واللجنة الوطنية كذلك مشواراً طويلاً لترسيخ هذه الحقوق. هو مشوار طويل جداً يبدأ من القضاء نفسه وينتهي إلى القضاء نفسه، يبدأ بتغير المفاهيم والنظم والتشريعات وينتهي بتطبيق النظم والتشريعات، وإلاّ سنظل نراوح مكاننا، بل ربما تراجعت هذه الحقوق مع مرور الوقت لأن بيوتاً تنمو في ظل عنف متأصل لا بد أن تنجب في النهاية أجيالا تؤمن بالعنف أو على الأقل لا تعرف التسامح والعفو والبر. وهكذا نعيش سلسلة متواصلة تبدأ بالبيت الصغير وتنتهي بالمجتمع الكبير.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه.
|