يتفاعل برنامج الأمان الأسري الوطني في الرياض مع متطلبات واقع المجتمع وأزماته، حيث يُعنى بقضية كبرى وهي حماية الطفل، متعاوناً مع منظمات عالمية لها تجربة طويلة في قضايا حماية حقوق الأطفال التي أصبحت واحدة من قضايا العصر الملحّة. وفي السعودية تكشف لنا أخبار المجتمع المنشورة في الإعلام أو في المجالس الخاصة أن هناك أطفالاً يتم انتهاك حقوقهم الإنسانية، تستقبلهم أقسام الطوارئ الطبية في حال سيئة يتم التعرف عليها في ما بعد على أنها اعتداء من أقارب، وأحياناً يكون هؤلاء الأقارب من الدرجة الأولى أم أو أب. كما يذهب بعض الأطفال إلى مدارسهم وعلى أجسادهم علامات اعتداء جسدي واضح، تقف إدارتها مكتوفة اليد أمام وقف هذا الاعتداء، وكأن الطفل ملك خاص بالعائلة يحق لها التصرّف به كما تشاء.
هذه البرامج والجهود التي تظهر على سطح المجتمع وينهض بها أفراد، تتفاعل وتكبر مثل كرة ثلج لتشكّل منظمة أو جمعية أو برنامجاً وطنياً أياً كان المسمى لها، لكنها لا تستطيع وحدها أن تفعل شيئاً مهما بلغت من نوايا أصحابها إن لم تجد من التشريعات والقوانين ما يشد من أزرها ويقيم أودها.
المجتمع بأفراده لم يعدم من يملك الحماسة والقدرة على تقديم الدعم المادي والمعنوي بما يضمن لتلك البرامج أن تنهض وتكبر وتنجح، لكن هذه الجهود ستجد نفسها أمام معوقات تتمثل إما بغياب التشريعات التي تدعم عملها أو بوجود تشريعات تعوق هذا العمل، ما يقود أفرادها المتحمسين للعمل إلى الشعور باليأس أو عدم جدوى ما يفعلونه!
على سبيل المثال، عندما نجحت الحملة الإعلامية الطويلة في إيقاف سيل الانتهاك الأسري للأطفال من الإناث اللاتي يتم تزويجهن في عمر مبكر هو في واقع الحال عمر الطفولة بمقاييس هذا العصر، جُوبِهَ هذا القرار مرة أخرى بفتوى تعتبر أن منع هذه الزيجات في هذا العمر خطأ كبير، وكأن العقل لا يستطيع قياس هذه القضية بقضايا أخرى تم تناسيها لمصلحة روح العصر!
فالإسلام مثلاً لم يحرّم الرق، لكننا اليوم لا نجد قانوناً يجيزه أو فكراً يتفق معه، ولم يُحدِث تعطيل هذا المبدأ في العصر الحالي مقاومة كتلك التي نجدها اليوم في تزويج الطفلة في عمر مبكر. إن واقع العمل اليوم لبرامج حماية المجتمع بفئاته كافة أطفالاً ونساء وشباباً وتطويره لن يكتب لها النجاح طالما لم تلتزم التشريعات الحكومية بمبدأ التعاون مع برامج حماية المجتمع، وهذا لا يحتاج فقط إلى تشريع، بل إلى نبش فلسفات التصحّر القاسية وتفتيتها عبر الحوار المستمر والحر!
فلسفة «التصحّر» القاسية!
بدرية البشر الحياة - 04/02/09//
يتفاعل برنامج الأمان الأسري الوطني في الرياض مع متطلبات واقع المجتمع وأزماته، حيث يُعنى بقضية كبرى وهي حماية الطفل، متعاوناً مع منظمات عالمية لها تجربة طويلة في قضايا حماية حقوق الأطفال التي أصبحت واحدة من قضايا العصر الملحّة. وفي السعودية تكشف لنا أخبار المجتمع المنشورة في الإعلام أو في المجالس الخاصة أن هناك أطفالاً يتم انتهاك حقوقهم الإنسانية، تستقبلهم أقسام الطوارئ الطبية في حال سيئة يتم التعرف عليها في ما بعد على أنها اعتداء من أقارب، وأحياناً يكون هؤلاء الأقارب من الدرجة الأولى أم أو أب. كما يذهب بعض الأطفال إلى مدارسهم وعلى أجسادهم علامات اعتداء جسدي واضح، تقف إدارتها مكتوفة اليد أمام وقف هذا الاعتداء، وكأن الطفل ملك خاص بالعائلة يحق لها التصرّف به كما تشاء. هذه البرامج والجهود التي تظهر على سطح المجتمع وينهض بها أفراد، تتفاعل وتكبر مثل كرة ثلج لتشكّل منظمة أو جمعية أو برنامجاً وطنياً أياً كان المسمى لها، لكنها لا تستطيع وحدها أن تفعل شيئاً مهما بلغت من نوايا أصحابها إن لم تجد من التشريعات والقوانين ما يشد من أزرها ويقيم أودها. المجتمع بأفراده لم يعدم من يملك الحماسة والقدرة على تقديم الدعم المادي والمعنوي بما يضمن لتلك البرامج أن تنهض وتكبر وتنجح، لكن هذه الجهود ستجد نفسها أمام معوقات تتمثل إما بغياب التشريعات التي تدعم عملها أو بوجود تشريعات تعوق هذا العمل، ما يقود أفرادها المتحمسين للعمل إلى الشعور باليأس أو عدم جدوى ما يفعلونه! على سبيل المثال، عندما نجحت الحملة الإعلامية الطويلة في إيقاف سيل الانتهاك الأسري للأطفال من الإناث اللاتي يتم تزويجهن في عمر مبكر هو في واقع الحال عمر الطفولة بمقاييس هذا العصر، جُوبِهَ هذا القرار مرة أخرى بفتوى تعتبر أن منع هذه الزيجات في هذا العمر خطأ كبير، وكأن العقل لا يستطيع قياس هذه القضية بقضايا أخرى تم تناسيها لمصلحة روح العصر! فالإسلام مثلاً لم يحرّم الرق، لكننا اليوم لا نجد قانوناً يجيزه أو فكراً يتفق معه، ولم يُحدِث تعطيل هذا المبدأ في العصر الحالي مقاومة كتلك التي نجدها اليوم في تزويج الطفلة في عمر مبكر. إن واقع العمل اليوم لبرامج حماية المجتمع بفئاته كافة أطفالاً ونساء وشباباً وتطويره لن يكتب لها النجاح طالما لم تلتزم التشريعات الحكومية بمبدأ التعاون مع برامج حماية المجتمع، وهذا لا يحتاج فقط إلى تشريع، بل إلى نبش فلسفات التصحّر القاسية وتفتيتها عبر الحوار المستمر والحر!
|