فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

العولمة وإعادة تشكيل المجتمعات

القراء : 5064

العولمة وإعادة تشكيل المجتمعات

 
إعداد
مهندسة/ كاميليا حلمي محمد

 
o مقدمة
o ما هي العولمة
o لماذا الهيمنة الثقافية؟
o التآكل الديموجرافي
o الازدواجية في المعايير
o اتفاقية مؤتمر القاهرة للسكان - البند 7-6
o الأنثوية الراديكالية / الجندرية Radical/Gender Feminists
o التوصيات
 
مقدمة:
العولمة مصطلح جديد برز مؤخرا على الساحة وفرض نفسه حتى على من يرفضه. وتعددت التعريفات واختلفت وفقا للمنظور الذي ترى به العولمة، فحين عرفها البعض بأنها "الاتجاه المتنامي الذي يصبح به العالم كرة اجتماعية بلا حدود، عرفها البعض الآخر بأنها تكثيف العلاقات الاجتماعية عبر العالم بحيث ترتبط الأحداث المحلية المتباعدة بطريقة كما لو كانت تتم في مجتمع واحد"[1].
ويقول د.الجابري: "إن العولمة بمعناها الشامل هي ترجمة لكلمة  Globalization الانجليزية، والتي ظهرت اول ما ظهرت في الولايات المتحدة الأمريكية، وتفيد معنى (تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل الكل)"[2]
"وبشكل عام فإن الغرب وأمريكا خاصة تتبنى (سياسة تفكيك المجتمعات) أي جعل أهلها شيعاً وأحزاباً ـ وهي السياسة الفرعونية التي تعـبر عن الطاغوتية والاستعلاء، ولكي تفكك هذه المجتمعات فإنها تسعى إلى ضرب مواطن القوة التي تحول دون اختراق المجتمعات الإسلامية، وأحد أهم مواطن القوة في العالم الإسلامي نظام الأسرة الذي يحفظ للمجتمع قوته وتماسكه. وتبدو الهجمة الغربية (الأمريكية) الآن عبر تسيدها وهيمنتها وشرائها للنخب العنكبوتية، واحتفائها بجمعيات ضغط نسائية منتفعة، وعبر جمعيات حقوقية نسائية وحقوقية عامة، وعبر تمويل هذه الجمعيات وكأنها فيها تفرض ولو بالقـوة أجندة خـاصة، وتأتي الأسرة والمرأة وقضاياها ذات الأولوية من الهجمة الغربية الأمريكية الجديدة، وهذه الهجمة تؤكد أن الغرب ووكلاءه في المنطقة ينتقلون من التخطيط والإعداد للغزو الفكري والقيمي للعالم الإسلامي إلى التنفيذ منتهزين لحظة تاريخية ـ إنما هي القوة المتسيدة للغرب وضعف العالم الإسلامي".[3]
 
________________________________________
[1] - عمرو عبد الكريم، في قضايا العولمة: اشكالات قرن قادم، سما للنشر ص3
[2]  - د. محمد عايد الجابري، قضايا في الفكر المعاصر، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية 1997، ص136
[3] - كمال حبيب، مشاريع هدم الأسرة المسلمة من التخطيط إلى التنفيذ،
http://www.saaid.net/female/m46.htm
 
ما هي العولمة:
أغلب التعريفات التي قدمت لمفهوم العولمة ركزت على البعد الاقتصادي ولعل هذا نابع من كونها نتاج لتطور النظام الرأسمالي وحاجته الى التوسع المستمر في  الأسواق. إلا أن دلالة المصطلح استقرت على أن العولمة هي ظاهرة تتداخل فيها أمور السياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع والسلوك، وتحدث تحولات تؤثر على حياة الانسان في كوكب الأرض اينما كان وتبرز بفعل هذه التحولات قضايا لها صفة (العالمية) مثل قضايا البيئة، وتشابك أدوار المنظمات الأهلية والمحلية والمنظمات الأهلية متعددة الجنسيات، فضلا عن دور منظمة الأمم المتحدة والمنظمات المتخصصة المنبثقة عنها. وكما يقول احد المتخصصين: "إذا أردنا أن نقترب من صياغة تعريف شامل للعولمة، فلابد من أن نضع في الاعتبار ثلاث عمليات تكشف عن جوهرها:
العملية الأولى، تتعلق بانتشار المعلومات بحيث تصبح مشاعة لدى الناس جميعا.
العملية الثانية، تتعلق بتذويب الحدود بين الدول.
العملية الثالثة، هي زيادة معدلات التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات"[1].

 ومن العجيب واللافت للنظر " في أقل من عشر سنوات أن يغزو العالم كله -وليس فقط مجتمعاتنا- مطاعم الوجبات السريعة، وبالأخص الشركات الأمريكية مثل ماكدونالدز وأخواتها، وإقبال الناس عليها بشكل عجيب، وطرح كل البدائل الأخرى. إنها حقيقة تعاني منها حتى أوروبا نفسها.. الجناح الثاني للغرب. ولعل من أوضح الأمثلة على هذا أن فرنسا من أكثر الدول الأوروبية مناهضة للعولمة الأمريكية بهذا الشكل، منها الرفض بشدة فتح مطعم ماكدونالدز في برج إيفل الذي يعتبره تراثا يخص الفرنسيين. لماذا يراد لنا نحن المسلمين أن نقبل بعضوية نادي العولمة، دون أن نسأل عن شروط هذه العضوية"[2]

الهدف الحقيقي للعولمة :
ترتدي العولمة ثوب الحرية، والسلام، وحقوق الإنسان، مع تركيز واضح على حقوق المرأة.. ولعل البعض يتساءل .. هل هذه هي الاهداف الحقيقية للعولمة ؟
واذا كانت هذه هي الاهداف الحقيقية، فأين هذه الأهداف النبيلة من حرمان المرأة المسلمة والطفل المسلم من أبسط الحقوق، وأهمها.. حق الحياة .. هل يخفى عليهم مايلاقياه من قتل وتشريد في شتى بقاع الارض التي تئن تحت وطأة الاحتلال، ويتعرض فيها كل من المرأة والطفل المسلمين للقتل والتشريد والفناء؟
 إن الهدف الحقيقي للعولمة هو الهيمنة وإن تغيرت الأشكال والألوان لكن الجوهر واحد والحجة واحدة وهي  تفوق الإنسان الغربي وتمجيد اختياراته وعظمة ثقافته وقيمه وضرورة إخضاع الناس له مهما كان الثمن فادحاً .
 قال تعالى: \ فاستخفّ قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين\، إنها خطة قديمة يأخذها الطاغوت اللاحق عن الطاغوت السابق، حتى تصل الى فرعون.
وكما يقول شوقي جلال: من السذاجة بمكان أن نتصور أن العولمة مجرد تفوق تكنولوجي، أو سيطرة البورصات والتنافس الاقتصادي. إنها في الحقيقة عملية سياسية تقودها الدولة الأمريكية بالاعتماد على قدراتها العسكرية ونفوذها السياسي. 
"ولننظر كيف عبر الغربي قديما عن هيمنته وسيطرته بأسماء مثل (الاستعمار) أي إعمار الأرض، وقالوا أن الشعوب الأخرى الملونة ليست قادرة على حكم نفسها، ولا بد لنا -أي المستعمر- أن نقوم برسالتنا التاريخية في نقل المدنية والعلم  والتقدم اليها".[3]

"لقد قام الاستعمار بالتخطيط المدروس لإضعاف العالم الإسلامي وإبعاده عن مقوماته الإسلامية، ووجد الاستعمار من بين أبناء العالم الإسلامي أناساً ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أدوات لتحقيق أهدافه. ونحن لانلقي هنا القول على عواهنه، وإنما هذا ما تنطق به الوثائق السرية الاستعمارية نفسها. فقد جاء في تقرير وزير المستعمرات البريطاني (أورمسبي غو) لرئيس حكومته بتاريخ 9 يناير (كانون الثاني) 1938م ما يأتي: (إن الحرب علمتنا أن الوحدة الإسلامية هي الخطر الأعظم الذي ينبغي على الامبراطورية أن تحذره وتحاربه، وليس الامبراطورية وحدها، بل فرنسا أيضاً، ولفرحتنا فقد ذهبت الخلافة، وأتمنى أن تكون إلى غير رجعة. إن سياستنا الموالية للعرب في الحرب العظمى (يعني الأولى) لم تكن مجرد نتائج لمتطلبات (تكتيكية) ضد القوات التركية، بل كانت مخططة أيضاً لفصل السيطرة على المدينتين المقدستين مكة والمدينة عن الخلافة العثمانية التي كانت قائمة آنذاك.  ولسعادتنا فإن كمال أتاتورك لم يضع تركيا في مسار قومي علماني فقط، بل أدخل إصلاحات بعيدة الأثر، أدت بالفعل إلى نقض معالم تركيا الإسلامية)." [4]

"ويأتي المهيمن الحالي ليشرح نواياه الامبريالية الجديدة رافعا شعارات براقة حيث يقول ريتشارد جاردنر في كتابه (نحو نظام عالمي جديد): " لقد كان توماس جيفرسون يعبر عن إيمان آبائنا -الذين اقاموا دعائم بلادنا- العميق عندما تنبأ بأن نيران الحرية وحقوق الانسان سوف تنتقل من أمريكا لكي تنير مناطق أخرى من الأرض"[5]
"وقال جيفرسون هذا في موضع آخر "الأميريكيون شعب الله المختار، لهم الحكم والهيمنة اختيارا أو قوة أو قسرا" [6]
"وقد ربط بعض الباحثين مثل جندزاير بين نمط نظريات التنمية وبين اهتمامات أمريكا بإحكام السيطرة بخاصة على العالم الثالث في دراسة شجاعة بعنوان (إرادة التغيير السياسي والعالم الثالث) وقد كشفت هذه الدراسة أنه خلال الخمسينيات والستينيات كان هناك تعاون كبير بين المشتغلين بعلوم الاجتماع وبين وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، وتمخضت عن دراسات رفعت للحكومة. ومن المشاريع المذكورة في هذا المجال (مشروع كاميلوت) الذي تبنته وزارة الدفاع الأمريكية لدراسة الظروف المختلفة داخل العالم الثالث من أجل تحديد عوامل التفكك الاجتماعي وصياغة برامج في مجالات التنمية توجه التغييرات داخل هذه الدول وجهة محددة، أو بمعنى آخر لضبط اتجاهات  التغيير في مسارات تخدم أهداف الغرب".[7]
________________________________________
[1] - السيد يس، في مفهوم العولمة، مجلة المستقبل العربي، العدد 228، 1998 ص7
[2] - العولمة في ميزان الإسلام، جمعية الإصلاح الاجتماعي، من رسائل الجمعية، ص 22
[3] د.مثنى أمين، كتاب حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، دار القلم، 2004، ص261.
[4] - د. محمود حمدي زقزوق،خطورة القرآن ،http://www.balagh.com/mosoa/tablg/ug0wx65y.htm
[5] د.مثنى أمين، مرجع سبق ذكره، ص261.
[6] مصطفى الطحان، مرجع سبق ذكره، ص16
[7] د.مثني أمين، مرجع سبق ذكره وبتصرف ص264


لماذا الهيمنة الثقافية؟
ومن خلال خبرات  العالم الغربي الذي أخفق في المواجهة العسكرية المباشرة مع العالم الثالث، واكتشافه أن هذه المواجهة مكلفة وطويلة، فضلا عن فشلها في الاستمرارية، لجأ الى نوع آخر من الهيمنة، وهي الهيمنة الثقافية، وذلك "بالسعي الى سيادة الحضارة الغربية، وقيمها الاجتماعية على العالم ، وتذويب الحضارات الأخرى في النموذج الغربي"[1]
وتعد الهيمنة الثقافية أخطر بكثير من الهيمنة العسكرية او السياسية.. فهي اكثر فعالية، وديمومة، وسلما، وأقلها تكلفة، ولا تواجهها مااعتادت الهيمنة العسكرية أن تواجهه من كراهية ومقاومة شديدين، بل على العكس، فقد تحول المستعمر لدى الشعوب التي تشربت ثقافته، صديقا، مألوفا، بل بات تعده تلك الشعوب الملاذ والمنقذ من التخلف والرجعية.
حيث يقول أحد منظري الهيمنة الثقافية أنطوني كينج: " نحن  لا نفترض أن هذه النقطة تمثل نهاية التطورات ذات الطابع العولمي فعملية تشكيل الثقافة العالمية تسير على نحو متواصل نحو المستقبل، و لابد من سيناريو التجانس العالمي للثقافة ويتم هذا بالمساندة التنظيمية القوية حتى تتمكن الامبريالية الثقافية من مواجهة ثقافة شعبية لا حول لها ولا قوة ، وينتج تحقيق التجانس عن طريق تدفق الثقافة كسلعة من المركز نحو الأطراف ، وفقاً لهذه الرؤية فإن الثقافة العالمية المتجانسة الوافدة سوف تكون صيغة من الثقافة الغربية المعاصرة عندئذ سيظهر فقدان الثقافة المحلية عند الأطراف" [2]
بمعنى، أن يتم "التشكيك في القيم والمعتقدات واتهامها بالجور والتخلف حتى يسهل طمسها، ومن ثم افساح الطريق للثقافة الوافدة لتحل محلها. وهذا هو شكل العولمة الذي يطرحه الغرب وخصوصا الولايات المتحدة، فهي (نفي) أو (استبعاد) لثقافات الأمم والشعوب بعد تشويهها ثم تنميط المجتمعات جميعا على نمط واحد من التفكير، فما تطمح اليه العولمة الغربية وخصوصا الأمريكية، هو صياغة ثقافة كونية شاملة تغطي مختلف جوانب النشاط الانساني، أي صياغة نسق ملزم من القواعد الأخلاقية الكونية يكون محور هذا النسق هو منظومة القيم الغربية".[3]  لأن الأمة المغلوبة مولعة بتقليد الغالب، كما قال ابن خلدون.

"ويؤكد تقرير الأمم المتحدة الصادر فى اليونسكو أن التجارة العالمية ذات المحتوى الثقافي قد تضاعفت من عام 1980إلى1991 ثلاث مرات، إذ ارتفع من 67 مليار دولار إلى 200 مليار دولار. وهذه المواد الثقافة (أفلام - موسيقى - برامج تليفزيونية)  تدخل كل بيت تقريباً وتسيطر عليها الولايات المتحدة الأمريكية وفى نفس الوقت نجد أن هذه الصناعات بدأت فى الذبول فى كثير من الدول.  ومن الملاحظ أن بنيامين باربر Benjamin Barber صك مصطلح (ماك) Mc World، ليشير إلى أن حاسوب ماكينتوش أصبح معياراً للفكر والعقل، ومطاعم الهامبورجر (ماك) معياراً للطعم والمعدة.  ويقرر نورمان جونسون Norman Jonson  أن الصادرات الأمريكية ليست أجهزة وبرادات وعربات فقط، لكنها أفكار أيضاً. وعندما تبدأ تصدير الأفكار والفلسفات والسلوك وطرق المعيشة فإن هذا يصبح هجوماً على ثقافات الغير"[4]

معوقات الهيمنة الثقافية:
"لقد أدرك العالم الغربي أن نجاح مجتمعات العالم الثالث في مقاومته يعود الى تماسكها، الذي يعود بدوره الى بناء أسري قوي لا يزال قادرا على توصيل المنظومات القيمية والخصوصيات القومية الى أبناء المجتمع، ومن ثم يمكنهم الاحتفاظ بذاكرتهم التاريخية، وبوعيهم وثقافتهم وهويتهم وقيمهم. وهذا ولا شك يعني التصدي للعولمة التي تستهدف بالدرجة الأولى محو الهوية والقضاء على القيم الأصيلة". [5]
ويقول زويمر في كتابه ( أشعة الشمس في الحرمين) : " إننا تعلمنا أن هناك خططاً أخرى غير الهجوم المباشر على الإسلام والضرب العشوائي على حائطه الصخري .. فنحن عرفنا أن الثغرة تقع في قلوب نساء الاسلام فالنساء هن اللواتي يضعن أولاد المسلمين" [6]
________________________________________
[1] - د.مثنى أمين، مرجع سبق ذكره، س 266.
[2] -أنطوني كينج، المرجع السابق، ص 162
[3] د.مثنى أمين، كتاب حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، دار القلم، 2004، ص261.
[4]- المرجع
[5]- د.عبد الوهاب المسيري، الأنثوية مابين حركة تحرير المرأة وحركة التمركز حول الأنثى، القاهرة، سبتمبر - أكتوبر 1997، ص63
[6] - أكرم رضا، قواعد تكوين البيت المسلم، دار التوزيع والنشر الإسلامية، طبعة 2004، ص849

 

التآكل الديموجرافي:
ولا يقل دور الأسرة في التناسل والتكاثر لإعمار الأرض عن دورها في توريث القيم والدين والانتماء للأجيال الناشئة، خاصة اذا علمنا " أن عدد المسلمين قد وصل الى بليون ومائة وخمسين مليون نسمة في عام 1990، وهذا يمثل 22% من سكان العالم، و30% من سكان الدول النامية. ويتضاعف عدد المسلمين كل 23 عام، بينما يتضاعف عدد سكان الدول المتقدمة مرة كل 122 عام"[1]

وشهد شاهد من أهلها
"يشير د. هنري ماكوو (أستاذ جامعي ومؤلف وباحث متخصص في الشؤون النسوية والحركات التحررية) إلى الدوافع الخفية لحرب الغرب على الأمة العربية والإسلامية موضحًا أنها حرب ذات أبعاد سياسية وثقافية وأخلاقية، إذ أنها تستهدف ثروات ومدخرات الأمة، إضافة إلى سلبها أثمن ما تملك: دينها، وكنوزها الثقافية والأخلاقية. وعلى صعيد المرأة استبدال البرقع وما يحمله من قيم بالبكيني كناية عن التعري والتفسخ، يقول الكاتب: دور المرأة في صميم أي ثقافة، فإلى جانب سرقة نفط العرب فإن الحرب في الشرق الأوسط إنما هي لتجريد العرب من دين هم وثقافتهم.

ويشيد د.هنري ماكوو بمهمة ورسالة المسلمة والمتمثلة في حرصها على بيتها واهتمامها بإعداد النشء الصالح فيقول: تركيز المرأة المسلمة منصب على بيتها، العش حيث يولد أطفالها وتتم تربيتهم، هي الصانعة المحلية، هي الجذر الذي يبقى على الحياة الروح للعائلة..تربي وتدرب أطفالها.. تمد يد العون لزوجها وتكون ملجأ له".[2]
"لقد أصبح كل من (المرأة) و (الأسرة) محورين أساسيين من محاور عمل التجمعات والفعاليات الاجتماعية في العالم، ولدى كثير من المنظمات (الحكومية وغير الحكومية). كما أصبح الشغل الشاغل لتلك التجمعات والمنظمات السعي لعولمة الحضارة الغربية ممثلة في الحياة الاجتماعية لتلك الدول وذلك من خلال تقويض بناء الأسرة، لأنها -كما يعلنون- أكبر عائق من عوائق التقدم والرفاهية، فهي أقدم مؤسسة  اجتماعية يتسلط من خلالها الرجل على المرأة، ويمارس عليها أشكال القهر، ومن أجل التحرير المزعوم للمرأة، فإنهم يرون ضرورة التخلص من الأسرة.  تلك هي رؤيتهم التي دأبوا على بثها بكل وسيلة ممكنة، وذلك هو برنامجهم الذي لم يسأموا من السعي لتحقيقه في الواقع وفرضه -اذا لزم الأمر- بالقوة".[3] إذن ... فقد وضحت معالم الخطة .. وبات الهدف واضحة ... فلإتمام كامل الهيمنة الثقافية على العالم الاسلامي .. لابد من هدم الأسرة.. ولابد من تحقيق هذا الهدف بشكل شرعي، وسلمي. وذلك عن طريق عولمة نمط الحياة الغربي "وصياغة نسق ملزم من القواعد الأخلاقية الكونية يكون محور هذا النسق هو منظومة القيم الغربية، وذلك عن طريق تقنين تلك المنظومة (الثقافة الغربية) في شكل مواثيق دولية عبر مؤتمرات دولية أعدت خصيصا لهذا الغرض"[4]

المؤتمرات الدولية وما يصدر عنها من وثائق دولية:
"فمنذ عام 1950م حاولت الأمم المتحدة عقد الدورة الأولى لمؤتمراتها الدولية حول المرأة والأسرة بعنوان: (تنظيم الأسرة) لكن الحكومة المصرية في العهد الملكي قاومته بقوة، وأخفق المؤتمر الذي كان يترأسه ماركسيٌّ صهيوني، ثم عاودت الأمم المتحدة مرة ثانية تطلعها في بناء المرجعية النسوية الجديدة، فعقدت مؤتمراً في المكسيك عام 1975م، ودعت فيه إلى حرية الإجهاض للمرأة والحرية الجنسية للمراهقين والأطفال، وتنظيم الأسرة لضبط عدد السكان في العالم الثالث، وأخفق هذا المؤتمر أيضاً، ثم عقد مؤتمر في "نيروبي" عام 1985م بعنوان: "استراتيجيات التطلع إلى الأمام من أجل تقدم المرأة"، ثم كان مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية الذي عقد في سبتمبر 1994م، وأخيراً كان مؤتمر المرأة في بكين الذي عُقد عام 1995م تحت عنوان: "المساواة والتنمية والسلم"، وهو المؤتمر الذي ختمت به الأمم المتحدة القرن الماضي، وانتهت إلى الشكل النهائي للمرجعية الجديدة والبديلة التي يراد فرضها على العالم والتي تهدف بكلمة واحدة إلى (عولمة المرأة)"[5]
 
________________________________________
[1] - جمال ابو السرور، الضوابط والأخلاقيات في بحوث التكاثرالبشري في العالم الإسلامي.
[2]- المرأة، المجتمع الكويتية، العدد 1659، جمادي الآخرة 1426هـ
[3]- د.فؤاد عبد الكريم، العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية، كتاب البيان، 2005، ص47
[4]- مثنى أمين، كتاب حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، دار القلم، 2004، ص261.
[5]  ماجد بن جعفر الغامدي، الأمم المتحدة تتبنى ترويج الإباحية وتدمير الأسرة في مؤتمر: "عولمة المرأة"، مجلة المجتمع، العدد رقم 1641،
 
http://www.almujtamaa-mag.com/Detail.asp?InSectionID=1243&InNewsItemID=158073
 

الازدواجية في المعايير
"إن الغرب والأمم المتحدة نفسها ما فتئت ترفع شعار:
احترام الآخر، وقبول الآخر، وعدم إقصاء الآخر، وعدم إلغاء الآخر.. إلخ.

لكن أليست هذه الهيئة نفسها تمارس: احتقار الآخر، ورفض الآخر، وإقصاء الآخر، وإلغاء الآخر..!!. حينما تفرض قرارات مؤتمراتها المصوغة سلفا، على شعوب العالم، وهذه الشعوب فيها ثقافات وقناعات مختلفة، وهي ملتئمة تماما مع نفسها متوافقة، ليس لديها المشكلات التي لدى الغرب، والنساء فيها ليس لديهن من المشكلات، كتلك التي تؤرق المرأة الغربية ؟!" [1]
وتنبع خطورة "المواثيق والاعلانات، من انها وإن كانت غير ملزمة في البداية، لكنها تصل الى درجة الإلزام بعد التوقيع والتصديق عليها، وحتى لو لم تكن ملزمة بالمعنى القانوني، والذي يترتب على عدم الالتزام بها عقوبات  مختلفة، لكنها مع ذلك تشكل ضغطا أدبيا وإحراجا دوليا في الكثير من الأحيان، ومثل هذا الضغط والاحراج تتبعه ضغوط سياسية واقتصادية لاحقة، بحيث تضطر الكثير من الدول الى التوقيع عليها والانضمام إليها".[2]

إطلالة على بعض الوثائق الدولية:
"وبإطلالة سريعة على نص الوثيقة الختامية لمؤتمر بكين والوثيقة المعدّة لمؤتمر بكين والتي تقع في 177 صفحة و362 مادة نجد الوثيقة تدعو إلى نزعات متعددة، وتتضمن هذه النزعة فرض فكرة حق الإنسان في تغيير هويته الجنسية (من ذكر إلى أنثى ومن أنثى إلى ذكر أو أن يختار أن يكون بينهما لأن الوثيقة تقر الاعتراف بالشواذ). ولك أن تتخيل ما يتبع ذلك من تغيير في الأدوار المترتبة على الفرد.
وتطالب الوثيقة بحق المرأة والفتاة في التمتع بحرية جنسية آمنة مع من تشاء وفي أي سن تشاء وليس بالضرورة في إطار الزواج الشرعي، بتقرير متبجح للإباحية الجنسية وإلزام جميع الدول بالموافقة على ذلك، مع المطالبة بسن القوانين التي يعاقب بها كل من يعترض على هذه الحرية، حتى ولو كان المعترض أحد الوالدين، وهذا استدعى كذلك الدعوة إلى تقليص ولاية الوالدين وسلطتهما على أبنائهما، حتى لو كانت تلك الممارسات في داخل البيت الذي تعيش فيه الأسرة، فللفتاة والفتى أن يرفع الأمر إلى السلطات التي ستلزم بسن قوانين تعالج أمثال هذه الشكاوى، فالمهم هو تقديم المشورة والنصيحة لتكون هذه العلاقات (الآثمة) مأمونة العواقب سواء من ناحية الإنجاب أو من ناحية الإصابة بمرض الإيدز.

كما تطالب الوثيقة، الحكومات بالاهتمام بتلبية الحاجات التثقيفية والخدمية للمراهقين ليتمكنوا من معالجة الجانب الجنسي في حياتهم معالجة إيجابية ومسؤولة، وتطالب بحق المراهقات الحوامل في مواصلة التعليم دون إدانة لهذا الحمل السِّفَاح، فالوثيقة تدعو إلى سن قوانين للتعامل مع حمل السفاح، لتكون وثيقة دخول الحامل للمستشفى، كونها حاملاً دون أدنى مساءلة حول حملها بغير زوج، ثم تخيير الفتاة بين رغبتها في الإجهاض، أو إن شاءت أن تبقيه فتلزم سلطات الرعاية الاجتماعية برعايتها، وإن لم ترد تربيته فتدفع به لدور الرعاية.

وبالتأمل والتحليل لبعض ألفاظ الوثيقة نجد كلمة: )الأمومة( لم ترد سوى ست مرات، بينما كلمة: (جندر) والتي تعني (نوع) جاءت ستين مرة، وجاءت كلمة )جنس( في مواضع كثيراً جداً، وأما كلمة )الزَّوج (Husband-wife فلم تذكر بالمرة، لأن الوثيقة لا تعترف بالزواج وتعتبره (جناية) على المرأة وتسمي العملية الجنسية بين الزوجين بـ (الاغتصاب الزوجي)، وذُكر بدلاً من "الزوج" كلمة أوسع وأعم وهي (Partner) أي الزَّميل أو الشَّريك، فالعلاقة الجنسية علاقة بين طرفين تدين لكل منهما استقلاليته الجنسية، والحقوق الإنجابية حقوق ممنوحة للأفراد والأزواج Partners)) على السواء.
والمثير أن تستخدم الوثيقة كلمة (المساواة) للتعبير عن إزالة الاختلافات بين الرجل والمرأة حتى ولو كانت اختلافات بيولوجية، وتستخدم (التنمية) للتعبير عن الحرية الجنسية والانفلات الأخلاقي، وتستخدم كلمة (السلم) لمطالبة الحكومات بخفض نفقاتها العسكرية، وتحويل الإنفاق إلى خطط التخريب والتدمير للأيديولوجية النسوية الجديدة".[3]

كما دعت الى التنفير من الزواج المبكر (حتى الثامنة عشر)، وسن قوانين تمنع حدوث ذلك. وركزت على إلغاء قوامة الرجل في الأسرة واعتبارها السبب الرئيسي للعنف ضد المرأة. مع الدعوة لاصدار قوانين للمعاقبة على مااسمته الوثائق بالاغتصاب الزوجي واعتباره عنفا ضد المرأة. والتأكيد على الدعوة إلى أن يكون الإجهاض حقاً من حقوق المرأة، وتيسير حصولها على هذا الحق، عندما تريد إنهاء حملها، وإباحته على مستوى التشريعات حتى يتم اجراءه في المستشفيات والعيادات، ليصير (آمنا).
وفي مجال التعليم، دعت الى تشجيع التعليم المختلط، والدعوة إلى إدماج منظور الجندر في مناهج التعليم والذي يتبنى إلغاء كافة الفوارق بين الذكور والإناث بالاضافة الى الاعتراف بالشذوذ واعطاء للشواذ جنسيا الحق في التساوي مع الأسوياء. وأكدت على ضرورة التثقيف الجنسي للأطفال والمراهقين في المدارس، بغرض تدريبهم على استخدام وسائل منع الحمل أثناء اقامة العلاقة الجنسية واعتبارها حقا من حقوق الانسان، وايضا الحث على توزيع وسائل منع الحمل على المراهقين في المدارس.
أما فيما يتعلق بالإيدز، فقد جاءت الدعوة إلى أن يكون السلوك الجنسي المأمون (استخدام وسائل الوقاية)، والوقاية من الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي جزءاً لا يتجزأ من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، مع ضمان السرية والخصوصية للمراهقين والمراهقات فيما يتعلق بهذا الجانب، و تيسير انتشار وتوزيع الواقيات الذكرية بين الذكور على نطاق واسع وبأسعار زهيدة. وضرورة القضاء على التمييز ضد الأشخاص المصابين بالإيدز وضمان عدم تعرض المصابات بالإيدز للنبذ والتمييز بما في ذلك أثناء السفر مع تقديم ما يلزم من الرعاية والتعاطف للمصابين بالإيدز.
"إن هذه الإجراءات تستنفر جهودا بشرية هائلة، وأموالا طائلة وتشغل معاهد البحوث العلمية، وبرامد الرعاية الصحية الأولية لإيجاد حلولا لهذه الأمراض الجنسية".[4]
"وهذا ما جعل رئيس لجنة الشئون الخارجية في الكونجرس الامريكي يدعو الى تقليل الدعم المقدم لدعم برامج الأبحاث الخاصة بالايدز، معللا ذلك بقوله: إن ضحايا الإيدز هم أولئك الذين يمارسون الأعمال الشاذة المقززة، وليس من واجب المجتمع أن يقدم الدعم لهؤلاء الشواذ"[5].

بنود من أهم الاتفاقيات:
ولعله من المفيد أن نطلع على بعض بنود تلك الاتفاقيات التي تتضح فيها كل السلبيات المشار اليها آنفا:
من أبرز مواد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) صدرت عن قسم المرأة بالأمم المتحدة، اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) والتي صدرت عام 1979 وبعد توقيع 50 دولة عليها، تم الاعتراف بها كوثيقة عالمية، وكمرجعية لحقوق المرأة على مستوى العالم، ومن أهم بنودها:  
·   الاعتراف بتساوي الرجل والمرأة في الميادين السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، أو في أي ميدان آخر، بغض النظر عن حالتها الزوجية (مضمون المادة 1- سيداو)
·   اتخاذ جميع التدابير المناسبة - بما في ذلك التشريعي لتعدل أو إلغاء القوانين، والأنظمة، والأعراف، والممارسات التي تشكل تمييزاً ضد المرأة ( المادة 2-و - سيداو)
·   تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية للقضاء على العادات القائمة على فكرة تفوق أحد الجنسين، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة. (المادة 5-أ - سيداو)
·   القضاء على أي مفهوم نمطي عن دور الرجل والمرأة على جميع مستويات التعليم، وفي جميع أشكاله، عن طريق تشجيع التعليم المختلط وغيره من أنواع التعليم (المادة 10-جـ - سيداو)
·   تمنح الدول الأطراف المرأة في الشئوون المدنية أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل، ونفس فرص ممارسة تلك الأهلية (المادة 15-2 - سيداو)
·   أن يكون للمرأة نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وبشعور من المسؤولية عدد أطفالها، والفترة بين إنجاب طفل وآخر (المادة 16-1-هـ - سيداو)
·       نفس الحقوق والمسئوليات فيما يتعلق بالولاية، والقوامة، والوصاية على الأطفال وتبنيه (المادة 16-1-و سيداو)
 
________________________________________
[1]- د. لطف الله بن ملا خوجه، المرأة في المؤتمرات الدولية، 3go.com/newFin/http://www.fin
[2]- د.مثنى أمين، مرجع سبق ذكره ص278
[3] - ماجد بن جعفر الغامدي، الأمم المتحدة تتبنى ترويج الإباحية وتدمير الأسرة في مؤتمر: "عولمة المرأة"، مجلة المجتمع، العدد رقم 1641،
 
http://www.almujtamaa-mag.com/Detail.asp?InSectionID=1243&InNewsItemID=158073
[4] - د.فؤاد عبد الكريم، العدوان على المرأة في المؤتمرات الدولية، ص 284
[5] - مجلة  المجتمع،  العدد 1161، بتاريخ 11/3/1416هـ.

 

اتفاقية مؤتمر القاهرة للسكان - البند 7-6 :
"ينبغي أن تسعى جميع البلدان إلى القيام بتوفير رعاية صحية تناسلية لجميع الأفراد، من جميع الأعمار.. للبنات.. والفتيات .. المراهقات - وتلبية الحاجات التثقيفية والخدمية للمراهقين كي ما يتمكنوا من التعامل مع نشاطهم الجنسي بطريقة إيجابية ومسئولة.. وينبغي أن تكون برامج الرعاية الصحية التناسلية والجنسية مصممة لتلبية احتياجات المرأة والفتاة المراهقة.. وأن تصل إلى المراهقين والرجال والبنين والمراهقات، بدعم وإرشاد آبائهم.. ويجب أن توجه الخدمات بدقة، وعلى الخصوص نحو حاجات فُرادى النساء والمراهقين.. فالمراهقون الناشطون جنسيا يحتاجون نوعا خاصا من المعلومات والمشورة والخدمات فيما يتعلق بتنظيم الأسرة -كما أن المراهقات اللاتي يحملن يحتجن إلى دعم خاص من أسرهن ومجتمعهن المحلي خلال فترة الحمل ورعاية الطفولة المبكرة" !..

اتفاقية بكين - البند 95:
"تشمل الحقوق الإنجابية بعض حقوق الانسان .. وتستند هذه الحقوق الى الاعتراف بالحق الأساسي لجميع الأزواج والأفراد في أن يقرروا بحرية ومسئولية عدد أولادهم وفترة التباعد فيما بينهم وتوقيت انجابهم..والاهتمام بوجه خاص بتلبية الحاجات التثقيفية والخدمية للمراهقين كيما يتمكنوا من معالجة الجانب الجنسي من حياتهم معالجة ايجابية ومسئولة... والصحة الانجابية لا تصل الى الكثيرين من سكان العالم بسبب عوامل متعددة منها.. شيوع السلوك الجنسي المنطوي على مخاطر كبيرة .."
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المقصود بمصطلح السلوك الجنسي المنطوي على مخاطر كبيرة، هو العلاقة الجنسية بين الذكر والأنثى .. فهي علاقة ينشأ عنها حمل،كما يمكن أن ينتقل عن طريقها الايدز وغيره من الأمراض التناسلية للنساء، وهذه هي المخاطر المعنية، والتي يحض البند على توقيها، وذلك عن طريق تعليمهم (الحاجات التثقيفية) كيفية ممارسة العلاقة الجنسية مع توقي حدوث الحمل، او انتقال الامراض التناسلية. وتوفير وسائل منع الحمل المختلفة لهم (الحاجات الخدمية للمراهقين)، ومن هذه الوسائل الإجهاض، والذي شجعت الوثيقة على جعله قانونيا وأسمته (بالإجهاض الآمن).

اتفاقية عالم جدير بالأطفال:
البند 33  :
"إتاحة الإمكانية في اقرب وقت ممكن وفي موعد لا يتجاوز عام 2015، لجميع الافراد من الاعمار المناسبة  للحصول، من خلال نظام الرعاية الصحية الاولية، على خدمات الصحة الانجابية"
وأخطر ما يؤخذ على هذه الاتفاقية مايلي:
1)  تمرير عبارتي (خدمات الصحة الجنسية والإنجابية) وعبارة (الرعاية الصحية الإنجابية) في البنود 35 , 34 , 33 النقطة 2 - 1 وبند 44 النقطة 5 - 4 على الرغم من الاعتراف الصريح لبعض الوفود ـ مثل وفد الولايات المتحدة وكندا ـ بأنها تشمل بالضرورة خدمة الإجهاض وتأمين الحرية الجنسية للمراهقات، على الرغم من رد الفعل الغاضب من الدول الإسلامية والفاتيكان وبعض المنظمات غير الحكومية الأخرى.
2)  تكرار ورود مصطلح gender بدلا من الأولاد والبنات أو الذكور والإناث، وهذا الاستعمال يعكس موقفا نسوياً راديكالياً في كل الوثيقة، وهذا الموقف يهدف إلى إزالة كل الفروق البيولوجية والنفسية بين البنين والبنات، ويتجاهل أيضاً التميز والتكامل في الأدوار الاجتماعية.
3)  المطالبة المتواصلة بإنهاء (التمييز) وتحقيق (المساواة الكاملة للنوع) تتجاهل مبادئ الفروق الضرورية بين الرجال والنساء، وقد يتعارض هذا المبدأ أيضاً مع بعض معطيات الشريعة الإسلامية.
4)     استخدام كلمة (إرهاب) لوصف الدفاع عن النفس والوطن ضد المحتلين.

أخطر الإشكاليات في الوثائق الدولية:
أولا: المطالبة بتوفير (خدمات الصحة الجنسية والإنجابية) و (الرعاية الصحية والإنجابية) للمراهقين والأطفال والأفراد:
بينما التعريف المعلن للصحة الإنجابية (أن يكون المواطن أو المواطنة في حال صحية واجتماعية ونفسية وذهنية سليمة على مدار المراحل المختلفة من العمر، ولهذا أصبح الاهتمام بصحة المرأة والصحة الإنجابية لها يبدأ قبل الزواج، برعايتها صحيًّا وهي طفلة وعدم التمييز بين الطفلة الأنثى والطفل الذكر، في حق كل منهما في نيل القدر نفسه من التعليم والرعاية الصحية والغذاء والمعاملة الحسنة، ثم رعايتها بعد الزواج وأثناء مرحلة الخصوبة، ثم في مرحلة ما بعد سن الحمل) كما يجيء نصاً في خطط العمل··
 
لكن حقيقة مفهوم الصحة الإنجابية هي :
1- تعليم الأطفال والمراهقين كيفية استخدام وسائل منع الحمل
2- توفير وسائل منع الحمل لهم
3- الاجهاض الآمن (أي أن يصيرالاجهاض قانونيا حتى يتم اجراؤه في المستشفيات والعيادات).

ولو تأملنا هذه البنود، لوجدنا انها تمثل مفردات "الفوضى الجنسية التي تسود الغرب، بدءا بتوزيع وسائل منع الحمل على الأطفال في المدارس، ومرورا بإباحة الزنى والشذوذ برضى الطرفين، وتوفير ما يسمى بالإجهاض الآمن، وانتهاء بنقض عقد المودة والرحمة (الزواج)، وهدم البناء الاجتماعي (الأسرة) وسط إعلام وفن وأدب وسينما ومسرح وفضائيات تروج للجنس، وقانون يحمي الفوضى.

لننظر ماذا فعلت تلك الحرية، أو تلك الفوضى بأصحابها، لقد صنعوها لتسعدهم فدمرتهم، وانقلب السحر على الساحر، وغرقوا في بحور الشهوات، وهاهو حصاد الفوضى:
في أمريكا وبريطانيا عند سن 15 سنة، تكون نسبة الأبكار 75%، وعند سن 17سنة تكون 50% ، وعند سن 20 سنة تكون 20%. رغم استخدام وسائل منع الحمل، فإن مليون فتاة مراهقة في أمريكا تحمل كل عام (40 من الفتيات المراهقات)، وينتهي الحمل كاالآتي: 56% يضعن أطفالا، و30% يجهضن الحمل، و14% ينتهي بالسقوط. 78% من حمل المراهقات يكون خارج نطاق الزوجية. يكلف حمل المراهقات ومايتبعه 7 بلايين دولار سنويا. وفي انجلترا وحدها تحمل كل عام 39الف مراهقة، ينتهي 45% منها بالاجهاض،  في ايرلندا الشمالية 96% من حمل هؤلاء يقع خارج نطاق الزوجية.
هؤلاء البنات في العادة لا يستطعن رعاية الطفل ويتعرضن لمشكلات صحية ونفسية في أثناء الحمل أو الإجهاض أو الولادة خاصة أن الحمل لم يكن مخططا له. وقد أنذرت إحدى الدراسات من احتمال ارتفاع نسبة الاكتئاب والانتحار بين القاصرات اللاتي يمارسن الجنس 25% مكتئبات، مقارنة بنسبة 8% من غير الممارسات للعلاقة.
قبل مؤتمرات بكين والقاهرة  الدولية الخاصة بالمرأة، كانت 54 دولة في العالم (تمثل 61% من عدد السكان) تبيح الأجهاض، بينما غير مرخص في 97 دولة تمثل 39% من عدد السكان. ينتج عن ذلك 46 مليون حالة اجهاض كل سنة منها 20 مليونا خارج القانون (مايسمى بالاجهاض غيرالآمن). هذا يعني ان هناك 126 الف حالة اجهاض في العالم كل يوم، ويموت 68 الف امرأة كل عام في العالم من جراء الاجهاض.

منذ قانون السماح بالإجهاض في بريطانيا سنة 1967، استمر عدد الحالات في ازدياد حتى وصل سنة 2003 الى 191 الف حالة كل عام".[1]
وحين يحاول الغرب تقليل معدل حمل المراهقات، فإن السبيل الذي يسلكه انما هو تعليم الأطفال في المدارس كيفية استخدام وسائل منع الحمل (قبل الممارسة الأولى وفقا لوثيقة بكين)، ثم توزيع تلك الوسائل عليهم في المدارس لضمان استخدامهم لها، واذا لم تنجح تلك الوسائل في منع الحمل، هناك الاجهاض في العيادات والمستشفيات.
أين هذا الدمار الاجتماعي من الهدي الاسلامي الذي يرى أن "الزواج هو الطريق الشرعي، وانسب مجال حيوي لإروائها. وجعله افضل طريقة شريفة ومنظمة للتناسل، لئلا تختلط الأنساب. فالمستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة، لا يرتفع عن ذلك الا بالتزوج، فإن عجز عن الانفاق، بإنه يسعه قول الله تعالى: "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله" (النور 23).  تلك هي ثقافة العفة التي يعالج بها الاسلام الغريزة الجنسية، والتي يعترف بها الاسلام من أقوى الغرائز وأعنفها".[2]

ثانيا: الجندر:
ويعد مصطلح الجندر (النوع) من أخطر المصطلاحات المستخدمة في الوثائق الدولية الخاصة بالمرأة والطفل على الإطلاق .. فقد تم استبدال كلمة (جنس Sex) والتي تعني اما ذكر او أنثى، بكلمة (جندر Gender) والتي تشمل الذكر  والانثى والشواذ بأنواعهم. ثم تأتي المطالبة بمساواة الجندر Gender equality أي ان كل الانواع تتساوى في الحقوق والواجبات سواء بسواء، ويتكرر هذا المصطلح في وثيقة مثل وثيقة بكين مثلا حوالي 60 مرة. ويأتي مشروع القانون الذي طرحه كوفي عنان امين عام الأمم المتحدة عام 2004،  والذي يساوي بين المتزوجون الشواذ (وقد اسماهم المتزوجون الغير تقليديون) بالمتزوجين (التقليديين) في: دفع الضرائب، المواريث، التأمينات الاجتماعية.
________________________________________
[1] - د.أحمد عيسى، حصاد الهوس الجنسي.. المجتمع، العدد 1666، 27/8/2005- بتصرف
[2] - د.أحمد عيسى، حصاد الهوس الجنسي.. المجتمع، العدد 1666، 27/8/2005- بتصرف

 

الأنثوية الراديكالية / الجندرية Radical/Gender Feminists
وتقول البروفسورة كاثرين بالم فورث: "إن لجنة المرأة في الأمم المتحدة شكلتها امرأة اسكندنافية كانت تؤمن بالزواج المفتوح ورفض الأسرة، وكانت تعتبر الزواج قيدا، وأن الحرية الشخصية لابد أن تكون مطلقة"، وكانت تقول :"إن المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تخص المرأة والأسرة والسكان تصاغ الآن في وكالات ولجان تسيطر عليها فئات ثلاث: الأنثوية المتطرفة، وأعداء الإنجاب والسكان، و الشاذون والشاذات جنسيا"[1]

"وتسيطر الأنثويات الراديكاليات على اللجان المسئولة عن صياغة ومتابعة تطبيق الوثائق والمعاهدات الدولية في العالم.. وتمثل (الأسرة) والأمومة في نظر الماركسية الحديثة ـ التي تستمد الأنثوية الراديكالية أفكارها منها ـ تمثل السبب وراء نظام طبقي جنسي يقهر المرأة لا يرجع إلا لدورها في الحمل والأمومة. وبالتالي كان اللجوء إلى الأسالـيـب الاجـتماعية واعتبارها السبيل الوحيد لمجتمع خالٍ من الطبقات والميول الطبقية، وإذا كانت السنن الكـونية ـ الطبيعية عندهم ـ هي التي اقتضت هذا الاختلاف البيولوجي فلا بد من الثورة على هذه السنن ـ الطبيعية ـ والتخلص منها بحيث تصبح الفروق البيولوجية بين الرجل والمرأة فروقاً اجتماعية مـتصلة بالأدوار التي يؤديها كلٌّ من الرجل والمرأة وليست متصلة بالخواص البيولوجية لكل منهما؛ ومن ثَمَّ فإذا قام الرجل بوظيفة المرأة وقامت المرأة بوظيفة الرجل فإنه لن يكون هناك ذكر وأنثى وإنما سيكون هناك نوع (جندر) وهذا النوع هو الذي سيحدد طبيعة دوره في الحياة بحيـث يجوز للأنثى أن تمارس دور الذكر والعكس، وبحيث لا تكون هناك أسرة بالمعنـى التقليدي ولا أبناء ولا رجل ولا امرأة، وإنما أسر جديدة شاذة وأبناءٌ نتاج للتلقيح الصناعي؛ فأي فكر شيطاني ذلك الذي تتبناه (النسوية الجديدة)؟! وأي قوة تجعل من الأمم المتحدة وأمريكا والغرب تتبنى هذا الفكر الشيطاني لفرضه على العالم؟!! إنها تعبير عن إرادة لا نقول علمانية وإنما إلحادية لتحويل الوجود البشري وجوداً بلا قيمة ولا معنى تنتفي معه العناية من استخلاف الله للإنسان في الأرض. وفي الواقع فإن هذا الفكر الإجرامي ليس خطراً على المجتمعات الإسلامية فحسب ولكنه خطر على الحضارة الإنسانية ذاتها؛ لكن المجتمعات الإسلامية تأتي في القلب من معتقد هذا المخطط الإجرامي البديل والجديد".[2]

"من جهة أخرى يتطلع المتابعون لعمليات الاستنساخ (البشري) إلى التخلص من كل التبعات الناشئة عن اللقاء الإنساني الحميم، فلم تعد الإنسانية بحاجة إلى (الزوجية) للنمو والتكاثر، إذ أن الاستنساخ، في آفاقه المستقبلية، التي يتطلع إليها ممولوه؛ سيصير إلى إنتاج (الإنسان المحسن) (الروبوت) الذي تتوافر فيه الإمكانات للقيام بعبء الدور المطلوب فقط. والتي ستجعل الفرد منه يغني عن الكثيرين.
طريق (الجندر) أو (النوع الاجتماعي) طريق تدمير الإنسانية، لمصلحة شياطين رأس المال. وهو باطن السياسات الماسونية والرأسمالية. كما أنه لا يهدد أمة ولا شعباً ولا ملة، وإنما يهدد الإنسانية كل الإنسانية. وإنه لمما يُدمي القلوب، ويفتت الأكباد، أن ينخرط فيه عن علم أو عن جهل حملة الرحمة للإنسان كل الإنسان. فهل يعي المسترسلون في مسايرة هذا البرنامج الشيطاني إلى أين يسيرون ؟!!
إن مقاومة السياسات (الإمبريالية) أو (الرأسمالية الأمريكية) ليس عملاً سياسياً أو إعلامياً وإنما هو جهد عام يرتكز على ثوابت أمتنا الحضارية ويحافظ على هويتها ويتصدى لحمل رسالة الخلاص للناس أجمعين".[3]

ثالثا: العنف ضد المرأة:
بالتأكيد سوف يتبادر الى ذهن كل من يقرأ هذا المصطلح (العنف ضد المرأة) مظاهر القسوة والظلم من ضرب وإهانة .. الخ، والتي يمارسها بعض الرجال ضد بعض النساء.. ولكن يظل التعريف الدولي للعنف ضد المرأة خافيا على كثير من الناس ..
تعريف الأمم المتحدة للعنف ضد المرأة هو: "عدم تمتع المرأة بكافة حقوق الإنسان" ولو أردنا أن نعرف ماهي حقوق الإنسان للمرأة..  هي كافة المواثيق الدولية الخاصة بالمرأة .. كما نص عليه الاعلان السياسي لوثيقة بكين - المادة 14 والتي نص على:
"Women Rights are Human Rights"  أي أن حقوق المرأة هي حقوق إنسان. وعليه، فإذا ما تحفظنا مثلا على تقديم خدمات الصحة الانجابية للفتيات المراهقات، نكون قد مارسنا عنفا ضدهن، لأن هذا يعني اننا لا نريد لهن الحماية من (الحمل الغير مرغوب فيه) الذي سينشأ من العلاقة الجنسية مع الصديق. وهكذا .. علينا أن نوافق على كل البنود بلا تحفظات، حتى نكون قد أنصفنا المرأة ورفعنا عنها العنف والظلم.
العنف المبني على النوع Gender Based Violence يعرف العنف المبني على النوع بأنه: "أي شكل من أشكال العنف يستخدم للإبقاء على الأدوار الجندرية الجامدة ، والعلاقات غير المتساوية كما هي عليه، بمعنى انه آلية لإبقاء وضع النساءكما هي عليه، وللتأكيد على ((من  يملك القوة ومن يملك صنع القرار))"[4]
والمقصود بالأوضاع  الجندرية الجامدة ، هو قيام المرأة بدور الأمومة، وفي المقابل قيام الرجل بمهمة القوامة في الأسرة. فالعلاقات بينهما داخل الأسرة غير متساوية (الرجال قوامون على النساء) (وللرجال عليهن درجة) .. الخ .

"عدم المساواة في استخدام السلطة بين الرجل والمرأة يؤدي الى زيادة هيمنة الرجل على المرأة ويحرم المرأة من التقدم في حياتها مثل الرجل مما يؤدي الى زيادة العنف المستخدم ضد المرأة واعتباره آلية اجتماعية تجبر المرأة على الخضوع للرجل تقبلها مكانة أقل من الرجل".[5]
وقد عرف تقرير لليونيسيف عن "العنف المنزلي" عام 2000 عوامل ارتكاب العنف المنزلي كاالتالي:
1- التصنيف الجندري الاجتماعي (أي ان تقوم المرأة بدور الأمومة والرجل بدور القوامة وريادة الأسرة)
2- التعريف الثقافي لأدوار الجنسين
3- الإيمان بازدياد ميراث الرجل عن المرأة
4- القيم التي أعطت للرجل حقوقا تعلو على النساء والفتيات
5- مفهوم أن الأسرة هي محور خاص تحت تحكم وسيطرة الرجل
6- تقاليد الزواج (المهر/ثمن العروس)
7- الموافقة على العنف كوسيلة لفض النزاع (إشارة لآية الضرب في القرآن)
8- الاعتماد الاقتصادي للمرأة على الرجل.

ومن الواضح جدا أن البنود تقوم بالالتفاف حول (القوامة) .. حتى المهر الذي يعد حقا من حقوق المرأة، عده التقرير بمثابة الثمن الذي يدفعه الزوج لامتلاك زوجته (ثمن العروس)، إضافة الى تشبيه الطاعة التي أمر الإسلام المرأة بها نحو زوجها بـ "تحكم وسيطرة الرجل" .. حتى حقها في أن ينفق زوجها عليها، وهي أهم مقومات القوامة، وصفه التقرير بـ" الاعتماد الاقتصادي للمرأة على الرجل" ... أي أن كل هذه البنود تشكل في النهاية منظومة العنف ضد المرأة.. فالرجل قد اشتراها بماله، ويأمرها الدين بطاعته، ويعطي الدين للرجل - وفقا للتقرير- السلطة للتحكم والسيطرة وبالتالي ممارسة العنف ضد المرأة!!!
وأخطر مافي قضية العنف ضد المرأة، أن الوثائق تعد ممارسة الزوج حقه الشرعي مع زوجته بـ(الاغتصاب الزوجي Marital rape)، والدعوة للمعاقبة عليه.
     وفي مؤتمر عقده المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة لغرب آسيا في ديسمبر 2003 تحضيرا لمؤتمر بكين+10، جرت المناقشة حول كيفية وضع معايير لقياس مدى النجاح في تطبيق بنود وثيقة بكين، فكان اقتراح أحد  المسئولين عن المؤتمر: "مؤشر عن معدلات النساء اللاتي يتقدمن بالشكوى لدى المحاكم ضد الأزواج بتهمة (الاغتصاب الزوجي) ، وطالما ان هذه المعدلات مازالت (صفر)، إذن فما زال أمامنا طريق طويل - والكلام للمسئول - لنقول أن بكين قد تم تفعيلها بالفعل على المستوى الشعبي"[6].

هل واقعنا مثالي؟
"نحن لا نزعم أن وضع المرأة العربية أو المسلمة في أوفى حالات الرقي والكمال... ولكننا نعتقد أن كثيراً من البلاء النازل بها ليس سببه كونها امرأة، وإنما هو بعض ما يصيب شقيقها الرجل، مخرجاً طبيعياً لحالات الاستبداد والقهر والاستتباع الحضاري المفروض على الأمة".[7] ولكن ....بعد أن استعرضنا تلك الوثائق وما تحتويه ....هل المخرج في اللجوء للوثائق الدولية.... أم في الرجوع إلى المنهل الإسلامي الصافي؟
فليقولوا مايشائون، وسنفعل ما نشاء !!
يطيب للبعض، ظنا منه باستحالة تطبيق ماسبق من بنود الوثائق الدولية، وما تحمله من دمار يفوق أسلحة الدمار الشامل ... يطيب لهم ترديد تلك المقولة "فليقولوا مايشائون، وسنفعل ما نشاء"  فهل هذا حقيقي؟
لو كان هذا حقيقيا.. لما ورد هذا البند على سبيل المثال في وثيقة اشتركت في وضعها مجالس الطفولة في العالم العربي بالتشارك مع اليونيسيف تحت رعاية جامعة الدول العربية؛ استنادا لوثيقة (عالم جدير بالأطفال) وأسمتها (عالم عربي جدير بالأطفال)، وجاء فيها :
"بما أنه لا توجد حتى الآن وسيلة أخرى غير الواقي الذكري يمكنها منع انتشار الإيدز عن طريق الاتصال الجنسي، فإن تثقيف الناس بخصوص وسائل انتقال المرض، دون تعريفهم بوسائل الوقاية وتوفير هذه الوسائل، لا يمكن اعتباره إجراءًً كافيا من إجراءات الصحة العمومية. ويعتبر ما تشير إليه الوثائق مرارا من عدم التثقيف بخصوص الواقي الذكري وتوزيعه بواسطة العاملين بقطاع الصحة على المصابين بأمراض تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي في المنطقة، مسألة تشير إلى عدم فعالية الجهود المبذولة....".[8]
ولو كان هذا حقيقيا، لما رأينا التعديلات والتغييرات المتتابعة التي تطرأ على قوانين الأسرة وقوانين الأحوال الشخصية في العالم الإسلامي، بما يتماشى مع بنود الاتفاقيات الدولية.. وقد لخص المفكر والباحث الإسلامي كمال حبيب في مقاله بعنوان "مشاريع هدم الأسرة المسلمة من التخطيط إلى التنفيذ" التغييرات التي تمت في قوانين الأحوال الشخصية على مستوى العالم الإسلامي على التوازي وفي آن واحد، حيث قال: "في مصر حيث يعتبر الأزهر المؤسسة الإسلامية الأولى وأحد المرجعيات السنِّية الأعلى في العالم الإسلامي ـ في مصر هذه تم (إقرار قانون الأحوال الشخصية الجديد) وهو قانون أعدته بالأساس وزارة العدل المصريـة، وفرض مواد موضوعية فيه وهي المواد الخاصة (بالخُلع) (وسفر الزوجة) و (قبول طلاق المتزوجة عرفياً)؛ فقد كان مشروع القانون الذي عرض عـلـى مجلس الشورى المصري عام 1998م إجرائياً بحتاً؛ لكن إضافة هذه المواد إليه نقلته من كونه قانوناً للإجراءات إلى قانون موضوعي؛ والهدف من ذلك كسر قوامة الرجل بالسماح لزوجته بالسفر دون إذنه، وتفكيك الأسرة المسلمة عن طريق إعطاء المرأة (حق الخلع) أي الحرية بالمفهوم النسوي لإنهاء العلاقة الزوجية متى شاءت دون أن يكون هناك أي عوائق يتطلب إثباتها مثل (الضرر).
ولأن القانون يدخل في نسيج العلاقات الخاصة أولاً، ويتدخل في منطقةٍ فَصَل الإسلامُ فيها باعـتـبار أن التشريع لها حق لله وحده ثانياً، ولأن هذه المنطقة من التشريع لا تزال البقية الباقيـة من القوانين القائمة الآن ومرجعيتها الإسلام، لكل هذه الاعتبارات أراد واضعو المشروع أن يحصلوا على موافقة الأزهر، فعرض على مجمع البحوث الإسلامية الذي رده مرتين اثنتين بعد مناقشات وتمحيص، ثم عرض على مجلس الشعب؛ حيث تمت الموافقة عليه بعد حذف مادة حق الزوجة في السفر بدون إذن زوجها، وبقيت مادة الخلع.

والذي لم يجرِ الالتفات إليه في قانون الأحوال الشخصية الجديد بمصر؛ أنه ألغى لائحة ترتيب المحاكم الشرعية وهي آخر ما كان باقياً للإسلام من أثر حاكم ومرجعي في القوانين؛ ومن ثم فإن القانون الجديد رغـم المعارضة الإسلامية والشرعية له فإنها معارضة في الفروع وليس في الدفاع عن المرجعية الإسلامية ذاتها ـ أي أنه قانون مرجعيته مدنية علمانية، والقصد من ورائه هو تعميم هذه التجربة في قوانين البلدان العربية الأخرى؛ بحيث يكون هناك قانون موحد للبلدان العربية للأحوال الشخصية وتكون مرجعية هذا القانون الموحد مدنية علمانية، وهو جزء من المشروع الغربي لعولمة الاجتماع الإسلامي وعلمنته، وتواكب الحديث ـ مع إخراج قانون الأحوال الشخصيـة الجديد في مصر عن تعديل المادة 240 في قانون العقوبات التي تساوي بين المرأة والرجل إذا وجد أي منهما الآخر متلبساً بالزنا؛ فالمادة الحالية تجعل الرجل الذي يقتل زوجته إذا رآها متلبسة بالزنا مع آخر في فراشه تجعله متهماً بجنحة باعتباره دفاعاً عن شرفـه؛ بينما إذا حدث ذلك بالنسبة للمرأة فإنها تكون جريمة خيانة وهي مادة مأخوذة من القــانون البلجيكي ـ لكن الفكرة المهيمنة على النائبة التي طالبت بتعديل المادة هي فكرة المساواة بين المرأة والرجل رغم أن المناط مختلف؛ فقد تكون المرأة التي رأتها الزوجة مع زوجها زوجته الثانية وليست خدينة له، بينما في حالة المرأة لا يمكن أن يكون من معها زوج لها؛ لأنها لا تجمع بين زوجين في آنٍ واحد.

لكن المطالبة بتعديل المادة هو جزء من حملة نسوية تطرق على الحديد وهو ساخن؛ وبالمنهج نفسه والاستراتيجية ذاتها بدأ تحرك الجمعيات النسوية المشبوهة لتأسيس اتحاد فيما بينها على طريق تنظيم صفوفها لطرح مطالبها النسوية ذات الطابع الشاذ والعنصري. وعلمنا أن المحرِّكة لفكرة تأسيس اتحاد نسوي هي "نوال السعداوي" التي قامت بعقد مؤتمر صحفي دعت إليه الوكالات الغربية العاملة في مصر وحدها؛ حيث طالبت بتشريعات نسوية علمانية لا يكون لله فيها أي سلطان أو حق على حد تعبيرها، ومعلوم أن الجمعيات النسوية المصرية والعربية قد تفككت عُراها بسبب اتهامات بسرقات تمويل هذه الجمعيات من الجهات الأجنبية. وآخر ما أمكننا رصده مما يمكن أن نطلق عليه: "توابع قانون الأحوال الشخصية المصري" ما تقدم به النائب "محمد خليل قويطة" من اقتراح مشروع قانون لتعديل قانون العقوبات، بحيث يتناول التعديل في مادته 290 جــواز قيام النيابة بالإذن بإجهاض الفتاة التي تحمل سفاحاً بناءاً على تقرير الطبيب الشرعي. وقال النائب: إن الاقتراح يخفف من متاعب الجنين عليها، ويزيل مخاوفها من رعاية طفل فرضته جريمة الاغتصاب.

وبينما كان الصخب حول مشروع قانون الأحوال الشخصية على أشده في القاهرة إذا بالرباط تتجاوب معها؛ حيث انتقل الصخب إلى هناك حول ما أطلق عليه المغاربة: (خطة الحكومة لتفعيل مشاركة المرأة في التنمية) وحكاية التفعيل هذه هي أحد بنود الأجندة النسوية القومية لجعل المرأة أكثر فعالية. ومعنى فعاليتها عندهم هو تأخير سن زواجها، وانخراطها في العمل بعيداً عن أسرتها باعتباره ـ وفق قيم الغرب ـ يدر دخلاً، ومن ثَمَّ فهو العمل المحترم حتى لو كان من البغاء ـ بينما يُنظر للمرأة التي تعمل في البيت بأنها خارج الإطار ولا تعمل عملاً منتجاً. وفـي الواقع فإن مسألة الاندماج في التنمية بالمغرب ليست سوى ستار لإقرار قانون أحوال شخصية جديد هناك شبيه بقانون الأحوال الشخصية الذي تم صكه في مصر ووافق عليه شـيـخ الأزهر ورئيس جامعته.

ومن قبل في لبنان ثار موضوع (الزواج المدني)؛ حيث تكون مؤسسة الزواج لا تقيم أي اعتبار للدين أو العقيدة؛ بحيث يمكن للمسلمة أن تتزوج كافراً أو مشركاً، وتصبح العلاقة الأسرية علاقة مدنية يحكمها عقد ينظمها بعيداً عن المودة والرحمة التي يفرضها الالتزام بالإسلام.
 وفي الكويت شهدت مسألة حقوق المرأة السياسية صراعاً بين العلمانيين والإسلاميين، وتم التصويت ضدها في مجلس الأمة الكويتي. ويهدف الذين يتبنون قانون الحقوق السياسية للمرأة في الكويت إلى كسر الحجاب بين المرأة والرجل وفرض الاختلاط بشكل مطلق؛ وهو ما يعد تهديداً لتقاليد المجتمع الكويتي. وفي الإمارات دعوة إلى اقتحام المرأة للوزارة.إن ما يحدث الآن هو التلاعب بقواعد الاجتماع الإسلامي وطرح قواعد جديدة مستلهَمة من الرؤية الغربية إلى حد محاولة فرض أيديولوجية نسوية جديدة لها انتشارها وذيوعها كما كان الحال بالنسبة للاشتراكية والشيوعية والليبرالية ـ وتكون هذه الأيديولوجية عابرة للقارات؛ بحيث تكون المساواة بين الذكر والأنثى هي محورها! إنها الحرب الجديدة ولا شيء سوى كونها حرباً حقيقية تحتاج إلى وعي وجهاد لمدافعتها ورد خطرها عن مجتمعنا الإسلامي؛ فهو آخر خطوط دفاعنا عن حصوننا".[9]
ونحن هنا نحتاج إلى وقفة نخرج بها من دائرة التوصيف للكيد العلماني، والأساليب والطرق التي انتهجوها إلى الوصول إلى دور فاعل بوضع التصورات الواقعية في مواجهة هذا الكيد الشيطاني. نحتاج إلى وضع السياج القوي حول حُرُمات الأمة بعيداً عن الندب والشجب، نحتاج إلى إطلاق القدرات لمواجهة هذا التواطؤ على الحرمات.
________________________________________
[1] - انظر كاثرين بالم فورت، ندوة قاعة الشهيد زبير، من كتاب: د.مثنى أمين، حركات تحرير المرأة من المساواة إلى الجندر، دار القلم، 2004 ص292
[2] - كمال حبيب، عولمة المرأة، مجلة البيان
http://www.albayan-magazine.com/files/mraa/6htm
[3] - الجندر مطلب رأسمالي ترعاه الادارة الأميريكية، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية- بتصرف
 
http://www.asharqalarabi.org.uk/center/dirasat-marah-ja.htm
[4] - (البند 82- تقرير دور الرجال والصبية في تحقيق مساواة الجندر، الصادر عن قسم النهوض بالمرأة بالأمم المتحدة- 2004م)
[5] - (اتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة 1993)
[6] - المؤتمر التحضيري لمؤتمر بيكين+10- الاسكوا- بيروت-ديسمبر2003
[7] - المرأة الغربية رؤية من الداخل، مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية
http://www.asharqalarabi.org.uk/center/dirasat-alunf.htm
[8] - وثيقة عالم عربي جدير بالأطفال، الفصل الثامن، التحرك للأمام، التعامل مع القضايا الخفية ص172.
[9] - كمال حبيب، مشاريع هدم الأسرة المسلمة من التخطيط إلى التنفيذ،
http://www.saaid.net/female/m46.htm
 

التوصيات
-- إدخال مفهوم الأسرة في مناهج التعليم في المراحل المختلفة مستقاة من الشريعة الإسلامية الحنيفة، وتعليم النشء المعنى الحقيقي للقوامة في  إطارها الشوري الصحيح بما فيها من التزام بالحقوق والواجبات والموازنة بينهما. مع التأكيد على احترام الأمومة ودور المرأة في بيتها.
-- تقديم برامج إعلامية تهدف إلى نشر أصول حسن المعاشرة بين الزوجين، والتوقف عن استخدام العنف والاثارة الجنسية في المادة الاعلامية المقدمة.
-- إنشاء مؤسسات ومشاريع وبرامج لتأهيل الشباب والفتيات المقبلين على الزواج وإعادة تأهيل وتوعية الأسر. مع مساعدة الشباب على الزواج، بتوفير المسكن المناسب، والمساعدة المادية له، وامداده برأس المال اللازم لإقامة مشروعات صغيرة للتغلب على البطالة. وأن تعمل تلك المؤسسات على حل المشكلات الأسرية من منطلق الدين الإسلامي الحنيف.
-- أن تتمسك الحكومات وصناع القرار بالتحفظات التي وضعت عند التوقيع على الاتفاقيات  الدولية انطلاقا من تعارضها مع الشريعة الإسلامية، وعدم الرضوخ للضغوط لدولية لرفع تلك التحفظات،واحترام حق الشعوب في تقرير أوضاعها الخاصة.
-- تبني "ميثاق الأسرة في الإسلام" الذي تعده اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة - والذي يوضح الرؤية الشرعية حول المرأة وحقوقها وواجباتها، وكذلك الأسرة ومفهومها الشرعي في الإسلام، ليكون مرجعية تشريعية للدول والحكومات.
-- المشاركة الفعالة في المؤتمرات الدولية التي تعقدها هيئة الأمم المتحدة، وطرح الرؤية الإسلامية للوثائق الدولية الصادرة عنها.

ورقة بحث بعنوان
العولمة وإعادة تشكيل المجتمعات
أثر الفوارق الخلقية في تقرير الحقوق وفرض الواجبات
 مقدمة إلى
المؤتمر الدولى حول قضايا المرأة المسلمة
بين أصالة التشريع الاسلامى
وبريق الثقافة الوافدة
إعداد
مهندسة/ كاميليا حلمي محمد
مدير عام اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل
بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة

 
 

 أطبع الدراسة أرسل الدراسة لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6357059 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة