فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

جنوح الأطفال: القضية والحلول

القراء : 5860

جنوح الأطفال: القضية والحلول


 الفهرس
o مدخـل
o أسباب القضية ودواعيها
o مظاهر قضية جنوح الأطفال وانعكاساتها وتأثيراتها
o الإطار العام لمعالجة القضية
o الرؤية الإسلامية إلى القضية
 
مدخل :
إن قضية جنوح الأطفال على وجه العموم، هي من كبريات القضايا الاجتماعية في هذا العصر، وفي كل عصر، وهي قضية تنطوي في جوانب كثيرة على عناصر سلبية تهدّد النظام الاجتماعيَّ العامَّ في الصميم، وتمسُّ بالاستقرار مسّاً عنيفاً، ما لم تتوفر لها الإرادةُ والعزم والتصميم لمعالجتها المعالجةَ السليمة، ومادامت الجهود التي تُبذل في هذا الاتجاه، تقصر في أغلب الأحيان، عن بلوغ الهدف المنشود، وعن الوفاء بالاحتياجات التي تتطلّبها مسؤوليةُ المجتمع تجاه الأطفال بصفة عامة.
ويمكن القول، باختصارٍ شديدٍ، إن أوضاع الطفولة في المجتمعات الإسلامية، تنطوي بطبيعتها، على العوامل والأسباب التي تشكّل الأزمةَ التي تُعدُّ من وجهة النظر الموضوعية، من الأزمات ذاتِ الخطورة المتفاقمة، لايكاد يُستثنى من هذا الوضع غير السويّ، إلا مجتمعات قليلة توفرت لها الإمكانات والوسائل والموارد، التي وإن لم تكن لتقضيّ على الأزمة قضاء مبرماً، فإنها على الأقلّ تحدّ من قسوتها، وتخفّف من وطأتها.
وبطبيعة القضية ذاتِها، وبحكم العوامل والمؤثّرات التي تتحكّم فيها، والمظاهر والنتائج التي تترتب عليها، فإن قضية جنوح الأطفال هي جزءٌ لايتجزّأ من قضايا المجتمع العربيّ الإسلاميّ في أبعادها الشاملة وآفاقها الممتدة ؛ إذ لا يمكن عزلُ هذه القضية عن مجمل القضايا الاجتماعية والاقتصادية، والتربوية والثقافية، التي تشكّل الإطارَ العامَّ للأزمة الحضارية في الوطن العربيّ الإسلاميّ، في عمقها وجوهرها، وفي آثارها وانعكاساتها، وفيما يترتب عليها من نتائج َسلبيةٍ على البيئة الاجتماعية، وعلى النظام العام، وعلى المناخ الفكري والثقافي في تشعباته وامتداداته. ولذلك فإن المعالجةَ العلميةَ لهذه القضية، ينبغي أن لاتتمَّ بمعزل عن التناول الشامل لمجموع المشكلات والمعضلات التي تعاني منها المجتمعات العربية الإسلامية.
وإذا كان من المتَّفق عليه أن هناك قدراً من التشابك والتداخل بين القضايا الاجتماعية، فإن القضية التي نحن بصددها اليوم، تمثّل بطبيعتها، الأساسَ الذي تقوم عليه قضايا المجتمع على تعدّدها وتنوّعها، وفي مختلف مجالات الحياة، وليس في مجالٍ واحد. لأن الأطفال، وكما نعلم، هم المرآة التي تعكس حالةَ الخلية الأولى للمجتمع، وأحوال الأطفال هي مقياس الأوضاع العامة لهذا المجتمع أو ذاك ؛ فإذا صلحت أحوالُهم واستقامت حياتُهم وارتقت معيشتُهم، كان ذلك انعكاساً لصلاح المجتمع من النواحي كافة. ولذلك ، فإن الموضوع المطروح الآن، هو من العمق، والشمول، والامتداد، والتشعّب، بحيث لايمكن تفكيكُه وتجزئتُه، أو معالجتُه من زاوية واحدة، أومن وجهة نظر محدودة.

أسباب القضية ودواعيها :
إنَّ لكل قضية أسباباً ودواعيَ، حتى وإن كانت من نوع القضايا المجرَّدة، فكيف إذا كانت قضيةً إنسانية تربوية اجتماعية اقتصادية ذاتَ طبيعةٍ متشعّبة، وجذور عميقة، وارتباطات شديدة مع أوضاع المجتمع في عمومياتها، وإطلاقاتها، وتداعياتها.
إن المشكلات التي يعرفها عالمُ الطفولة تنشأ من المحيط الاجتماعي، ومن البيئة، ومن المناخ العام الذي يسود المجتمع، فهي بذلك ليست مشكلاتٍ ناتجةً -تحديداً- عن طبيعة هذه المرحلة من عمر الإنسان، إلاَّ ما كان يتصل منها بالجانب النَّفسي والسلوكي، مما هو معلومٌ ومقرَّرٌ وموضّحٌ بالقدر الكافي، في العلوم الاجتماعية والنفسية والسلوكية، ولكن هذه المشكلات هي أعمق من ذلك وأعمّ وأشمل.

إننا هنا بإزاء المشكلات الخطيرة التي تنشأ عنها الأزمةُ في أبعادها الاجتماعية ذاتِ الصلة بالأمن الاجتماعي بالمعنى الفكري والحضاري، وليس فقط بالمدلول الجنائي، مما يتسبَّبُ في نشوء العناصر المعقدة المكوِّنة للقضية. ومن ثمة  فإننا نذهب إلى القول، استناداً إلى هذه المعايير، بأن قضية جنوح الأطفال التي تزداد استفحالاً بازدياد العجز عن معالجتها، وباطراد القصور في فهمها ودراستها، ترجع في الأساس، إلى ثلاثة عوامل رئيسَة، تتفرّعُ عنها عواملُ ثانوية، أو أسبابٌ ليست بذات التأثير، وهي :

- العامل الأول :
 الاختلال في موازين العمل العام الذي يختصُّ بتنظيم شؤون المجتمع، وبإدارة مرافقه، وبضبط إيقاع الحياة فيه، والذي يُعنى بأمور الناس في معاشهم وحياتهم كلِّها. وهذا الاختلال في الموازين هو من شقّين اثنين ؛ أحدُهما يتعلَّق بالجانب النظري والفكري، ويشمل المعاني والدّلالات والمفاهيم، كما يشمل الرؤَى والنظريات والطروحات، والآخرُ يتعلَّق بالجانب العملي التطبيقي، ويدخل ضمنه تنفيذُ السياسات، والمراقبةُ على التنفيذ بكل مفاهيمها وبمختلف مجالاتها، وتدبيرُ الشؤون العامة في شتى الميادين، والسهرُ على المصالح العليا التي ينعقد عليها الإجماعُ وتجتمع حولها الإرادات. وباختلال هذه الموازين، سَرَى الضَّعْفُ في الكيان واستشرى في خلايا المجتمع ؛ فاضطربت الأمور اضطراباً شديداً على المستويين معاً ؛ المستوى النظري والفكري، والمستوى العملي والتطبيقي، فكان مما يتفق وطبائعَ الأشياء أن يمتدَّ هذا الضعفُ إلى الخلية الأولى للمجتمع، وهي الأسرة، فلا تقوى على أداء دورها على النحو الطبيعي في تنشئة الأجيال، وفي تربية الأطفال، وفي الوقاية من سلسلة الانهيارات التي سرعان ما توالت على نحوٍ أدّى، وبصورةٍ تلقائية، إلى نشوء الأزمة في المجتمع، وإلى بروز إحدى القضايا المعوّقة للنّمو.
وهذا الاختلال، هو في حقيقة أمره، انعكاسٌ لانعدام التوازن الذي طبع الحياةَ العامة في المجتمعات العربية الإسلامية ردحاً من الزمن، وذلك نتيجةً لتضافر أسباب كثيرة، ليس الاحتلال الأجنبيُّ السابق لبعض بلدان العالم العربي الإسلامي، إلاَّ واحداً منها،  أدّت جميعُها إلى انفلات كثير من الأوضاع من الضوابط الشرعية والأخلاقية ـ والقانونية أيضاً ـ التي تمسك على المجتمع توازنَه وانضباطَه واستواءَه، والتي تكفل له انتظامَ أموره واستقامتَها.

- العامل الثاني :
الضغوط الاقتصادية المتراكمة التي تتسبَّب في انهيار الأساس الأخلاقي للأسرة، وما يترتب على هذه الضغوط من سلبيات فتَّاكة تلحق بالأطفال أفدح الضّرر المادي والمعنوي، مما يفقد الأسرة أهمَّ وظائفها في الرعاية والتنشئة، ويؤدّي بالتالي إلى أوضاع سيئة ينشأ في كنفها الأطفال في أجواء من الضياع والتيه والانحراف، ليس فقط بسبب ضعف قدرات ذويهم على القيام بواجباتهم تجاه أطفالهم، وإنَّما أيضاً بسبب عجز المجتمع بمؤسساته الحكومية والأهلية، عن القيام بالواجبات التي تخصّه إزاء هؤلاء الأطفال، كنتيجة لسوء الأوضاع الاقتصادية من جهة، وكأثر من آثار العامل الأول، وهو الاختلال في موازين العمل العام داخل قنوات المجتمع، من جهة ثانية.
وبالمعيار العلمي في تحليل أزمة المجتمع، أي مجتمع كان، نجد أن هذين العاملين، الأول والثاني، متلازمان، وأن اختلال موازين العمل العام في دلالاته الواسعة، يكون في غالب الأحيان، سبباً رئيساً في تراكم الضغوط الاقتصادية الناتجة أساساً عن عدم القدرة على التوفيق بين الموارد والإمكانات، وبين الاحتياجات والمتطلبات، مما يكون له في كل الأحوال، أسوأ التأثير على البيئة الاجتماعية التي هي محضن النشأة الأولى للأطفال.

- العامل الثالث :
 الاضطراب في وضع سياسات حازمة للتربية والتعليم في المراحل الدراسية الأولى، والتردّد في اتخاذ قرارات واقعية لايُراعَى فيها سوى المعايير التربوية العلمية، والأهداف التعليمية ذات الصلة المباشرة بالتنمية الحقيقية، ولا تخضع فيها السياسةُ التعليميةُ لضغوط هي أبعد ما تكون عن العلم. وقد أدَّى هذا الاضطرابُ إلى عدم الاستقرار على فلسفة للتربية والتعليم تقوم على الأسس العلمية، وتنطلق من الواقع وتتّجه نحو المستقبل، وتستند إلى الاستفادة الجدّية من التجارب الدولية الناجحة والمتفوقة في هذا المجال الحيوي.
إن هذا الاضطرابَ قد يصل أحياناً، وفي بعض المجتمعات، إلى التخبّط والارتجال، فتصير الأهداف التي تُخَطَّطُ للتعليم، قائمةً على مقتضيات سياسية، بالمعنى المحدود للسياسة، وليس بالمعنى الإيجابي والهادف الذي نلتمسه من العلم السياسي، فيصبح التعليم، بهذا الاعتبار، وبهذه السياسة غير المستقرة، بمثابة عملية تتجه نحو إرضاء المشاعر وتسكين النفوس، والاستجابة لضغوط عابرة، تتولَّد ـ غالباً ـ عن تفاعلات الواقع الاجتماعي، وتكون في معظم الحالات، صادرةً عن اختلالٍ في موازين العمل العام.
ونتيجةً لهذا الاضطراب في السياسات التعليمية والتربوية، تراجعت المدرسةُ عن أداء دورها في التنشئة والتربية والتأهيل، وأدّى هذا التراجعُ الذي يبلغ أحياناً درجة الشلل في الحركة والعجز التَّام عن تنفيذ الأهداف، إلى أن تصبح العملية التعليمية، في حالات كثيرة، عبئاً على المجتمع، على ما في ذلك من التناقض الصارخ الذي لا يصدقه العقل السليم. ولكنها الحقيقة التي تعيشها بعض المجتمعات، في صورة أجيال من الأطفال خريجي المدارس الابتدائية والثانوية، الهائمين على وجوههم بدون تأهيل يخول لهم الاندماجَ في المجتمع، وبلا تربية تعصمهم من الانحراف، وهؤلاء يشكّلون نسبة عالية من الأطفال في المجتمعات العربية الإسلامية، ويعدّون أحدَ مظاهر أزمةِ الطفولة، على وجه الإطلاق.

مظاهر قضيـة جنوح الأطفال وانعكاساتها وتأثيراتها :
إن جنوح الأطفال هو انحرافُهم عن الجادّة، واتجاههم نحو الفساد والرذيلة، وليس الجنوح انحرافاً فقط، ولكنه أيضاً شرودٌ وتيهٌ وضياع، إنه يجمع بين كل الموبقات والمنكرات والمفسدات والرذائل. ولكننا نحصر جنوح الأطفال هنا في دائرتين اثنتين ؛ أولاهما الانحراف السلوكي، وثانيتهما التسرّب من المدارس. ولهذا الترتيب مغزى ومعنى ؛ ذلك أن الانحراف السلوكي هو الأصل والسبب الرئيس في نشوء ظاهرة التسرّب من المدارس التي تؤدي إلى الضياع والإغراق في اقتراف كل المفاسد.
والانحراف السلوكيُّ ذو شقين ؛ الشقُّ الأول هو انحرافٌ في شكل فساد الأخلاق وما يجلبه هذا الفساد من مفاسد ومضارّ أخرى، فهو هنا حالةٌ فرديةٌ في الأساس، إذا تفاقمت، أدّت إلى ضياع شخصية الطفل، وإلى انهيار كيانه الغض. ويمكن أن نطلق على هذه الحالة الانحراف الخاص. أما الانحراف العام فهو الشقُّ الثاني، والذي يتعدى فيه الفساد الذاتَ الفردية إلى الجماعة، في أشكال شتّى، نذكر منها، تعاطي المخدرات بكل أنواعها، وممارسة الشذوذ بكل أصنافه، وارتكاب الجريمة بجميع أشكالها، واللجوء إلى العنف، والميل إلى التطرف في كل شأن من شؤون الحياة. وهذا هو المظهر الأشدّ خطورة من مظاهر الجنوح لدى الأطفال.
أما التسرّب من المدارس، فهو وإن كان عارضاً من عوارض الانحراف السلوكي، فإنه يعبّر عن روح التمرّد على المجتمع، وينبيء عن استعدادٍ مبكر لرفض كل ما تَوَاضَعَ عليه المجتمعُ من قيم ومبادئ ومثل.

وتتجلَّى أزمة جنوح الأطفال في مظاهر شتّى، ويكاد المجتمع كلُّه يعكس هذه المظاهر ذاتَ التأثيرات العميقة في الحياة العامة. ولكننا سنقصر تَنَاوُلَنا لهذه المظاهر، على جملةٍ منها، نراها أوسع انعكاساً وأكثر تأثيراً، وهي خمسة مظاهر تتوزَّع على خمسة مجالات :
1. مجال الأسرة.
2. مجال المدرسة.
3. مجال البيئة.
4. مجال المجتمع.
5. المجال الدولي.

وليس من قصد هذا البحث الاستغراق في تحليل هذه المظاهر كلِّها، ففي ذلك خروج عن خطة البحث وتجنّبٌ للهدف المرسوم له. ولكن حسبنا أن نقول إجمالاً، إنَّ هناك تداخلاً وتشابكاً بين أربعة من هذه المظاهر، هي التي تشمل الأسرة، والمدرسة، والبيئة، والمجتمع ؛ فدور الأسرة يبدأ من قبل ولادة الطفل، ويستمر إلى أن يبلغ مرحلة النضج، ويتكامل معه دورُ المدرسة التي تشمل المراحل التعليمية الأولى، والدوران معاً، لاينفصلان عن الدور الذي تلعبه البيئةُ العامة، التي نقصد بها البيئة الاجتماعية، والبيئة التعليمية، والبيئة الثقافية، والبيئة الصحية.

ويغطّي هذه الأدوارَ الثلاثةَ الدورُ الأكبر للمجتمع الذي يتمثَّل في السلطات العمومية، وفي المجالس التشريعية، وفي المؤسسات الأهلية، وعلى هذا النحو تتكامل المسؤوليات، وتَتَوَازى الواجبات تجاه الأطفال، ولكل طرفٍ من هذه الأطراف رسالةٌ نبيلةٌ، والتزامٌ أخلاقيٌّ وقانونيٌّ، إن لم يتم الوفاءُ به على النحو المطلوب والمرغوب فيه، اختلت موازين المجتمع ككل، ودبَّ الفساد في نسيج الكيان العام، مما تنشأ عنه الأزمة، ويترتب عليه بروز قضيةٍ بحجم هذه القضية.
أما على مستوى المجال الخامس، فإن الأمر يتعلّق بالتزامات المجتمع الدولي تجاه الطفل على وجه العموم. ويجدر بنا في هذا السياق، أن نشير إلى "إعلان حقوق الطفل" الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1959، والذي يتضمّن عشرة مبادئ تكفل الحياة الكريمة لكل أطفال العالم في حالة إذا نفذت الحكومات الموقعة على هذا الإعلان الالتزامات المترتبة على توقيعها. كذلك تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى "إعلان بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والمنازعات المسلحة" الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر 1974، وإلى "الإعلان الخاص بحقوق المتخلفين عقلياً" الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 ديسمبر 1971، وإلى "الإعلان الخاص بحقوق المعوقين" الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 ديسمبر 1975. وهذه المواثيق الخاصة بالطفل في حالاته العديدة تمثّل التزام المجتمع الدولي قاطبة تجاه الطفل، ولكنها مع ذلك تظل مجرد إعلانات دولية تُثري القانون الدوليَّ، فلا تمسّ حياة مئات الملايين من الأطفال في العالم، إلاَّ إذا نفذتها الدول التي وقعت عليها وأقرتها. ولذلك فإن قسطاً كبيراً من الأزمات والمآسي التي يعرفها عالم الطفولة اليوم، وفي العديد من مناطق العالم، سببُها عدمُ تنفيذ هذه الإعلانات والمواثيق، أو تنفيذها بشكل جزئي، وبطريقة انتقائية.

إن إعلان حقوق الطفل، وثيقة دولية بالغة الأهمية، لو نفذت بالكامل، على مستوى دول العالم كافة، وأُدمجت مبادئها في القوانين المحلية بحيث تصير جزءاً من القانون الوطني في هذه الدول، لأمكن القول إننا في سبيلنا إلى التخلّص من أزمة الطفولة، ومما تسببه هذه الأزمةُ من قضايا معقدة على مستويات عدة.
لقد جاء في المبدأ السادس من إعلان حقوق الطفل : >يحتاج الطفل لكي ينعم بشخصية منسجمة النمو مكتملة التفتّح، إلى الحب والتفهم. ولذلك يراعى أن تتم تنشئته إلى أبعد مدى ممكن، برعاية والديه وفي ظل مسؤوليتهما، وعلى أي حال، في جوّ يسوده الحنان والأمن المعنوي والمادي، فلا يجوز، إلا في ظروف استثنائية، فصل الطفل الصغير عن أمه، ويجب على المجتمع والسلطات العامة تقديم عناية خاصة للأطفال المحرومين من الأمومة وأولائك المفتقرين إلى كفاف العيش، ويحسن دفع مساعدات حكومية وغير حكومية للقيام بنفقة أطفال الأسر الكبيرة العدد<. وجاء في المبدأ السابع من هذا الإعلان >للطفل حقٌّ في تلقي التعليم، الذي يجب أن يكون مجانياً وإلزامياً في مراحله الابتدائية على الأقل<، وورد في المبدأ الثامن >يجب أن يكون الطفل، في جميع الظروف، بين أوائل المتمتعين بالحماية والإغاثة<، ويقول المبدأ التاسع >يجب أن يتمتع الطفل بالحماية من جميع صور الإهمال والقسوة والاستغلال، ويُحْظَر الاتجارُ به على أية صورة<.
ويؤكد المبدأ الثاني لإعلان حقوق الطفل على الحق الأول الذي هو أساسُ كلِّ الحقوق، >يجب أن يتمتع الطفل بحماية خاصة وأن يمنح، بالتشريع وغيره من الوسائل، الفرص والتسهيلات اللاَّزمة لإتاحة نموّه الجسمي والعقلي والخلقي والروحي والاجتماعي نموّاً طبيعياً سليماً في جو من الحرية والكرامة، وتكون مصلحتُه العليا محل الاعتبار الأول في سنّ القوانين لهذه الغاية<.
إن الانعكاسات السيئة والآثار المعوّقة للنمو التي تترتَّب على استفحال أزمة جنوح الأطفال في العالم، تأتي جميعُها من عدم كفالة هذا الحق الذي هو من الحقوق الأساس للطفل، وكذلك فإن الحياة غير السوية التي يعيشها أطفال العالم العربي الإسلامي اليوم، مصدرُها في الأساس، وعلى نحو من الأنحاء، وفي بعض جوانبها، عدمُ التقيّد بمبادئ الشريعة الإسلامية التي تكفل النشئة المتكاملة للأطفال في إطار التمتّع بالحقوق كاملة.

الإطار العام لمعالجة القضية :
إن الطفولة هي من أكثر مراحل عمر الإنسان تعقيداً، ولكنه التعقيد الذي لايستعصي على الحل، للخصائص التي أودعها الله في الطفل، والتي تجعل منه كائناً قابلاً للتكيّف وفق كل الظروف، وللاستجابة لكل المؤثرات ؛ فهذه المرحلة من العمر، وإن كانت حرجة للغاية، فإنها المرحلة التي يُتاح فيها للطفل التنشئةُ المتكاملة والتربية المتوازنة، لصوغ شخصيته الذاتية، ولصقل ملكاته الفطرية. فليست الطفولة إلاَّ ما نهيّئُه لها من مناخ صحي وظروف مواتية.
فالطفولة إذن، تخضع للمؤثرات البيئية، كما تخضع أيةُ مرحلة من مراحل عمر الإنسان لهذه المؤثرات. ولذلك فإن فهم طبيعة أزمة الطفولة، هو جزءٌ من الوعي الشامل بأزمات المجتمع بشكل عام. وتقودنا هذه الحقيقة البسيطة إلى ثلاثة اتجاهات في سبيل المعالجة التي نسعى إليها لهذه القضية، وهي :

- الاتجاه  الأول : أن نركّز الجهود على إصلاح المجتمع، وأن ننصرف كليّةً إلى البحث عن الحلول لمشكلات الإنسان المادية والمعنوية، في إطار رؤيةٍ شموليةٍ تستوعب مجملَ الظواهر الشاذّة في بنية المجتمع، وتتعامل معها باعتبارها كتلةً واحدة تتطلّب معالجة حاسمة وفق سياسات تخطيطية محدّدة.

- الاتجاه  الثاني : أن نتعامل مع قضية جنوح الأطفال من زاوية مستقلة، وباعتبارها حالةً فريدةً تقتضي معالجةً سريعة وفق تَصَوّرٍ خاص ينبع من معطيات الواقع، ويرصد الظاهرةَ من منطلق الإحساس بخطورتها، وفي معزل عن الظواهر والحالات الأخرى.

- الاتجاه  الثالث : أن نمضي في خط متوازٍ، فنقرن العملَ الذي سنقوم به من أجل حل أزمة الطفولة، ومعالجة مشاكلها بصفة عامة، بالعمل لإزالة المعوّقات التي تحول بيننا وبين بلوغ الهدف، وبإيجاد الأسباب وبتوفير الوسائل المؤدّية إلى تحقيق ما نصبو إليه من القضاء على الأزمة بمعالجةٍ شاملةٍ لأبعاد القضية المطروحة.

إن تحديد الاتجاه الذي نرسمه ونسير فيه نحو معالجة مشكلات الطفولة، هو الشرطُ الأول لضمان الوسيلة الناجعة والأسلوب الملائم للتعامل مع القضية. وإذا كان هذا التحديدُ المطلوب، هو مما يدخل ضمن السياسات الوطنية التي تتخذها الحكومات المعنية، فإنَّ الجدير بالإشارة إليه في هذا السياق، هو أن تحديد الاتجاه هنا، هو عمليةٌ مرتبطةٌ بأحد العوامل الثلاثة التي أوردناها آنفاً عن الأسباب والدواعي. ومع ذلك نستطيع أن نرجّح الاتجاه الثالث لأن عناصر الحلّ تَتَوَازَنُ فيه بالقدر الذي يمهد السبيل إلى التخفيف من حدّة الأزمة بالصورة التي تحقّق الأهداف، إن لم تكن كاملة، فعلى الأقل نسبة لا بأس بها منها.

وإذا كان إصلاح أوضاع الطفولة جزءاً لايتجزأ من الإصلاح الشامل العام، فإن هذا لايمنع من اللّجوء إلى أسلوبٍ متوازنٍ يتوفر له عنصران مهمّان ؛ الرَّبطُ بين مشكلات الطفولة بحسبانها ظواهرَ اجتماعية ذات سمات محدَّدة، وبين حلّ المشكلات العامة التي تتسبَّب في حدوث الأزمة في المجتمع بأبعادها الشاملة، وبذلك نتجنب الوقوع في الأخطاء التي تنتج عن الاندفاع غير المحسوب في التعامل مع قضايا المجتمع ومشكلاته بأسلوب الطفرة الذي غالباً ما يؤدي إلى عكس ما يُراد منه، ونتجنب في الوقت نفسه، التعرّض للانتكاسة التي تنتهي إليها المعالجةُ التجزيئيةُ لما يتطلب المعالجةَ من قضايا ومشكلات.

وفي هذا الإطار العام الذي يجمع بين العناصر المؤثّرة في معالجة الأزمة القائمة في توازن وتعادل ودقة، ومن خلال هذه الرؤية الشمولية إلى الجوانب المختلفة للموضوع، تتيسَّر الأسبابُ للقيام بمعالجة علمية هادئة، ولكنها حازمة وجادّة ومؤثرة، انطلاقاً من وجود الإرادة القوية المدعمة بالوعي الحضاري، وبالعلم الواسع، وبالفهم المستنير. وهكذا يمكن لنا أن نبحث عن الحلول العملية الكفيلة بتحسين الأوضاع في عالم الطفولة، وذلك على مستويات ثلاثة :
- المستوى الأول : تربوي، تعليمي، ثقافي، يتكامل فيه المنهج القويم والبرنامج المناسب والأداء المؤثر في العملية التربوية برمتها، انطلاقاً من فلسفة واقعية تبعد تماماً عن الفكرة الطوباوية والإغراق في الخيال السلبي والوهم العقيم، وتعتمد المنهج العلمي الصارم أداةً ووسيلةً.

- المستوى الثاني : اقتصادي، اجتماعي، تطبيقي، تتضافر فيه الجهود لإنشاء قاعدة متينة للعمل العام في ميادين رعاية الطفولة والسهر على تنشئتها وتربيتها وتأهيلها، وتوفير أسباب الحياة الكريمة لها من النواحي كافة، ولإقامة البنيات الأساس لهذه الرعاية، ولتلك التنشئة.

- المستوى الثالث : قانوني، تشريعي، تتعاون فيه الإرادات الحيّة في المجتمع على وضع الضوابط القانونية التي تحمي الطفولة، وعلى سنّ التشريعات المناسبة والملائمة لكفالة هذه الحماية، ولضمان استمرارها، ولحفظ الحقوق الخاصة بالطفل من كل عسف وظلم وعدوان، سواء أكان ذلك من الأسرة، أم من المجتمع.

فإذا تكاثفت الجهود على هذه المستويات الثلاثة، مع مراعاة الأبعاد الشاملة لهذه الرؤية، وفي هذا الإطار المرن القابل للتكيّف، وإذا سارت جهود العاملين في هذا المجال في هذا الاتجاه السَّديد، وبهذه الروح من التعاون والتكامل والحرص على المصلحة الخاصة للطفل، أمكن الوصول إلى معالجة الأزمة بطريقةٍ عمليةٍ مُجدية نافعة، وبأسلوب متحضّر لا جنوح فيه، ولا غلوّ، ولا شطط، وبالرؤية التي تستقطب جميع جوانب الموضوع.

إن قدراً كبيراً من الفشل في معالجة القضايا العامة، مصدرُه عدم ضبط المنهج الفكري والعملي الذي يُعتمد لتحقيق الأهداف ؛ فتضيع بذلك الجهود وتتشتّت، ويخسر الطفل من جراء ذلك الفرصَ الثمينة التي كان بالإمكان استثمارُها لفائدته، إذا ما توفّرت الأداة المناسبة، والأسلوب النافع، والمنهج العلمي الملائم.
ولا تكتمل العناصر المؤثرة لهذا الإطار، إلا إذا توفّرت الإرادة السياسية الهادفة والواعية والمدركة لطبيعة المشاكل والمؤمنة بضرورة حلّها، قياماً بالواجب، وأداءً للأمانة، وخدمةً للأمة. فبدون إرادة سياسة تصنع القرار المناسب في الوقت المناسب، تظل هذه الأفكار دون دلالة وبلا أثر في واقع الناس.

الرؤية الإسلامية إلى القضية :
إن الشرط الأساس للمنهج العلميّ الصحيح الملائم لمعالجة المشكلات الاجتماعية، أن يكون نابعاً من البيئة الإنسانية، منبعثاً عن المحيط الاجتماعي، قائماً على أسس ثابتة من المبادئ والقيم والمثل التي تشكّل العناصر الرئيسَة للكيان المعنوي وللوجود التاريخي والحضاري للأمة التي تبحث عن الحلول لمشكلاتها، فإذا لم يكن المنهج المعتمد لمعالجة الأزمات، ولتنظيم شؤون المجتمع بصفة عامة، منبثقاً عن الذاتية الثقافية والحضارية، فإنه لاينتج عنه سوى ضياع الجهد وإهدار المال وفوات الفرص.
وإذا كنا نؤكد في هذا السياق، كما نؤكد في سياقات أخرى، على وجوب اعتماد المنهج الإسلامي، أداةً ووسيلةً لحلّ المشكلات العويصة والأزمات الخطيرة التي تعاني منها المجتمعات العربية الإسلامية، في إطار من سعة الرؤية وشمولها، ورحابة الفكر واتساعه، وبالأسلوب المتحضر الذي ينسجم مع المقاصد الشريفة للدين الحنيف، فلأن الرؤية الإسلامية التي ندعو إلى الصدور عنها في معالجة قضية جنوح الأطفال، هي فرع عن الرؤية الإسلامية العامة إلى المجتمع في إطاره العام.
إن الإسلام دين الرحمة واليسر والعدل، وَضَعَ الضوابط الصحيحة لحياة الأسرة في مرحلتها المبكرة، فجعل الأساس الذي تقوم عليه العلاقةُ بين الزوجين المودةَ والرحمة، وأوصى بحسن اختيار رفيق الحياة، وحدَّد لذلك معايير سليمة، وحثَّ على حسن المعاشرة بين الأزواج، وشدّد على الرفق بالأطفال، ووجَّه إلى تنشئتهم التنشئة الصحيحة التي تقوم على التعلّم وأداء الواجبات الدينية، والتي تكفل لهم بناء ذواتهم على أسس متينة، وشرّع للأطفال حقوقاً أوجب على الآباء والأمهات والأقارب أداءها وصونها، وحفظ لهم هذه الحقوق في جميع مراحل العمر، ودعا إلى مراعاة هذه الحقوق في جميع الأحوال. وتلك هي الضمانات الأول للوقاية من الانحراف.
وأرست شريعة الإسلام مبادئ قويمة لقيام المجتمع المتماسك المتضامن المتساند، الذي تسود فيه قيم الحب والإخاء والمودة، وقيم العدل والمساواة في الحقوق والواجبات، وقيم التكافل والتعاون على البر والتقوى، والبر في مفهومه العام هو الخيرُ بكل درجاته، والتقوى في حقيقتها وجوهرها هي العمل الصالح الذي ينفع الناس ويمكث في الأرض.

وفي إطار هذه الرؤية الإسلامية إلى المجتمع ككل، ننظر إلى قضية جنوح الأطفال، ونطرح بعض التصوّرات لحلولٍ نراها كفيلةً بمعالجة القضية معالجةً كاملةً شاملةً.
ووفقاً للمعيار العلمي الذي حدّدنا به أسباب القضية ودواعيها، ورسمنا لها الإطار العام الذي يَسَعُها، نرى أن الحلول العملية لقضية جنوح الأطفال وما يترتب عليها من مشكلات، لابد وأن تسلك السبل الخمس التالية :
أولاً : إصلاح تشريعي لمجموع القوانين الخاصة بالطفل، وذلك على ضوء الفهم الرشيد للأحكام وللمقاصد الكلية للشريعة الإسلامية بهذا الخصوص، بحيث تشمل عملية المراجعة القانونية والإصلاح التشريعي جميعَ الجوانب ذاتِ الصلة بأحوال الأسرة بوجه عام، مع الحرص الشديد على ضرورة مراعاة صيانة حقوق الطفل كاملة، والتقيّد بالوفاء بالتزامات الأسرة والمجتمع إزاء هذه الحقوق، في غير ما شطط، أو غلو، وبمقتضى ما تُوجبه روحُ الشريعة، وبما يقتضي ذلك من إصلاحٍ شاملٍ للجهاز المشرف على تطبيق القوانين في مختلف مراحل التنفيذ، ولأسلوب الردع والزجر والعقاب.

ثانياً : مراجعة المناهج التعليمية والبرامج الدراسية، وفقاً لمقتضيات روح البناء والتغيير التي تسري في المجتمع، وطبقاً لمتطلبات التنمية الشاملة في مناحيها كافة، وعلى النحو الذي يضفي على هذه المناهج والبرامج الطابعَ العمليَّ وروح الجدية ويكسبها المناعة والفعالية، وحتى تُحاط العملية التعليمية ككل، بسياج من الضمانات التي تكفل تحقيق أفضل النتائج، ومن أجل أن يكون التعليم نافعاً والتربية مجدية، على أن يرتكزا، في آن واحد، وفي سياق واحد، على المبادئ السامية والقيم المثلى.

ثالثاً : التركيز على تطوير التعليم الفني والمهني، بحيث يفوق هذا النوع من التعليم في الأهمية والترتيب، التعليمَ العموميّ، وبذلك يتم كسر الفجوة العميقة التي تجعل من التعليم الفني والمهني اليوم، ملجأ لإنقاذ ذوي الدرجات الضعيفة والمتوسطة الذين يتخلفون عن الالتحاق بالتعليم الجامعي، وبذلك يصير التعليم الفني والمهني مجالاً لتنافس ذوي الكفاءات والمقدرات العالية، وميداناً لتسابق أصحاب المواهب والملكات المتميزة.

رابعاً : توفيق أوضاع المؤسسات الإعلامية إزاء الأطفال عموماً، وذلك بإحداث تغيير شامل يستند إلى تشريع مَرِنٍ وفلسفة توجيهية سليمة، في العملية الإعلامية برمتها، لتتكامل رسالةُ الإعلام مع رسالة الأسرة والمجتمع، على أن يتحمّل الإعلام الحكومي القسط الأوفر من مسؤوليات هذا التغيير، حتى يكون الإعلامُ موجِّهاً للطفل نحو الخير والفضيلة والصلاح، لا محفِّزاً له على الشر والرذيلة والفساد. وحتى يكون الإعلامُ أيضاً، أداةَ بناء، لا وسيلة هدمٍ، لابد من أن يخضع لضوابط قانونية يَتَوَافَقُ المجتمعُ على وضعها في الصيغة التي تتلاءم والقوانين العامة والاختيارات الأساس للدولة.

خامساً : انتهاج سياسة إصلاح اقتصادي شامل يعتمد على العلم والمعرفة وفهم روح العصر، لا على النظريات الجاهزة التي ثبتَ بطلانُها وعدم صلاحيتها للمجتمعات الحديثة، مع إيجاد روح المبادرة والشجاعة في ممارسة الأنشطة الاقتصادية، في إطار من الضمانات القانونية التي تحفظ الحقوق لذويها، وبما يخلق في المجتمع حيويةً وانتعاشاً ونهضةً اقتصاديةً واجتماعيةً تكون لها انعكاساتها الواسعة على جميع فئات المجتمع وخلاياه، وفي مقدّمتها الأسرة.
إن الاتجاه في هذه السبل الخمس، في وقت واحد، وبإرادةٍ واحدة، هو في رأينا العلاج النافع للأزمة التي نحن بصددها.
وإذا كانت هذه الحلول تبدو من حيث الإطار العام والشكل الخارجي، إجراءاتٍ عامةً تصلح لأي مجتمع، فإنها في العمق والجوهر، تمتاز بالمحتوى الأخلاقي، وبالمبادئ السامية التي تستند إليها.
إن المنهج الإسلامي في معالجة المشكلات الاجتماعية لا ينفصل من حيث الأدوات والوسائل عن روح العصر، ولكنه يرتقي عن المناهج السائدة بروحه، وبمضمونه، وبغاياته. ولذلك فإن علاج مشكل جنوح الأطفال في المجتمعات العربية الإسلامية انطلاقاً من هذا المنهج، ومن خلال هذه الرؤية، سيكون له أثرُه العميق، وسيستجيب لتطلعات الأمة ويلبّي رغباتها.
 
 
قدّم هذا البحث إلى الدورة الحادية عشرة للمؤتمر العام للمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسسة آل البيت) التي عقدت في عمّان بالمملكة الأردنية الهاشمية في الفترة ما بين 22 و 25 يوليو 1997م.
 

 أطبع الدراسة أرسل الدراسة لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6357676 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة