فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

عناية الشريعة الإسلامية بالطفولة

القراء : 4005

عناية الشريعة الإسلامية بالطفولة


أ. د. محمد بن أحمد صالح 
 أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة وعضو المجلس العلمي، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
 
المقدمة
قال تعالى : \ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارة عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاَظٌ شِداَدٌ لاَ يَعْصُوْنَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ \(1).
لقد ضرب النبي صلى الله عليه و سلم المثل الأعلى في الرفق في تربية الأطفال وعلاج أخطائهم بروح الشفقة والرأفة والعطف والرحمة، ومعرفة البواعث التي أدت إلى هفواتهم والعمل على تداركها وإفهام الأولاد نتيجتها، ولم يقر صلى الله عليه و سلم الشدة والعنف في المعاملة مع كل الفئات ولاسيما الأطفال، واعتبر الغلظة والجفاء في معاملة الأولاد نوعاً من فقد الرحمة من القلب، وهدد المتصف بها بأنه عرضة لعدم حصوله على الرحمة من الله حيث قال عليه السلام للأقرع بن حابس لما أخبر أَنَّه لا يُقبِّلُ أَولاَدَهُ قال عليه السلام : >من لا يرحم لا يُرحم<، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قَبَّلَ رسول الله صلى الله عليه و سلم الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع : إِنَّ لِي عشرة من الولد ما قَبَّلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم  ثم قال : >من لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ<.
ولا شك أن القسوة في معاملة الولد مثبطة للهمة قاتلة للذكاء مؤدية للذل باعثة على النفاق، والنبي  صلى الله عليه و سلم  قد عمل على إدخال السرور في قلوب الأطفال حيث كان يُقَبِّلهم ويداعبهم ويحملهم في صلاته، ويقوم صلى الله عليه و سلم بتنظيفهم.
أخرج الإمام أحمد أن أسامة عثر بعتبةِ الباب فدمي فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يمصه ويقول : لو كان أسامة جارية لحليتها ولكسوتها حتى أنفقها.
وعن أبي قتادة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها(2)، وروى عبد الله بن شداد قال : >بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بالناس  إذ جاءه الحسين فركب عنقه وهو ساجد... فأطال السجود بالناس حتى ظنوا أنه قد حدث أمر، فلما قضى صلاته قالوا : قد أطلت السجود يا رسول الله حتى ظننا أنه قد حدث أمر فقال صلى الله عليه و سلم :>إن ابني قد ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته< (3).

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم في بيتي يوماً إذ قال الخادم إن فاطمة وعلياً رضي الله عنهما بالسُدَّة، قالت : فقال  لي قومي فتنحي عن أهل بيتي  فقالت : قمت فتنحيت في البيت قريباً...فدخل علي وفاطمة ومعهما الحسن والحسين وهما صبيان صغيران، فأخذ الصبيين فوضعهما في حجره  فقبَّلهما.
وأخرج البخاري من حديث أم خالد بنت خالد بن سعيد قالت : أتيت رسول مع أبي وعليَّ قميص أصفر، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم  : >سنةْ ... سنةْ<، قال عبد الله : وهي بالحبشية حسنة. قالت فذهبت ألعَبُ بخاتم النبوة فزجرني أبي، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : دعها ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أبْلي وأخْلِقِي ثم أبْلي وأخْلِقي ثم أبْلي وأخْلِقي، قال عبد الله : فَبَقِيَتْ حتى ذكر يعني من بقائها(4).
قال الإمام ابن حجر العسقلاني في الفتح (قال عبد الله فبقيت حتى ذكر) أي ذكر الراوي من بقائها أمداً طويلاً، قال أبو عبد الله : لم تعش امرأة مثل ما عاشت هذه يعني أم خالد، قلت : وإِدراك موسى بن عقبة لها دال على طول عمرها لأنه لم يلق من الصحابة غيرها(5)، قال ثابت عن أنس رضي الله عنه :أخذ النبي صلى الله عليه و سلم  إبراهيم فقبله ثم شَمَّهُ، وأخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم  يقول عن الحسن والحسين : >هما ريحانتاي من الدنيا<.

وأخرج البخاري من رواية عن عائشة رضي الله عنها قالت :>جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه و سلم  فقال : أَتُقَبِّلون صبيانكم ؟ فما نُقَبِّلهم.  فقال النبي : >أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة< وأخرج البخاري عن رواية أسامة بن زيد رضي الله عنهما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم  يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن على فخذه الأخرى ثم يضمهما ثم يقول : >اللهم أحبَّهُمَا<ا(6).
وكان  صلى الله عليه و سلم  يُسلّم على الصبيان ويداعبهم ويتلطف بهم، فقد ثبت عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال لأخ صغير لأنس بن مالك : >يا أبا عُمَيْر ما فعل النُّغَيْر؟< والنغير إسم لطائر يشبه العصفور كان يلعب به أبو عُمَيْر فمات، فكان صلى الله عليه و سلم  يداعب الصبي ليخفف عنه، ويزيل حزنه بفقد الطائر الذي كان يلعب به.
وكان التلطف بالصبيان من عادة رسول صلى الله عليه و سلم ، فكان يقدم من السفر فيتلقاه الصبيان فيقف عليهم، ثم يأمر بهم فيرفعون إليه فيرفع منهم بين يديه ومن خلفه، ويأمر أصحابه أن يحملوا بعضهم، فربما تفاخر الصبيان بعد ذلك فيقول بعضهم : حملني رسول الله صلى الله عليه و سلم بين يديه وحملك أنت وراءه، ويقول بعضهم : أمر أصحابه أن يحملوك وراءهم.

وكان يُؤتى بالصبي الصغير ليدعو له بالبركة وليسميه فيأخذه فيضعه في حجره، فربما بال عليه الصبي فيصيح بعض من يراه، فيقول  صلى الله عليه و سلم  : لا تزرموا الصبي، فيدعه حتى يقضي بوله ثم يفرغ من دعائه له وتسميته، ويبلغ سرور أهله فيه لئلا يروا أنه تأذى ببوله، فإذا انصرفوا غسل ثوبه بعده.
أخرج البخاري من رواية عائشة رضي الله عنها أن النبي  صلى الله عليه و سلم  وضع صبي في حُجْرِهِ يحنكه فبال فدعا بماء فأتبعه، ومن هذه النصوص يتبين مدى عناية المصطفى صلى الله عليه و سلم  بالأطفال، وشفقته بهم وحرصه على إدخال السرور عليهم، فالأطفال هم بعض الحاضر وكل المستقبل فيحتاجون إلى بناء شخصيتهم وإشعارهم بالاهتمام بهم، وهذا بلاشك يترك آثاراً حسنة في نفوسهم ويعودهم على الثقة بالنفس ويربي فيهم العزة والأنفة وحب الغير والتآخي ويشيع بينهم المودة.
وقد أخذ الخلفاء والصحابة رضي الله عنهم بنهج النبي  صلى الله عليه و سلم  في الترفق بالأطفال وأخذهم باللين، والشفقة والعطف، فأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي يهابه عظماء الرجال تأخذه الرقة واللين بالأطفال، ويستنكر الغلظة والشدة في معاملتهم، ويعتبر ذلك من الأمور المخلة بأهلية الإنسان في الولاية على الغير.
فقد دخل عليه أحد عماله وولاته فوجد عمر مستلقياً على ظهره وصبيانه يلعبون حوله فأنكر عليه سكوته على لعب الأطفال من حوله، فسأله عمر : كيف أنت مع أهلك ؟ فأجاب : إذا دخلت سكت الناطق، قال عمر : اعتزل عملنا، فإنك لا ترفق بأهلك وولدك فكيف ترفق بأمة محمد صلى الله عليه و سلم ؟.
فالخليفة الراشد يضرب مثلاً في حسن معاملة الأهل والولد والسعي في إدخال السرور عليهم، ليتربوا تربية حسنة بعيدة عن الخوف والجبن ويظهروا بمظهرهم الطبيعي حتى يمكن تقويمهم وتهذيبهم، وتشجيعهم وتكريمهم إن أحسنوا.

وقد عزل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه هذا الوالي لجفائه وشدته وقسوته وغلظته مع أقرب الناس إليه من الأهل و الأولاد؛ لأَن من يفعل هذا مع أسرته يكون مع الناس أشد جفاء وغلظة وقسوة في المعاملة، لقد كان أمير المؤمنين خير مثل في الرفق والعدل وحسن السياسة وسداد الرأي.
ومن الإحسان إلى الأطفال تعليمهم حسن الأدب، عن أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص قال : عن أبيه عن جده  قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم  :>ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن< أي ما أعطى والد ولده، قال  في النهاية النحل العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق، أي من تعليمه ذلك ومن تأديبه بنحو توبيخ أو تهديد أو ضرب، على فعل الحسن وتجنب القبيح، فإن حسن الأدب يرفع العبد المملوك إلى رتبة الملوك(7)، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم  : > ما ورَّث والد ولداً خيراً من أدب حسن<.

ولقد دعا نبي الرحمة إلى تكريم الأطفال وغرس الأخلاق المثالية في نفوسهم وتعويدهم حسن السمت والتحلي بالصدق، والأمانة واحترام الكبير، فقال >ليس من أمتي من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه< وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهم عن النبي : الزموا أولادكم وأحسنوا أدبهم<.
إن العمل على تربية الأولاد من أهم أولويات الآباء ومن أعظم حقوق الأبناء على الآباء >فكل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه< أخرجه البخاري ومسلم. ذكر الفقهاء أن للولد على أبويه حقوقاً ينبغي القيام بها، فيلزمهما تربيته تربيةً حسنة كلٌّ بما يناسبه، فالأم تحضنه وترضعه والأب يقوم بمصالحه ولوازمه، فينفق عليه ويؤدبه عند بلوغه السن المناسبة لذلك، بأن يُعَوِّدَهُ على اكتساب الأخلاق الحسنة والبعد عن الخصال السيئة، فإذا بلغ من العمر سبع سنين، علَّمه أداء الصلوات و فعل الطاعات واجتناب المنهيات وألحقه بالتعليم ليصير عضواً عاملاً نافعاً في المجتمع، فيكون لأبويه أثراً حميداً، وذكراً حسناً.
كما ينبغي للأبوين أن يكونا مثال الاستقامة والأدب في سلوكهما أمام أولادهما، لينشأ الأولاد وقد طُبِعوا على كريم الأخلاق ومحاسن الأعمال.
يقول الإمام الغزالي(8) : > الصبيُّ أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية عن كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نقش عليه، ومائل إلى كل ما يمال به عليه، فإن عُوِّدَ الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة، وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلِّم له ومؤدب، وإن عُوِّد الشر وأُهْمِلَ إِهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في عنق القيّم عليه والوالي له<(9).
وعلى ذلك نصت المادة (365) من الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية لقدري باشا : >يُطلبُ من الوالد أَن يعتني بتأديب ولده وتربيته، وتعليمه ما هو ميسر له من علم أو حرفة، وحفظ ماله، والقيام بنفقته إن لم يكن له مال، حتى يصل الفتى إلى مرحلة الاكتساب وتتزوج الفتاة، ويطلب من الوالدة الاعتناء بشأن ولدها وإرضاعه في الأحوال التي يتعين عليها ذلك<.

وفي تحفة المودود للإمام ابن القيم : >أن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده، فإنه كما أن للأب على ابنه حقاً فللإبن على أبيه حق، فكما قال تعالى : \ وَوَصَّينا الإنسان بوالديه حُسناً \(10)، وقال النبي : >اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم<(11).
فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر انحراف الأولاد إنما جاء بسبب إهمال الآباء لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغاراً، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كباراً، وقد حكي عن بعضهم ـ ممَّن فرط في حق ولده في الصغر ـ أنه عاتب ولده على العقوق، فقال له : يا أبت : إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً، وأضعتني وليداً، فأضعتك شيخاً<(12).
عن النبي صلى الله عليه و سلم  قال :>إن الله سائل كل راع عما استرعاه، أحفظ أم ضيّع، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته<(13).
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :>كفى بالمرء إثماً أن يضيِّع من يعول<(14).
وعن أنس رضي الله عنه أن رجلاً كان جالساً مع النبي صلى الله عليه و سلم ، فجاء ابن له، فقبَّله وأجلسه في حجره ثم جاءت بنت له، فأخذها فأجلسها إلى جنبه، فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم >فهلا عدلت بينهما<(15)، وقال إبراهيم النخعي :>كان السلف يستحبون التسوية بين الأولاد حتى في القبلة<(16)، وجاء في >شرح السنة للبغوي< : يستحب التسوية بين الأولاد في النِّحَلِ ـ أي الأُعْطِيات ـ وفي غيرها من أنواع البِرِّ، حتى في القُبَلِ، ذكوراً كانوا أو إناثاً حتى لا يعرض في قلب المفضول ما يمنعه من بِرِّه(17).

ومن الحقوق المهمة للأبناء على الآباء العدل بينهم في العطاء المنجز حال الحياة حيث إن تفضيل بعضهم أو تخصيصه بالعطية ذريعة ظاهرة قريبة جداً إلى وقوع العداوة والبغضاء بين الأولاد والعقوق للآباء، لما قد يقع في نفس المفضول بالهبة من شيء، فيمنعه من حسن الطاعة والبِرّ لوالديه وربما كان سبباً لعقوق الوالد وقطيعة الرحم بينه وبين إخوته(18).
وأصل ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهم من حديث النعمان بن بشير ــ رضي الله عنه ــ أن أباه أتى به إلى رسول الله فقال : > إني نحلتُ ابني هذا غلاماً فقال : أكلُّ ولدك نحلْتَ مثله ؟ قال : لا. قال : فارجعه.
وروي البخاري أيضاً عن النعمان أنه قال : أعطاني أبي عطية فقالت أمي عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تُشْهدَ رسول الله صلى الله عليه و سلم  فقال : > إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله. فقال : >أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال : لا. قال : فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم< قال : فرجع، فَرَدَّ عطيته.

وجاء في رواية لمسلم أنه  قال : >فلا تشهدني إِذَنْ، فإني لا أشهد على جور< وفي رواية ابن حبان : >لا تشهدني إلا على عدل، فإني لا أشهد على جور< وفي رواية أخرى لمسلم >فليس يصلح هذا، وإني لا أشهد إلا على حق< وفي رواية مسلم >فأَشْهِدْ على هذا غيري، ثم قال : أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال : بلى. قال : فلا إذن.<
وعن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله  صلى الله عليه و سلم : >اعدلوا بين أبنائكم، أعدلوا بين أبنائكم، أعدلوا بين أبنائكم<(19).
ولا يشمل ذلك الأولاد من البنين فقط بل يشمل البنات أَيْضاً، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله  صلى الله عليه و سلم  : >لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فيتق الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل الجنة<.
جاء في الفتح الرباني : >الإحسان إليهن يشمل كل الخصال المحمودة من أدب وإنفاق وحسن معاشرة ونحو ذلك، وجاء عند أَبي داود بلفظ من عال ثلاث بنات فأَدَّبَهُنَّ وزوَّجهنَّ وأحسن إِليهن فله الجنة، وعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم  : >من عال ابنتين أو ثلاث بنات أو أختين أو ثلاث أخوات حتى يمتن أو يموت عنهن كنت أنا وهو كهاتين وأشار بأصبعه السبابة والوسطى< ومعناه أن لا تنقص درجته عن درجة النبي إلا كما ينقص السبابة عن الوسطى.
وعن سُراقة بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم  قال له : يا سراقة ألا أدلك على أعظم الصدقة أو من أعظم الصدقة؟ قال : بلى يا رسول الله قال : ابنتك مردودة إليك  ليس لها كاسب غيرك. وعن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم  : >من وُلِدَتْ له ابنة فلم يئدها، ولم يهنها، ولم يُؤثر ولده عليها يعني الذكر أدخله الله بها الجنة<(20).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :>من كان له ثلاث بنات فصبر على إوائهن وضرائهن وسرائهن أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهن فقال رجل أو اثنتان يا رسول الله؟ قال أو اثنتان، فقال رجل أو واحدة يا رسول الله قال أو واحدة<(21).
 
رحمة الأولاد
الرحمة : رقة في القلب، وحساسية في الضمير، وإرهاف في الشعور تستهدف الرفق بالآخرين، والتألُّم لهم، والعطف عليهم، وكفكفة دموع أحزانهم وآلامهم، وهي التي تهيب بالمؤمن أَن ينفر من الإِيذاء، وينبو عن الجريمة، ويصبح مصدر خير وبر وسلام للناس أجمعين.
ولقد جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم  رحمة الناس بعضهم بعضاً لرحمة الله إياهم، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم  : >الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء<(22).
وحكم صلى الله عليه و سلم  على العازفين عن الرحمة بأنهم هم الأشقياء فقال : >لا تنزع الرحمة إلا من شقي<(23).
ومن المشاعر النبيلة التي أودعها الله في قلب المؤمن، وفي قلب الأبوين على الخصوص شعور الرحمة بالأولاد والرأفة بهم، والعطف عليهم وهو شعور نبيل له في تربية الأولاد، وفي إعدادهم وتكوينهم أفضل النتائج وأعظم الآثار.
والقلب الذي يتجرد من خلق الرحمة يتصف صاحبه بالفظاظة العاتية، والغلظة اللئيمة القاسية، ولا يخفى ما في هذه الصفات القبيحة من ردود فعل في انحراف الأولاد، وتخبطهم في أوحال الشذوذ ومستنقعات الجهل والشقاء.
وقد حرص الرسول صلى الله عليه و سلم  بموضوع الرحمة بالأولاد وحرصه الشديد على تحلي الكبار بهذا الخلق الكريم والشعور النبيل.
عن أبي هريرة رضي الله عنه : أتى النبي رجل، ومعه صبي فجعل يضمه إليه، فقال النبي صلى الله عليه و سلم  :>أترحمه؟ قال : نعم. قال : فالله أَرحم بك منك به، وهو أَرحم الراحمين<(24).
وكان صلى الله عليه و سلم  إذا رأى أحداً من الصحابه لا يرحم أَولاده يزجره بجزم، ويوجهه إلى ما فيه صلاح البيت والأسرة والأولاد فعن عائشة رضي الله عنها قالت : جاء أَعرابي إلى النبي فقال : أتُقبِّلون صبيانكم؟ فما نقبِّلهم. فقال النبي صلى الله عليه و سلم  :> أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة<(25).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاءت امرأة إلى عائشة رضي الله عنها فأعطتها عائشة ثلاث تمرات، فأعطت كل صبي لها تمرة، وأمسكت لنفسها تمرة، فأكل الصبيان التمرتين ونظرا إلى أُمهما فعمدت الأم إلى التمرة فشقتها فأعطت كل صبي نصف تمرة، فجاء النبي صلى الله عليه و سلم  ،فأخبرته عائشة، فقال : > وما يعجبك من ذلك؟ لقد رحمها الله برحمتها صبييها<(26).
وكان عليه الصلاة والسلام إذا رأى طفلاً يحتضر، وأوشكت أن تفيض روحه فاضت عيناه بالدموع حزناً، وعطفاً على الصغار، وتعليماً للأمة فضيلة العطف والرحمة.
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : أَرسلت بنت النبي صلى الله عليه و سلم  إلى أبيها : أن ابني قد احتضر فاشهدنا، فأرسل عليه الصلاة والسلام يقرئ السلام ويقول : >إِنَّ لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب< فأرسلت تقسم عليه ليأتينها فقام ومعه سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، ورجال رضي الله عنهم، فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصبي، فأقعده في حجره، ونفسه تقعقع ــ أي تتحرك وتضطرب ــ ففاضت عيناه، فقال  سعد : يا رسول الله، ما هذا ؟ قال : >هذه رحمة جعلها الله تعالى في قلوب عباده<، وفي رواية :>جعلها الله في قلوب من شاء من عباده، وإِنما يرحم الله من عباده الرحماء<(27).
إن ظاهرة الرحمة إذا حلت قلب الأبوين وترسخت في نفسيهما، قاما بما يترتب عليهما من واجب، وأديا ما عليهما من حق تجاه من أَوجب الله عليهما حق الرعاية، وواجب المسؤولية، أَلاَوهم الأولاد.
ومن الرحمة التي أَودعها الله في قلب الأبوين ما يبدو آثارها جلياً في معاملاتهم لأولادهم وحنوهم عليهم، وتبدو آثار هذه الرحمة في تقبيل الأب لإبنه، واحتضانه له، ومعانقته إِياه، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قبَّل رسول الله صلى الله عليه و سلم  الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبَّلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم  ثم قال : >من لا يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ<(28).
وكان النبي صلى الله عليه و سلم  يُقَبِّل فاطمة عليها السلام، وكذا كان أبو بكر رضي الله عنه يُقَبّل ابنته عائشة رضي الله عنها، ودل الحديث على أن عدم تقبيل الولد دليل على أن الرحمة لم تتمكن من قلب هذا الذي لا يقبل أَولاده.
وكما أن تقبيل الولد من الرحمة فكذلك ضمه ومعانقته، فعن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال :  قدم على النبي صلى الله عليه و سلم  ،فإذا امرأة تحلب ثديها تسقي، إذا وجدت صبياً في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا النبي صلى الله عليه و سلم  : أَترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قلنا لا، وهي تقدر على أن لا تطرحه، فقال صلى الله عليه و سلم  : >ََلََّلهُ أرحم بعباده من هذه بولدها<(29).
فهذه المرأة كما عرف من سياق الحديث أنها كانت قد فقدت صبيها وتضررت باجتماع اللبان في ثديها، فكانت إذا وجدت صبياً أَرضعته ليخف اللبان فلما وجدت صبيها بعينه أخذته فالتزمته.
 
صور من رحمته صلى الله عليه و سلم  بالأولاد :
كان الرسول صلى الله عليه و سلم معروفاً بالرأفة، والرحمة والشفقة، ورقة القلب وقد وصفه الله جل شأنه في قوله تعالى : \  لقد جاءكم رسول من أنْفُسِكُم عزيز عليه ما عَنِتُّمْ حريصٌ عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم \(30).
وكان المثل الأسمى للرفق بالأطفال والعطف عليهم والرحمة بهم، عن أنس بن مالك قال : أن النبي صلى الله عليه و سلم  قال : >إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأَتَجَوَّز في صلاتي، لما أعلم من شدة وجد أُمه من بكائه<(31)، فالرسول خفف في الصلاة لمَّا سمع بكاء الصبي رحمة بالصبي، ورحمة بأمه أيضاً لأنه خشي أن تلتهي عن صلاتها لاشتغال قلبها ببكائه.
وذات يوم تعثر الحسن وقيل الحسين ــ أي زل ووقع ــو النبي صلى الله عليه و سلم  على منبره، فنزل فحمله، وقرأ قوله تعالى : \ إنما أَموالكم وأَولادكم فتنة \<(32).
فعن بريدة رضي الله عنه قال : >كان النبي يخطب فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما وعليهما قميصان أحمران يعثران فيهما فنزل النبي صلى الله عليه و سلم فقطع كلامه فحملهما ثم عاد إلى المنبر ثم قال صدق الله \ إنما أموالكم وأولادكم فتنة \ رأيت هذين يعثران في قميصهما فلم أصبر حتى قطعت كلامي فحملتهما<(33).
وعن عبد الله بن شداد عن أبيه قال : خرج علينا رسول الله  صلى الله عليه و سلم  في إِحدى صلاتَيْ العشى الظهر أو العصر، وهو حامل الحسن أو الحسين فتقدم النبي  صلى الله عليه و سلم  فوضعه، ثم كبر للصلاة فصلى، فسجد بين ظهراني صلاته سجدة أطالها فقال : >إني رفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله  صلى الله عليه و سلم وهو ساجد فرجعت في سجودي فلما قضى رسول الله  صلى الله عليه و سلم  قال الناس : يا رسول الله إنك سجدت بين ظهراني صلاتك هذه سجدة  قد أطلتها، فظننا أنه قد حدث أمر، أو أنه قد أوحي إليك قال : >فكل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته<(34).
فهذا من رحمته صلى الله عليه و سلم  بالأولاد، يركب الطفل على ظهره الشريف وهو ساجد، ولا يقوم من سجوده،  ليكمل الطفل لعبه، حتى لا يزعجه رحمة به، وشفقة عليه، ومثل هذا فعل  صلى الله عليه و سلم  مع أمامة بنت أبي العاص، فعن أبي قتادة قال : خرج علينا النبي  صلى الله عليه و سلم  وأُمامة بنت أبي العاص على عاتقه، فصلى فإذا ركع وضعها، وإذا رفع رفعها(35) وأُمامة هذه هي ابنة زينب بنت النبي  صلى الله عليه و سلم  فمن رحمته صلى الله عليه و سلم وشفقته بأُمامة أنه كان إذا ركع أو سجد يخشى عليها أن تسقط فيضعها على الأرض.
فالرسول صلى الله عليه و سلم  كان المثل الأسمى للرحمة، والرفق بالأطفال والعطف عليهم وقد أعطانا درساً في الرحمة، وكان رحيماً بالناس صغيرهم وكبيرهم مؤمنهم وكافرهم، ولا عجب في ذلك فقد قال الله تعالى في شأنه : \ وما أرسلناك إلاَّ رحمةً للعالمين \ (36) وهو القائل عليه الصلاة والسلام : >مَنْ لاَ يَرْحَمْ لاَ يُرْحَمْ<(37) وعن جرير بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : >لا يرحم الله من لا يرحم الناس<(38).
قال ابن بطال في الأحاديث السابقة : الحض على استعمال الرحمة  لجميع الخلق فيدخل المؤمن والكافر، والبهائم المملوك منها وغير المملوك، ويدخل في الرحمة التعاهد بالأحكام والسقي والتخفيف في الحمل وترك التعدي بالضرب.
وقال ابن أبي حمزة : يحتمل أن يكون المعنى من لا يرحم غيره بأي نوع من الإحسان لا يصل له الثواب كما قال الله تعالى : \ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان \(39).
 
القسوة على الأولاد
القسوة هي : الصلابة في كل شيء والشدة والعنف قال تعالى : \ ثم قست قلوبكم بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة \(40)، ومعنى قست غلظت ويبست، فالقسوة في القلب هي ذهاب اللين والرحمة منه، وتستعمل القسوة في الزمن الصعب، فيقال زمان قاس وفي الشيء الرديء.
والقسوة في القرآن الكريم جاءت في معرض الذم قال تعالى : \ ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون \(41)، وقال عز وجل : \ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم \(42)، وقال عز من قائل : \ فبما نَقْضِهِمْ ميثاقهم لَعَنَّاهُمْ وجعلنا قلوبهم قاسية \(43) وقال سبحانه : \ فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله\(44).
ومن هنا ندرك أن الإسلام ينظر إلى القساة نظرة إشفاق ويحذرهم مغبة قسوتهم، وأخرج الحاكم في المستدرك عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :>مانُزِعَتْ الرحمة إلا من قلب شقي<.
وتوجيهات الإسلام تحث على اللين والرفق والرحمة، وفي صحيح البخاري قال صلى الله عليه و سلم  : >ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء< وفيه كذلك : >إنما يرحم الله من عباده الرحماء< والأم والأب هم أحق الناس بصحبة الأبناء وهم الأكثر حباً لهم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم  فقال : يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال : أمك. قال : ثم من ؟ قال : أمك. قال : ثم من؟ قال : أمك، قال : ثم من ؟ قال : أبوك<(45).
فإذا كانت هناك أم قاسية فهي أم مريضة نفسياً أو بمعنى أدق هي أُمٌّ غير طبيعية وغير سوية؛ لأن المفروض أن تكون الأم رحيمة تتحلى بالشفقة والعطف والحنان، وقيمة الأم في رحمتها وشفقتها وتلطفها ولينها، فإذا تجردت من هذه العواطف النبيلة تكون أما مريضة ليست جديرة بالقيام بمسؤولية الأمومة، لأن الشرع الحكيم قدَّر في الأم حنانها وعطفها، ولذا جعل رعاية الأطفال وحضانتهم من حقها، ومن اختصاصاتها بالدرجة الأولى، فالأم الحنون الصبور لها ثواب كبير عند الله تعالى، وورد في الحديث أن مثل هذه الأم تزاحم النبي صلى الله عليه و سلم في الدخول إلى الجنة، وهذه هي التي أوصى بها النبي عندما سأله السائل من أحق الناس بحسن صحابتي يا رسول الله قال أمك ثلاث مرات ...
وأخرج أبو داود أنه صلى الله عليه و سلم  قال : > تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم ...< فالمباهاة والتكاثر لا تكون بالعدد فقط بل تكون بالنوع ذي السمات والمميزات، وهذا لا يتربى إلا في أحضان الأم الودود الحنون... لأنه لا يتصور أن يكون الولد على مستوى لائق من حيث التفكير والعاطفة، وسلاسة العقل... ووالديه ينغصون عليه حياته بقساوتهم ومعاملتهم إياه بالجفاء الذي يُفقِد طعم الحياة ويجعلها قاتمة في نظره.
إن الحنان هو المتنفس الذي يتنفس فيها الطفل ويحيا به حياة سوية سعيدة، وعبر الحنان يُعبِّر الطفل عن إحساسه ومشاعره، وفي جو الحنان والعطف يشعر الطفل الابن بالأمان وبدفء الحياة وبقيمتها وبه تتأكد المحبة بين الآباء والأبناء فيجدون فيهما ملاذاً، وملجأً فيبثُّونهم خلجات نفوسهم وما يجري بخواطرهم، وعن طريق العطف والحنان والمعاملة الحسنة يستطيع الآباء الوصول إلى أعماق نفوس الأبناء ومن ثم يقومون بإرشادهم إلى الخير ولما هو حق وصواب.
والنبي صلى الله عليه و سلم خير مثال للأب الرحيم العطوف الذي ينشر المحبة بين أفراد أسرته، وبين المحيطين به وكان يشفق من حال من لم يتوفر على عاطفة الحنان، فعندما زاره ذلك الأعرابي ورأى النبي يُقَبِّلُ بعض أسباطه ويداعبهم استغرب هذا الأعرابي وقال : عندي عشرة من الأطفال ما قبلتُ منهم أحداً فقال > ما نُزِعَتْ الرحمة إلاَّ من قلب شقي<.
هذا والآباء القساة ينالون جزاء قسوتهم في الدنيا والآخرة فأبناؤهم لا يقدرونهم حق قدرهم في الدنيا بل يعاكسونهم ويخالفون أوامرهم فيتألمون من ذلك أشد الألم، أَما عقاب الآخرة فهم إن بالغوا في قسوتهم وكانوا ظالمين لأولادهم فإن كل ظالم لابد وأن ينال جزاء عمله، وأن يحاسب على ما ارتكبه من ظلم بسبب جفائه وغلظة طبعه وقسوته.
 
الإجراءات الوقائية لحماية الأبناء من اعتداء الآباء عليهم :
1. الدعوة إلى الصبر قال الله تعالى : \ وَلَمَن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور \ (46)
  وفي الحديث >من يتصبر يصبره الله، وما أُعطي عطاء خيراً وأوسع من الصبر<، متفق عليه.
2. استشعار مراقبة الله عز وجل :  تُوَجِّهُ الشريعة تَصَوُّرَ المسلم لعظمة الله وقدرته؛ ليكون ذلك أدعى لامتثال أوامر الله عز وجل : \ إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء \(47)، وفي الحديث >اتق الله حيثما كنت<.
3. أداء الأمانة على أحسن وجه لها ومن أعظم الأمانات الأبناء:  قال تعالى : \ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نِعمَّا يعظكم به إن الله كان سميعاً بصيراً \(48) .
4. إن الشريعة جاءت بتحريم الظلم عموماً وذلك ما ورد في كتاب الله عز وجـل : \ وما للظالمين من أنصار  \(49) .وفي الحديث القدسي : >يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظَّالموا<، وفي الحديث : >اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة< (50).
5. عموم النصوص الواردة في الحث على الشفقة والرحمة بين المسلمين، وأولى وأحق بالشفقة والخيرية والرحمة من الولد على أبيه >مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد< متفق عليه.
6. عموم النصوص التي تدعو إل فعل الخير، ومن ذلك ما كان في معاملة الأبناء قال تعالى : \وافعلوا الخير لعلكم تفلحون\
(51)، وفي الحديث >من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته< متفق عليه.
7. وجوب النفقة على الآباء لأبنائهم، قال تعالى : \ وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف \(52)، وفي الحديث >أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله< (53).
8.  أن الشرع جاء بالترغيب في الإحسان لذوي القربى، والولد من أهم ذوي القربى والأولى بالقربى \ والذين يَصِلون ما أمر الله به أن يوصل \(54) وفي الحديث >من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه< (55).
9.  إن النصوص جاءت بتحريم إيذاء المؤمنين ومن هؤلاء الأبناء، قال تعـالى : \ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً \(56).
10. عموم النصوص جاءت بتحريم إيذاء المؤمنين، وأَوْلَى القربى من الأبناء أَوْلَى بعدم الإيذاء، والحث على حسن الخلق ومن ذلك حسن الخلق في معاملة الأبناء \والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين \(57)، وفي الحديث > إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً< متفق عليه.
11. إن النصوص جاءت بالحث والأمر بالحلم والأناة والرفق في معاملة الخلق، ومن ذلك معاملة الأبناء، قال تعالى : \ خذ العفو  وأْمُرْ بالعرف وأعرض عن الجاهلين \(58). وفي الحديث : >إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على ما سواه<.
12. كما أن النصوص جاءت آمرة بالعفو وأَولى العفو ما كان من الآباء عن الأبناء، قال تعالى : \ فاصفح الصفح الجميل \(59)، وفي الحديث >ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب< حديث صحيح.
13. إن هدي النبي صلى الله عليه و سلم  بملاطفة الذُّرية والسلام عليهم وحملهم بل إن الطفلة كانت تمسك بيد رسول الله صلى الله عليه و سلم  فيسير معها حتى تخرج من أزقة المدينة.
14. إن النصوص جاءت بوجوب تربية الأبناء، قال تعالى : \ يا أيها الذين آمنوا قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة\(60)
، وفي الحديث >أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم<.
15. حثت الشريعة على رعاية الأبناء،  قال تعالى : \ ىُوصِيكُم اللهُ في أولادِكم \(61).
 
الحضانة
الحضانة ولاية على الصغير قصد الشارع بها مصلحة الصغير والنظر له، وذلك أن الولد يحتاج إلى نوع من الرعاية والحماية والتربية والقيام بما يصلحه، وهذا ما يعرف بالولاية، ويثبت على الطفل منذ ولادته ثلاث ولايات : الأولى : ولاية التربية والحفظ والرعاية ويكون الدور الأول منها للنساء وهو ما يسمى بالحضانة.
الولاية الثانية : هي الولاية على النفس وهي التي تخول الولي الحيلولة بين المُوَلَّى عليه وبين التصرفات الضارة.
الولاية الثالثة : الولاية على المال وصيانته وتنميته إلى أن يبلغ الصغير الرشد ويحسن التصرف ويقدم كل من الأبوين فيما جعل له من ذلك لتمام مصلحته وكمال شفقته، والولد تتوقف مصلحته على من يلي ذلك من أبويه ويحصل به صلاح أمره.
ولما كانت النساء أعرف بالتربية وأقدر عليها وأصبر وأرأف وأفرغ لها وأكثر رقة وحناناً وشفقة قدمت الأم على الأب، ولما كان الرجال أقوم بتحصيل مصلحة الولد، وأكثر دراية بمعرفة بواطن الأمور وأبعد نظراً في جلب المصالح ودفع المضار، والاحتياط له في اختيار الأفضل قُدِّمَ الأبُ على الأم في ولاية المال والنكاح، حتى يكتمل نضجه وإدراكه ويستقل بتدبير حياته.
 
شروط الحضانة :
1. أن لا تكون الأم متزوجة بأجنبي عن الصغير المحضون
2. الأمانة : أن تكون أمينة على نفسه وأدبه وخلقه
3. العدالة : فإذا كان الحاضن معروفاً بالانحراف والسوء فلا حضانة له.
4. القدرة على التربية.
5. أن تكون الحاضنة حرة بالغة عاقلة.
6. أن تكون الحاضنة ذات رحم مُحَرَّم للطفل.
7. أَن لا تكون مُرْتَدَّة.

وجعلت الشريعة الحضانة للأم متى كانت قادرة على التربية صالحة لتولي أَمر الطفل، ولهذا لما جاءت امرأة للنبي  صلى الله عليه و سلم  قالت إن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء... وأن أباه طلقني فأراد أن ينتزعه مني، فقال لها النبي  صلى الله عليه و سلم  >أنت أحق به ما لم تنكحي<، وجاء في الصحيحين أن عليا وجعفراً وزيداً رضي الله عنهم اختصموا في ابنة حمزة فقال علي : أنا أحق بها وهي ابنة عمي، وقال جعفر : ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد : ابنة أخي فقضى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم لخالتها وقال : >الخالة بمنزلة الأم<.
ثبت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه حكم على عمر رضي الله عنه في ولده عاصم لأمه أم عاصم وقال : >حجرها  وريحها وَمسُّها خير له من الشهد عندك حتى يشب فيختار<.

آراء الفقهاء في سقوط حق الحاضن عند إضراره بالمحضون :
>من الأمور المقررة عند علماء الشريعة أن والد الصغير إذا كان يضر به فإن حضانة الصغير تنتقل إلى غيره، جاء في بدائع الصنائع ما يلي< :
>فإن كان الولي لا يُؤْمَن لفسقه وخيانته لم يكن له فيها حق، لا في كفالته لها ضرراً عليها، هذه ولاية نظر فلا تثبت مع الضرر حتى لو كانت الإخوة والأعمام غير مأمونين على نفسها ومالها، لا تسلم إليهم<(62).
وجاء في تحفة الفقهاء(63) >من كان من عصبتها ممن لا يؤمن عليها من ذوي الرحم المحرم لفسقه ومجانبتها، لم يكن له فيها حق، لأن في كفالته لها ضرراً عليها<.
وفي الجواهر الثمينة(64)>ويسقط من الحضانة أيضاً الخوف على الولد في بدنه أو أخلاقه في الحال أو المآل<.
وفي الكافي (65)>إذا كان كل واحد من هؤلاء ماموناً على الولد وكان عنده في حرز وكفاية، فإن لم يكن كذلك لم يكن لها حق في الحضانة وإنما ينظر في ذلك لما يحوط الصبي ومن يحسن إليه في حفظه وتعليمه الخير<.
وفي المهذب، >ولا تثبت ـ يعني الحضانة ـ  لفاسق لأنه لا يوفى الحضانة حقها، ولأن الحضانة إنما جعلت لحظ الولد، ولاحظ له في حضانة الفاسق، لأنه ينشأ على طريقته<.
وفي روضة الطالبين(66) في شروط الحضانة >الشرط الرابع كونها أمينة، فلا حضانة لفاسقة<أ.هـ.
وفي الكافي(67)ولا حضانة لرقيق ولا لفاسق لأنه لا يوفى الحضانة حقها، ولا حظ للولد في حضانته، لأنه ينشأ على طريقته.
وفي مطالب أولى النهي(68)>ولا حضانة لفاسق لأنه لا يوثق به في أداء الواجب من الحضانة في حق الولد، ولا حظ للولد في حضانته لأنه ربما ينشأ على طريقته< أ. هـ.
إن هذه الأقوال تدل على انتفاء حق الحضانة لكل ولي يلحق الأذى بالمحضون، ومما يستدل به على أن إضرار الأب أو غيره بالصغير مانع من الحضانة ما يلي :
أولا : قال تعالى : \ وما جعل عليكم في الدين من حرج \(69) ومن ذلك إبقاء الحضانة مع وصول الضرر للمحضون إذ فيه حرج عظيم فلا يكون هذا من الدين.
ثانياً : قول النبي صلى الله عليه و سلم >ليس لظالم حق< أخرجه الترمذي وأبو داود.
ثالثاً : قول النبي صلى الله عليه و سلم  >لا ضرر ولا ضرار< وحضانة المتعدي على المحضون ضرر فتكون الحضانة منفية شرعاً.
رابعاً : إن العلة التي من أجلها أثبت الشرع حق الحضانة هي رعاية مصلحة المحضون والإحسان إليه، وحضانة المعتدي تُفَوِّتُ مصلحة المحضون فهي ضرر عليه، ومن القواعد المقررة أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
خامساً : إن الفقهاء اتفقوا على أن من كان يعتدي على الصغير فلا حضانة له عليه(70).
إن الحضانة هي تربية الولد والقيام عليه بتدبير شؤونه، والعمل على ما يصلحه ويستقيم به أمره، في المدة التي لا يستغني فيها عن النساء ممن لهن الحق في تربيته شرعاً، وفي هذا الدور من حياة الطفل يحتاج إلى الشفقة والحنان والرأفة فلا بد للنظر في تحقيق ذلك في حياة المحضون بصورة أوفر وأكمل لتشمل حق المحضون في تربيته وحفظه.
 
خاتمة
من خلال الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وآثار السلف وأقوال الفقهاء الواردة في  البحث... ظهر الاهتمام والعناية الفائقة ومدى الرحمة والشفقة والعطف في رعاية الطفل... حتى يبلغ سن الرشد ويقوى على تغليب الخير على الشر ولقد شمل حق الطفل في حفظه وتربيته والإحسان إليه، أن جميع الحقوق التي أقرتها الشريعة للطفل ما هي إلا واجبات ملقاة على عاتق الأبوين أو من كان له حق الولاية على الطفل.
قال الإمام الغزالي : اعلم أن الطريق في رياضة الصبيان من أهم الأمور وأوكدها، والصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة، خالية من كل نقش وصورة، وهو قابل لكل ما نُقِشَ ومائل إلى كل ما يمال به إليه، فإن عُوِّدَ الخير وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة وشاركه في ثوابه أبواه وكل معلم له مؤدب، وإن عُوِّدَ الشر وأُهمل إهمال البهائم شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له.
ولقد كانت نظرة المسلمين إلى الولد نظرة فريدة متميزة وعنايتهم به عناية فائقة ويرون أنه من أهم مظاهر السعادة والبهجة وهو أمل المستقبل، يظهر هذا جلياً في جواب الأحنف بن قيس رحمه الله للخليفة معاوية رضي الله عنه عندما سأله ما تقول في الولد؟ قال : يا أمير المومنين ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا، ونحن لهم أرض ذليله وسماء ظليله، وبهم نصول على كل جليله، فإن طلبوا فاعطهم، وإن غضبوا فارضهم يمنحوك ودهم ويحبوك جهدهم، ولا تكن عليهم ثقلا ثقيلاً فيملوا حياتك، ويودوا وفاتك ويكرهوا قربك، فقال له معاوية : لله أنت يا أحنف لقد دخلت علي وأنا مملوء غضباً وغيظا على يزيد.
إن أهم مرحلة في التربية هي مرحلة الطفولة فإذا أهمل الطفل في بدء حياته خرج في الأغلب فاسد الأخلاق مرتكباً للأخلاق الذميمة، فإذا عنينا بتربيته وهو صغير كان مهذباً وهو كبير فإن طفل اليوم هو رجل الغد... ومن هذا المنطلق فإن الشريعة الإسلامية عنيت أشد العناية بالولاية والحضانة وتغليب مصلحة المولود ومعاملته باللين وتربيته وحفظه بعيداً عن القسوة والشدة والغلظة والظلم بعيداً عن الفجور والسوء، وإنه إذا تولى الطفل من يسيء إليه في تربيته وحقوقه وحفظه بحيث لا ينظر إليه إلا شزراً ولا يطعمه إلا نزراً فإنه ينزع منه ويعهد به إلى من يصونه ويصلحه لأنه لا ولاية لمن يلحق به الضرر، وهذا ما دلت عليه نصوص الكتاب العزيز والسنة المطهرة وأجمع عليه فقهاء الإسلام، فبالعناية بالطفولة ورعايتها والإحسان إليها يتحقق للمجتمع صفات الكمال، ويشعر الطفل بالعطف والحنان والشفقة، وليشب على الرحمة والتراحم والترابط والوئام والانسجام مع الآخرين، وبهذا يتحقق للمجتمع المسلم التماسك والترابط ويكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً.
نسأل الله تعالى أن يحقق للأمة مجدها ويجمع كلمتها ويعلي شأنها وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
 
________________________________________
(*) أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة وعضو المجلس العلمي، بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

(1)  سورة التحريم، الآية 6.
(2) صحيح البخاري، 592/1.
(3) رواه النسائي والحاكم.
(4) صحيح البخاري، 63/2.
(5) فتح الباري 184/6.
(6)  البخاري 30/5.
(7)  الفتح الرباني، 45/19.
(8) هو محمد بن أحمد الغزالي الشافعي، ) 450 ـ 505 هـ(.
(9) إحياء علوم الدين 62/3.
(10) سورة العنكبوت، الآية 8.
(11)  أخرجه أبوداود والنسائي وأحمد، أنظر مختصر سنن أبي داود للمنذري 91/5، سنن النسائي 262/6.
(12) تحفة المودود، ص 139.
(13)أنظر الزواجر للهيثمي، 46/2.
(14) مختصر سنن أبي داود للمنذري 261/2، مسند أحمد 193-160/2، المستدرك 415/1.
(15) شرح معاني الآثار، 89/4.
(16)  تحفة المودود، ص 139، شرح منتهى الإرادات، 524/2.
(17)  شرح السُّنة للبغوي287/8.
(18)  أنظر: معالم السنن للخطابي 193/5، إغاثة اللهفان 365/1.
(19) أنظر : صحيح البخاري مع الفتح 258-211/5 ، صحيح مسلم بشرح النووي 65/11 وما بعدها، مختصر سنن أبي داود للمنذري 191/5، سنن الترمذي 51/5، سنن النسائي 258/6.
(20) الفتح الرباني، ج 19، ص 49.
(21) المصدر السابق.
(22) أخرجه ألو داوود في كتاب الأدب باب 58، والترمذي في كتاب البر باب 16.
(23) المصدر نفسه.
(24) أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
(25) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الأدب، ج 7، ص 75، والأدب المفرد، ص 50.
(26) أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ص 47.
(27) أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب 3، ج 8،  ص 165.
(28) أخرجه البخاري في كتاب الأدب، ج 7، ص 75.
(29) صحيح البخاري، باب 58، الأدب، حديث 5540.
(30) سورة التوبة، الآية 128.
(31) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الجماعة والإمامة، باب أخف الصلاة عند بكاء الصبي 250/1،    وأبودادود في سننه كتاب الصلاة باب تخفيف الصلاة لأمر يحدث209/1.
(32) سورة التغابن، الآية 15.
(33) سنن النساني، باب الجمعة، حديث رقم 1396.
(34)  أخرجه أحمد، ج 3، ص 494.
(35) أخرجه البخاري في صحيحه؛ كتاب الأدب، ج 7، ص 75.
(36)  سورة الأنبياء، الآية 107.
(37) أخرجه البخاري في كتاب الأدب باب رحمة الولد وتقبيله، ج 7، ص 75.
(38)  أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب 3، ج 8، ص 165.
(39)  سورة الرحمن، الآية 60.
(40)  سورة البقرة، الآية 74.
(41) سورة الأنعام، الآية 43.
(42)  سورة الحديد، الآية 16.
(43)  سورة المائدة، الآية 13.
(44)  سورة الزمر، الآية 22.
(45) أنظر فتح الباري بشرح صحيح الإمام أبي عبد الله البخاري لابن حجر العسقلاني، ج 10، كتاب الأدب.
 (46)سورة الشورى، الآية 43.
(47) سورة آل عمران، الاية 5.
(48)  سورة النساء، الآية 58.
(49) سورة آل عمران، الآية 192.
(50) رواه مسلم.
(51) سورة الحج، الآية 77.
(52) سورة البقرة، الآية 233.
(53) رواه مسلم.
(54) سورة الرعد، الآية 21. 
(55) متفق عليه.
(56) سورة الأحزاب، الآية 58.
(57)  سورة آل عمران، الآية 134.
(58) سورة الأعراف، الآية 199.
(59) سورة الحجر، الآية 85.
(60) سورة التحريم، الآية 6.
(61) سورة النساء، الآية 11.
(62) الكاساني الحنفي 43/4.
(63) علاء الدين السمرقندي الحنفي 343/2.
(64)  ابن شاس المالكي 320/2.
(65)  إبن عبد البر المالكي 265/2.
(66) النووي الشافعي 100/9.
(67)    إبن قدامة الحنبلي 1007/3.
(68)   إبن النجار الحنبلي 111/8.
(69)  سورة الحج، الآية 78.
(70)  الفقه وأدلته 731/7.

قضايا الطفل من منظور إسلامي
أعمال الـندوة الـدولية التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ بالتعاون مع جمعية الدعوة الإسلامية العالمية والمعهد العالمي للفكر الإسلامي
الرباط في الفترة من 29  أكتوبر إلى1  نوفمبر 2002
منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ  1427هـ/  2006م
 

 أطبع الدراسة أرسل الدراسة لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6356971 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة