|
الإعلام وثقافة أطفال المسلمين |
القراء :
5658 |
الإعلام وثقافة أطفال المسلمين د. أحمد بن عبد العزيز الحليبي أستاذ الثقافة الإسلامية المشارك بكلية التربية، جامعة الملك فيصل ـ الأحساءـ المملكة العربية السعودية المقدمة : الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد الأطفال هم أمل المستقبل، ورجال الغد، والعناية بهم في كل أمة دليل على الوعي الحضاري وسعة الإدراك التربوي، فهم يمثلون شريحة واسعة من المجتمع، يرتبط بهم تقدمه ونهضته، ويرسم فيهم شخصيته ومستقبله. والثقافة هي مجموعة المعتقدات والمبادئ والقيم والسلوكيات الحضارية المخزونة لدى الأمم، والتي تحدد معالم شخصيتها وتشكل جوانب حياتها، والأمة الإسلامية لها ثقافة خاصة تستمد أطرها من دينها. والإعلام هو أداة نشر هذا المخزون الثقافي والحضاري الذي تمتلكه كل أمة، وصوتها البليغ في التعبير عن آرائها وأفكارها ومبادئها وتطلعاتها بين الأمم. ويتلقى الطفل هذا الإعلام بعفوية تامة، ويتفاعل مع ما ينقله من مضمون ثقافي بسذاجة واضحة، وهو أكثر أفراد المجتمع استجابة لمعطياته، ووقوعاً تحت تأثيره، والإعلام بهذه الصفة من أهم الوسائل تأثيراً على تربية الطفل وبنائه الثقافي، وأشدها مزاحمة للأسرة والمدرسة على وظيفتهما التربوية الثقافية. وتأتي أهمية هذه الدراسة من كونها تدرس وضع الإعلام الموجه إلى أطفال المسلمين، ومدى استثماره في تثقيفهم وتنشئتهم على مبادئ الدين الحنيف وتشريعاته السمحة، ولا سيما بعد أن طرأت عليه متغيرات ساعدت على تطوره، وسرعة تأثيره، وتحوله إلى أداة خطرة على الناشئة الذين يعني الاهتمام بهم الاهتمام بحاضر الأمة ومستقبلها، وتتبع الدراسة طريقة استقراء حال الإعلام الموجه إلى أطفال المسلمين، وتشخيصه ونقده، وتسعى إلى تقديم بعض التنبيهات والتوصيات تجاه تقويمه والاستفادة منه أداة تربوية وتثقيفية مؤثرة ومهمة في الوقت الحاضر. التمهيد : ابتداء لابد من تعريف الطفولة والإعلام وبيان أهميتها لتتضح لنا مصطلحات البحث ومجالاته :
أولاً : مفهوم الطفولة : 1. معنى الطفولة : أ) لغة : الطفل : هو المولود أو الصغير من كل شيء، يستعمل للمفرد والجمع(1)، مثل قوله تعالى : \ثم نخرجكم طفلاً \(2). ب) مدة الطفولة : حدد القرآن الكريم مدة الطفولة في قوله تعالى : \ يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم \(3) فهذه الآية فصلت مراحل عمر الإنسان، وبينت أن مرحلة الطفولة تلي استقرار الجنين في الرحم ثم انفصاله منه بالولادة، إلى أن يبلغ الحُلم وسن التكليف. ج) أهمية الطفولة : هذه المرحلة هي أولى مراحل التأثر والبناء بعد الولادة، يعتمد فيها الطفل على غيره اعتماداً متدرجاً من الكلية إلى الاستقلال، ويحتاج فيها إلى الرعاية والتربية، ويخضع فيها لوسائل التربية والتثقيف والإعلام، ويمكن تحديد أهمية هذه المرحلة من عمر الإنسان فيما يلي : ـ أنها مرحلة طويلة الزمن ذات حاجة إلى رعاية خاصة : ذلك أن مرحلة الطفولة تعني الفترة التي لا يستغني فيها الطفل تماما عن أبويه؛ بل يحتاج فيها إليهما، فالطفل البشري يصل إلى الدنيا وهو في حالة عجز تام، تتعلق حياته بعناية من حوله من عوامل التأثير المختلفة، ومنها وسائل الإعلام، ويتصف نموه بالبطء والتدرج(4)؛ لكل فترة من هذا النمو خصائصها المعينة التي تتطلب عناية خاصة بها؛ فخصائص فترة الرضاعة تختلف عن خصائص فترة الحضانة وفترة التمييز وفترة المراهقة، ومن الثابت علمياً أن المحيط بوسائله هو الذي يرسم سلوك الطفل في المستقبل، فالطفل ليس بوسعه أن ينمو اجتماعياً من تلقاء نفسه، ولا يمكنه أن يحدد وجهة سلوكه دون مساعدة الكبار من حوله(5)، ويدل على هذا المعنى قول الرسول صلى الله عليه و سلم : >كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه<(6). ـ أنها مرحلة قابلة للتكوين والتوجيه والبناء : يأتي الطفل إلى الحياة الدنيا وهو مزود بالطاقات والاستعدادات والميول والقدرات المختلفة والمواهب الطبيعية، وقادر على الملاءمة بين نفسه من ناحية، وبين ما تتطلبه مواقف الحياة في البيئة التي ينشأ فيها من ناحية أخرى؛ لذا كان من الضروري بمكان التعرف على خصائص هذه المرحلة والفوارق بينها في كل فترة منها(7)، وإدراك احتياجاتها ما يتناسب معها، فقد أكدت كثير من البحوث التربوية النفسية أن أسس الصحة الجسمية والعقلية والنفسية والدينية في بناء شخصية الطفل وتفتحها إنما توضع كلها في مرحلة الطفولة؛ ولاسيما في فترة الحضانة ذات القابلية للتعلم وتطور المهارات، وفي فترة التمييز ذات النشاط الحركي والعقلي، يقول أرنولد جيزل : >لن تتاح أبداً مرة أخرى للعقل والخُلُق والروح أن تسير قدما بنفس السرعة التي كانت تسير بها في الفترة التكوينية التشكيلية لما قبل المدرسة، ولن يتاح أبداً للعقل مرة أخرى نفس فرصة باكورة الطفولة في إرساء أسس الصحة العقلية(8). ــ أنها مرحلة إعداد المستقبل : تعد هذه المرحلة حجر الزاوية لبناء الإنسان وتشييد حضارته وضمان تقدمه، فالعناية بالطفل عناية تؤدي إلى حسن تكوينه وبناء شخصيته من كل نواحيها، والعمل المستمر على رعايتها وحفظها من كل ما يعوقها عن الوصول إلى أقصى طاقاتها ــ مؤشر حضاري للأمة التي تعلق آمالها ومستقبلها على أجيالها الناهضة، فهي تستهدف من تلك العناية وهذا العمل إيجاد الإنسان الصالح القادر على تحمل الأعباء والتكاليف(9) بقوة وجدارة، والمضي بها من أجل بناء مستقبل زاهر؛ فإن من الحقائق التي تتأكد يوما بعد يوم هي أن للإدراكات والمعلومات التي يتحصل عليها الطفل والتجارب التي تقع له في هذه المرحلة تأثيراً قويا في مستقبل حياته، وأنها تعد أساساً لاستقامته وفساده وسعادته وشقائه طيلة أيام العمر(10)، وبهذا يتبين أن مستقبل الإنسان مبني على تكوين مرحلة طفولته والعناية بها، وأن مستقبل المجتمع مرتبط بمستوى هذا التكوين والعناية بهذه المرحلة.
ثانياً : مفهوم الإعلام : أ) لغة : يتقارب معنى الإعلام مع معنى الدعوة والتعليم، فالدعوة لغة النداء والإعلام والإبلاغ. والداعية : هو كل من يدعو الناس إلى بدعة أو دين، وأدخلت الهاء فيه للمبالغة(11)، وإذا كان التعليم مشتقاً من عَلِمَ، يقال : (عَلِمَه كسَمِعَه عِلْماً بالكسر بمعنى عَرَفَهُ وعَلِمَ هو في نفسه)(12) فإن الإعلام مشتق من أعْلَمَ الرباعي ومصدره إِعْلام، بمعنى الإخبار(13)، وعلى هذا فإن التعليم والإعلام أصلهما واحد، وهو الفعل : عَلِمَ؛ إلا أن الإعلام اختص بما كان بإخبار سريع، والتعليم اختص بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر في نفس المتعلم(14). وإذا كان معنى الإعلام يشترك مع معنى الدعوة والتعليم في الدلالة على هدى أو ضلالة مما يقع في نفس المتلقي، ويتبعها في الوظيفة الثقافية والتربوية ـ فإنه مع التقدم الصناعي الحديث وإنتاج وسائل ذات تأثير سريع مثل الصحافة والمذياع والمرئي وما يسمى بالأنترنيت ـ استقل بمسى خاص(15) ووظيفة خاصة، وصار يشارك الدعوة والتعليم في الهدف والغاية. ب) اصطلاحاً : لم يقتصر المعنى الاصطلاحي للإعلام على المعنى اللغوي وهو مجرد الإخبار والتبليغ بوجه سريع؛ بل تجاوزه إلى معنى يتناسب مع وظيفته الحديثة، وهو التعبير عن ميول الناس واتجاهاتهم وقيمهم؛ بحيث يمكن تعريفه بأنه : نشر للمعلومات والأخبار والأفكار والآراء بين الناس على وجه يعبر عن ميولهم واتجاهاتهم وقيمهم بقصد التأثير(16). وإذا كان هذا التعريف قد ركز على المضمون دون الوسائل؛ فلأن المضمون هو الذي يعبر عن شخصية الإعلام، أما الوسائل من صحافة وكتابة وإذاعة ومرئي وغيرها فهي : عبارة عن قنوات يمر منها المحتوى لا أكثر؛ إن أُحْسِن استخدامها أعطت النتائج المحمودة، وإن أُسيء استخدامها أعطت النتائج المذمومة، ولا ذنب عليها والتبعة تقع على من استخدمها(17)، ووفق هذا المعنى يمكن تعريفها بأنها : أدوات صناعية تقوم بنقل المضمون في آن واحد أو على التدريج لمجموعة واسعة من الأفراد(18). ج) أهمية الإعلام : استعمل الإنسان بعفوية الوسيلة الإعلامية منذ القدم، وكان اللسان وسيلته الإعلامية الأولى في الإخبار والتصوير والتفاهم والإقناع عن طريق الخطبة والقصيدة والقصة والكتاب، واليوم تجسد الإعلام في وسائل تقنية متطورة، ضاعفت من سرعته وفاعليته وتأثيره من خلال الهاتف والحاسب والأقمار الصناعية ووكالات الأنباء والمطابع ودور النشر والتوزيع والإعلان بالصورة العادية والملونة الناطقة والمتحركة، وتأتي أهميته من النواحي الآتية : ــ أنه قوة مؤثرة في تكوين الإنسان : فهو ذو شأن في توجيه الميول والمشاعر وتنمية القدرات والمواهب، وفي إعداد الروح والعقل وبناء الجسم، ولا سيما إذا كان القائمون عليها خبراء وأخصائيين في التوجيه في علم النفس والتربية والإعلام، وبارعين في استخدام الوسائل الإعلامية والتحكم في درجات تأثيرها، ذلك أن الإنسان في نظر الإعلام يتغذى بالخبر، وينمو بالفكر، ويتعافى بالمعلومة، وهذا يوضح أهمية الإعلام في تكوين الإنسان وصياغة شخصيته وإعداد جوانبه إعداداً سليماً(19). ــ أنه قناة حضارية سريعة التأثير في المجتمعات : فهو رمز من رموز التحضر والتقدم في مقياس الأمم والمجتمعات(20)، وسبيل الدولة الحديثة في إظهار مبادئها وقيمها ومنجزاتها، وأداتها في توجيه شعبها لبلوغ أهدافها وآمالها، ووسيلتها في بناء حضارتها، وتربية الأجيال القادمة على عينها، فإن الإعلام على اختلاف طرقه ووسائله بات يمارس عملية مهمة في حياة الأمم وحضارة الشعوب، لا يكاد يسلم من تأثيره سلبا أو إيجابا فرد أو مجتمع أو دولة. ــ أنه سبيل الأمة في التأكيد على هويتها : فمن المؤكد أن لكل أمة من الأمم مبادئ وقيما ومفاهيم خاصة بها، تمثل شخصيتها الظاهرة، وتعبر عن نظرتها إلى الحياة، وتنم عن تصورها للوجود، فتحرص على استمرارها، والمحافظة عليها، ووقايتها من عوارض الزمن، وصراع الأفكار(21)، والإعلام هو مرآة أي أمة، وأداتها في نشر مبادئها وقيمها ومفاهيمها، (فما انتشرت ثقافة أمة في عصرنا الحاضر ولا قيمها إلا بقوة إعلامها وإرادة إعلامييها وسعة أفقهم، وما تراجعت ثقافة وانزاحت إلى الهامش إلا بضعف وسائلها الإعلامية وضحالة إعلامييها وفتور همتهم)(22) فالإعلام وسيلة ناجحة في نقل القيم والمبادئ والمفاهيم إلى الآخرين، وصياغة المجتمع على وفقها، وتنشئة الأطفال عليها، وتأكيد ذلك. المبحث الأول : واجب الإعلام نحو ثقافة الأطفال : الإعلام هو أداة مهمة للتعبير عن آمال الإنسان وطموحاته، والبوح بما تختزنه الصدور من أحاديث وخواطر، وما يجول في العقول من آراء وأفكار، والانتفاع بها في حياة الناس ومعالجة مشكلاتهم، وهو في الإسلام رسالة ودعوة قبل أن يكون فناً وصناعة، يعتمد على الصدق في القول، والمباح في الفعل، والنصح في الهدف، والنفع في المضمون، ويصان عن اللغط والفضول واللغو؛ فضلا عن الحرام من الفاحش البذيء، وقد قام الرسول صلى الله عليه و سلم بوظيفة التبشير والإنذار، وأدى واجب الإبلاغ، قال تعالى : \ يا أيها النبي إنَّا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً \(23) وقال تعالى : \ فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين \(24) ولم يكن واجب الدعوة والإبلاغ خاصاً بالرسول صلى الله عليه و سلم وحده؛ بل تعدى التكليف به إلى أتباعه من بعده، قال تعالى : \ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون \(25)، وما هذا الواجب الكفائي إلا لتأكيد فريضة نشر الإسلام بكل عقائده وتشريعاته ومضامينه عن طريق وسائل الإعلام المباحة، وبيان أن التعبئة لهذا النشر أو الاعلام ضرورة في كل وقت وفي كل مكان، وأن الأمة إذا لم تجند له الطاقات، وتهيء له الإمكانات الكافية(26)، وتستثمره في صالح الدعوة إلى الإسلام، وتربية النفوس على الخير، وإعداد الأجيال الصالحة ــ تكن آثمة، مؤاخذة على التقصير في هذا الجانب الحيوي والمؤثر في الإنسان والمجتمع.
واليوم أصبح الإنسان تحت تأثير وسائل الإعلام المختلفة رضي أم أبى؛ ولاسيما وهو في مرحلة الطفولة؛ لأنها أكثر مراحل عمر الإنسان تأثراً وقابلية، فما واجب الإعلام. نحو هذه الفئة التي تمثل أكبر نسبة في الهرم العمري في المجتمعات الإسلامية؛ حيث تتجاوز نسبتها %43 من نسبة العدد السكاني لهذه المجتمعات؟ نسبة كبيرة قريبة من نصف المجتمع، أليست هذه النسبة التي تتبوأ مثل هذه الكثافة من العدد السكاني جديرة بالاهتمام والرعاية الخاصة من قبل وسائل الإعلام والقائمين عليها ؟ إذا كنا نعي الدور الخطير للوسائل الإعلامية في تكوين الإنسان وتوجيه ميوله وتنمية مواهبه، وندرك أن مستقبلنا مرهون بمستقبل أطفالنا ــ فماذا أعددنا لهم من إعلام يبني مستقبلنا المتمثل في أطفالنا اليوم؟ وماذا هيأنا من إعلام مُوَجهٍ لهم إلى ما يتفق مع عقيدتنا وفكرنا وقيمنا ومعطيات ديننا وتاريخنا المجيد؟ هل استطاع إعلامنا أن يؤكد انتماءنا إلى مبادئ الإسلام ومعطياتها ؟ وهل استطاع أن يشيد لنا في مستقبل الأيام مجتمعاً متماسكاً يقوم على مرتكزات الدين والعزة والكرامة والأخلاق؛ أم أنه إعلام يعمل من غير انتماء ولا هوية ؟.
إن من الطبيعي أن يسير الإعلام وفق سياسة مرسومة ونهج واضح، يخدم مبادئ القائمين عليه والمُسَيرين لوسائله وبرامجه، فقد كان الإعلام الشيوعي في الاتحاد السوفيتي سابقاً يقوم بدور تثقيف جماهيره بالنظرية الشيوعية، ويدحض الأفكار التي تخالفها، ولا يزال الإعلام الغربي يجعل من الركض وراء المادة بأنواعها قاعدة أساسية في سياسته ونشاطه، ومن أجل ذلك تحلل من كل القيم والأخلاق بعد أن قطع صلته بالدين والخلق، وسلك مسلك العلمنة في الإعلام والتربية(27). لقد نشأ الإعلام في المجتمعات الإسلامية في زمن كان الاستعمار الغربي يجثم على غالبها، والفكر الإسلامي غائباً عن ساحة التأثير الثقافي، مما جعل الإعلام في هذه المجتمعات ينطبع بطابع الفكر الغربي من حيث مظهره وجوهره، وينشأ غريب النزعة والهدف، يُعنى بتنوع الوسيلة ومظهرها أكثر من عنايته بالمضمون والمحتوى، ويسخر لتذويب شخصية الأمة الإسلامية، وتغذية ناشئتها بعناصر الفكر الفاسد، لقد بدأ الإعلام نشاطه وهو يعاني من محنة وعجز، محنة في الأخلاق والقيم؛ إذ نشأ بعيداً عنها، وعجز في استقلال هذه الصناعة الحديثة؛ إذ نشأ عاجزاً عن الاستقلال في توظيف وسائلها فيما يخدم الأمة، ويرسخ انتماءها إلى الإسلام، ويعود على الأمة بالخير والمنفعة، ولايزال غالب إعلام أمتنا إلى يومنا هذا يعاني من آثار هذه النشأة التي انعكست سلباً على مستقبله حتى بعد رحيل المستعمر من بلاده، وحتى بعد اتساع خبراته في صناعة الإعلام ووسائله؛ لأن هذا الإعلام بقي تابعاً مرتبطاً بالتقدم التكنولوجي الغربي السريع وأساليب الإعلام الغربي، ولم يُعْنَ ببناء ذاتيته، ويكرس انتماءه إلى دينه، ويؤكد على هويته مما أخر تحرره من ربقة الفكر الغربي والتخلص من هيمنته، إن نظرة متجردة وفاحصة إلى المضامين الإعلامية وحدها تكفي في استنتاج حكم، هو أن ذات إعلامنا الإسلامي متأثرة بمنهجية وافدة إن لم تكن ممسوخة أو منسوخة تماماً، فالمضامين الإعلامية عندنا لا تعدو أن تكون ذات نسج غربي بلسان عربي، وأنها ذات توليفة في أفكارها وطرائقها لا تعتمد على نضج ووعي بإشكالية الأصالة الإعلامية والمعاصرة، ولا بأهمية الإعلام ودوره في بناء الانتماء للأمة وتأكيد هويتها(28)، فهو إعلام نشأ ويعيش في ظل التبعية للإعلام الغربي إلا ما رحم ربي في بعض وسائل الإعلام ومجالاته وبرامجه الهادفة.
تظهر آثار هذه التبعية للفكر الغربي فيما يقدمه الإعلام للطفل في المجتمعات الإسلامية من قصص خيالية تدور حول المبالغات والخوارق والأساطير الكاذبة، يقرأها أو يستمع إليها، أو يشاهدها من خلال أفلام الكرتون والمسلسلات؛ لتكرس في نفسه الصراع، أو تشككه في عقيدة الإيمان بأن الله القوي وحده، وأنه المدبر للكون والمهيمن عليه؛ إذ يرى أشخاصاً لهم قدرة على إيقاف حركة الكون أو منع الموت وفعل الخوارق والمعجزات كما في السوبرمان وبو بَّاي وغيرها، بل من هذه القصص ما يقوم على أساس الوثنيات وتعدد الآلهة(29)، ومنها ما يدور حول الخيانة وحوادث العنف والسرقة والقتل وحيل المجرمين وترويج المخدرات، والدعوة الصريحة أو المبطنة إلى الخروج على القيم والأخلاق وإشاعة العادات والآداب الغربية، ولم يقف الإعلام عند هذا الحد بل تحول إلى وسيلة تغالط في تاريخ الأمة وتثير الشبه والشكوك في نفوس القراء والمستمعين والمشاهدين حوله، وتسعى إلى تلميع كثير من دعاة السفور والتحلل ومهدري الأوقات من فنانين ولاعبين وغيرهم على أنهم نجوم وأبطال (لقد زخرفت تلك الوسائل جميع القيم الهابطة والمبادئ الرديئة في عيون أبنائنا، فما عادت تجدي النصائح أو القيم التربوية التي يمليها البيت، وتغرسها المدرسة للتناقض الذي يحسه النشء بين ما يشاهد ويسمع ويقرأ في وسائل الإعلام، وبين ما تقدمه المدرسة ويقوم به المنزل(30).
إن من حق الأجيال والناشئة على قادة الفكر ورجال الأدب والقائمين على الإعلام أن يرسموا لهم منهجاً إعلامياً خاصاً مستمداً من عقيدتهم ومبادئ دينهم الحنيف، ولعل أهم الجوانب التي ينبغي عليهم أن يولوها اهتمامهم ما يلي : ــ صياغة المادة الإعلامية وفق مستوى تفكير الطفل ونوعية ميوله وخصائصه النفسية وحاجاته التربوية رغبة في استثمارها بما يعود عليه بالنفع وينمي ميوله واستعداداته، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : (ما أنت بمحدث قوما حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة)(31). ــ العناية بالأسلوب الفني والطريقة الشائقة في العرض؛ لما لها من أثر في جذب الطفل إلى القراءة والاستماع والمشاهدة والمتابعة والانتفاع بالمادة الإعلامية، قال تعالى : \ وقولوا للناس حسنا \(32). ــ الاهتمام بصحة المضمون وتنوعه؛ فإن مدار صلاح الإعلام وكشف شخصيته على مضمونه، فالوسيلة الإعلامية أداة ذات حدين، لها نتائجها ومحصلتها في توجيه الطفل وتنشئته ورسم مستقبله؛ لذا يمكن صياغة هذا المضمون وفق الحكم الشرعي، وضبطه برقابة حازمة حكيمة تستهدف ما يحقق صلاحه واستقامته، وتربيته على الخير والهدى، وأن جاذبية الإعلام في تنوع موضوعاته وبرامجه يقتضيها تنوع الميول وتعرض الطفل للسأم والملل(33). ــ بناء الإعلام على أساس أنه وسيلة للرعاية الثقافية النقية من كل دخيل أو غريب على الإسلام التي تمد الطفل بالخبرات والمعارف الأصيلة، وتعرفه بالأفكار والآراء الحديثة، وغير ذلك مما يعود بالنفع والخير عليه، وتحصنه من سموم الأفكار التي تنقلها وسائل الإعلام المنحرفة من غير أن يكون للأمة خياراً فيها ولا رغبة، وتبصرهم بأضرارها ليأخذوا حذرهم منها ومن أمثالها(34). المبحث الثاني : وسائل الإعلام المؤثرة في ثقافة الطفل : نكاد نجزم بأن كل الوسائل الإعلامية مؤثرة مقروءة كانت أم مسموعة أم مشاهدة، وأنه من الضروري أن تعتنى هذه الوسائل بالطفل، وتتفق مع الوسائل التربوية الأخرى من منزل ومدرسة ومسجد على هدف واحد هو إعداد الطفل إعداداً صحيحاً، ورعايته عقديا وفكريا وسلوكيا، (ومن الضروري ـ أيضا ـ أن يكون عمل كل الوسائل ــ الإعلامية متناسقاً ومتكاملاً حتى تتأكد الغاية من الإعلام، وتتحقق رسالته، فإذا كان في المجتمع صحافة ملتزمة ــ بالإسلام ــ فإن التزام باقي الأجهزة الإعلامية يصبح أمراً ضرورياً؛ لأن عدم التزام التلفزيون فيما يعرضه على المشاهد يعزل تلك الصحافة عن المجتمع وبالتالي يبدو التناقض في التأثير، وتكون النتيجة الطبيعية لهذا حيرة وتخبطاً، إذاً لا بد أن التنسيق والتعاون بين هذه الأجهزة والوسائل من خلال سياسة ثابتة ومنهج واضح وخطط مرسومة(35). إن الوسائل الإعلامية متفاوتة التأثير، يأتي في مقدمتها الوسيلة المرئية من رسومات في كتاب أو تلفاز؛ لأنها تتعلق بعين الطفل في سنواته الأولى، فنحن نلحظ أن الأطفال مغرمون في بداية تفتح أذهانهم بمطالعة الكتب والقصص المصورة والفيلم لما فيها من جاذبية تشدهم بألوانها الزاهية وصورها البراقة، يقول الباحث بلومري : إن التلفاز والفيلم يستحوذان على اهتمام كامل من جانب الجماهير خاصة الأطفال، ويميلون إلى قبول جميع المعلومات التي تظهر في الأفلام وتبدو واقعية أ هـ، ويمكن إرجاع ذلك إلى أن الطفل يستمد غالباً خبراته ومعارفه عن طريق حاستي العين والأذن، ومن ثم تبقى المادة الإعلامية المصورة في مقدمة ما يجذب انتباه الأطفال(36)، وتعود هذه الجاذبية في نظر ماري وين إلى أن (آليات فسيولوجية معينة في العينين والأذنين والدماغ تستجيب للمثيرات المنبعثة على شاشة التلفزيون بصرف النظر عن المضمون المعرفي للبرامج ـ لذا كان التلفزيون مستأثراً على وقت طويل من حياة الطفل، وفي هذا تقول ماري وين : الواقع أنه ليس هناك تجربة أخرى في حياة الطفل تسمح بمثل هذا القدر الكبير من المشاهدة في حين تقتضي القليل جداً من التدفق الخارجي(37).
لقد كانت نتائج دراسات علماء الاجتماع والنفس مؤكدة على تأثير التلفاز على ثقافة الأطفال، ومن تلك الدراسات ما قامت به البيرتا سيجل المتخصصة في علم النفس في هذا المجال حيث قالت : لقد ظل العالم مدة غير مهتم بوصول هذا الوسيط إلى منازلنا، إلا أنه بات اليوم مؤكداً أن التلفاز قد غيَّر كثيراً من نظمنا وترتيباتنا الاجتماعية والتربوية أ هـ وهي نتيجة نهائية لدراسات أخرى قد قررت أنه لا مفر من تأثير التلفاز، وأنه أصبح أعظم الوسائل المؤثرة في المعتقدات والاتجاهات والقيم(38)، ومن هذه الدراسات دراسة أجريت بدولة الكويت لمعرفة أثر التلفاز على الأطفال من سن 14-10 سنة، تبين أن %67,1 من عينة البحث التي بلغت (1005 طفلا) يميلون إلى تقليد البطل الذي يشاهدونه في الأفلام والمسلسلات، وأجاب %75,8 من العينة بأنهم يريدون أن يكونوا مثل البطل، وهذه النتيجة توضح أن الطفل لا يميل فقط إلى تقليد البطل بل يرغب في أن يتصف بصفاته، ويتجه اتجاهه، الأمر الذي يعكس ما تبثه أجهزة التلفاز من برامج على شخصية الطفل سلباً وإيجاباً، كما أظهرت بعض الدراسات في مصر أن بعض الأطفال كانوا يقلدون ممثلي فلم مدرسة المشاغبين لفترات ليست بالقصيرة في التمرد على النظام التعليمي وعدم احترام المدرس والأب(39). إن على التلفاز الذي تبوأ مكانه في الصف الأول بين وسائل الإعلام الأخرى، وبلغ هذه الدرجة من التأثير على الطفل؛ بل وعلى المشاهد عموما أن يكون في المجتمعات الإسلامية أداة فعالة في المساهمة في تنشئة الطفل ورعايته ثقافياً وحماية المجتمع من الفساد القيمي والخلقي، وأن يصون نفسه من أن يكون أداة ضياع وإهدار للأوقات والجهود والأموال، وأن يستشعر دوره على أنه واجهة قوية ومؤثرة على الطفل إلى جانب الأسرة والمسجد والمدرسة، فيخصه ببرامج تثقيفية وتعليمية وترفيهية هادفة ومشبعة لحاجاته، تتناسب مع عقليته وبيئته ومبادئه؛ لتكون بديلا عن تلك الأفلام والبرامج الأجنبية بكل ما فيها من قيم ومفاهيم وتقاليد غربية، وَرَّثت غموضاً وحيرة عند أطفالنا، وتبعية مطلقة لكل وافد(40).
لقد تحول التلفاز مع التقدم التكنولوجي المذهل في وسائل الاتصالات إلى وسيلة قوية تتجاوز الناحية الإقليمية والحدود السياسية للدول، وتعمل على تقارب المجتمعات، وتصاهر الثقافات، وتداخل الحضارات ــ أصبح حاضر الطفل اليوم مليئا بالتحديات التكنولوجية من خلال الفضائيات المحملة بكل وسائل التأثير الفكري والعقدي والخلقي، فكيف سيعيش الطفل المسلم في هذا العالم المفتوح خاصة إذا تم تعامله مع هذه الوسائل بعيداً عن التحصين الأسري ضد مخاطرها العقدية والأخلاقية والنفسية والصحية(41)، فالأقمار الصناعية اليوم هي أيسر وسيلة لنقل الإرسال إلى قارات بأسرها(42)، وأقواها تأثيراً في تصدير الآراء والأفكار إلى الشعوب؛ أترى سيعيش الطفل حبيس والديه ومنزله، معزولاً عن هذه الوسيلة المنتشرة التي اخترقت الحجب والآفاق، وأصبحت تحت السمع والبصر؟ إن بعض الناس قد يرفض هذه الوسيلة بسبب العجز من المواجهة، وبعضهم قد يُقْبل عليها بسبب العجز عن الحصول على البديل، وكلا الأمرين استسلام إلا أن الرفض قد يُعََدُّ نوعاً من الحيطة، والإقبال نوعاً من الارتخاء. لكن الحقيقة التي لا يجوز أن نعيش بعيدين عنها في ظل توهم المفسدة والتخوف منها ؛ وهما سلبيتان تعودنا عليهما معشر المسلمين في التعامل مع الجديد الذي غالباً ما ينتهي بقبولنا له على أنه مما عمت به البلوى دون غربلة وتمحيص تؤديان إلى اصطفاء الملائم لديننا ثم لمصلحتنا وتطويره، الحقيقة التي ينبغي أن نضعها في حساباتنا الحاضرة والمستقبلية وفي تقديرنا للأمور (أن التلفزيون في ــ عصرنا الحاضر ــ عصر البث الفضائي سيكون الأكثر سيطرة على الرأي العام، والأهم في صياغة عقلية المجتمع وتفكيره وسلوكياته، والأخطر من ذلك أنه سيكون له دور كبير في التأثير على العقائد والأخلاقيات وعلى رؤية الإنسان أيا كان؛ لواقعه ولمستقبله ولمسلماته وقناعاته، ولعل ذلك سيكون أكثر أهمية وخطورة على الأجيال التي يتشكل وعيها وتكوينها على هذا البث المكثف)(43). إن التقدم الإعلامي التكنولوجي لم يقتصر على التلفاز وحده، وإن كان أكثر حظاً من غيره؛ بل تقدمت كل وسائل الإعلام في معيته، فأصبحت المجلات والصحف على جانب من الأناقة والجاذبية وسرعة في نشر الخبر وتوظيف المعلومة وحسن العرض، وصارت القصة ذات شأن عظيم وتأثير منقطع النظير مع تطور أساليب التعليم والتربية والعناية بالأدب الموجه وحسن إخراجها المقرون بالوسيلة والرسوم المعبرة، وحاولت الإذاعة أن تحافظ على مكانتها الإعلامية عن طريق تنوع برامجها الخاصة بالأطفال، واعتمادها على مساهمتهم المباشرة كتابة ومهاتفة، ومع تطور هذه الوسائل ظهرت وسيلة إعلام جديدة، هي شبكة الأنترنيت التي (تحولت بالنسبة إلى أطفالنا إلى ساحر جديد يستهلك أوقاتهم، ويضع أمامهم مجالات واسعة للمعرفة والثقافة، ولكنها في الوقت نفسه تكشف جوانب أخرى سلبية لمغامرة غير مأمونة العواقب، وهذا يشكل تهديداً قوياً على سلوكيات أطفالنا، ويجعلهم عرضة لنوعيات مختلفة من المعلومات والصور والأحداث التي لا تتناسب مع مراحلهم العمرية)(44). وهكذا فإن التطورات التي حصلت في وسائل الإعلام جعلتها أجهزة مؤثرة، ومشاركة بقوة وفاعلية في تربية الأفراد وبناء المجتمع وصياغة مسارات الدول، ولكن استثمار هذا التطور يبقى رهين ما تؤديه هذه الوسائل من وظيفة. المبحث الثالث : وظيفة الإعلام تجاه الأطفال : إن الوظيفة المأمولة في الإعلام تجاه الأطفال تربوية وثقافية، فلقد أيقنت دول العالم المختلفة أن الاستثمار في مجال رعاية الطفل وتنشئته من أهم الاستثمارات على الإطلاق؛ لهذا يأتي الإعلام مع الأسرة في مقدمة العوامل التي تحقق هذه الرعاية التربوية والتنشئة الثقافية(45). 1. رعاية الإعلام التربوية: تتميز مرحلة الطفولة بأنها مرحلة بناء المعارف وتأسيس القيم، وهي بحاجة إلى رعاية خاصة، بدءاً بالوالدين اللذين يقومان بمراقبة تصرفات ولدهما وتهذيب حاجاته؛ فإن الوالدين أقدر أفراد الأسرة رعاية وإسعاداً لولدهما، يقول ابن القيم : >فكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه، وإعانته له على شهواته... وإذا اعتبرت الفساد في الأولاد رأيت عامته من قبل الآباء(46)<، نعم الطفل بحاجة إلى تأديب، ولاسيما إذا بلغ سن التمييز أو المراهقة؛ لكون هاتين الفترتين من مرحلة الطفولة تزداد فيهما قواه العقلية، ويتسع خياله، وتنمو فيهما مفاهيمه، ويرتقي حسه الخلقي، ويتهيأ جنسياً، فيرى ابن القيم أنه بحاجة فيهما إلى مزيد من الاهتمام في الرعاية والتأديب؛ لذا ينصح (أن يجنب الصبي إذا عقل مجالس اللهو الباطل والغناء وسماع الفحش والبدع ومنطق السوء؛ فإنه إذا علق بسمعه عسر عليه مفارقته في الكبر، وعزَّ على وَلِيِّه استنقاذه منه، فتَغْيير العوائد من أصعب الأمور، يحتاج صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية، والخروج عن حكم الطبيعة عسرٌ جداً)(47)، فإذا أردنا أن نعرض هذه النصيحة على البرامج الإعلامية التي تقدم للأطفال فماذا يمكن أن نأذن لطفلنا منها أو ندع ؟ سنجد أن نسبة كبيرة منها سيكون من قسم ما يجتنب شفقة على عقله ووجدانه، فضلا على صحته ووقته. لقد أصبحت وسائل الإعلام في الوقت الحاضر بما لها من تأثير شريكة للأسرة والمدرسة في تربية الطفل، وصار بالإمكان التحكم فيما تنشره وتبثه من مادة إعلامية؛ بل أصبحت تمارس دوراً تربويا فعالا تجاه أبنائنا، كاد أن ينافس أو يقلل من شأن وظيفة الوالدين التربوية، وقد دلت الدراسات العلمية على أن الظروف الأسرية وانشغال الوالدين كان لها أثر كبير في إتاحة الفرصة ليمارس الإعلام وظيفته التربوية، وهذا بالتالي يجعل للوسيلة الإعلامية ومحتواها أهمية عظيمة في تحديد الإيجابيات والسلبيات لرعاية الإعلام التربوية(48). إذا كانت الوسائل الإعلامية بهذا التأثير فلماذا لا توظف لتكون وسائل فعالة في تربية النشء وتعليمهم، إن الأمر لا يحتاج إلى أدلة تثبت أن الطفل يتعلم من وسائل الإعلام ولاسيما التلفاز؛ إننا معشر الآباء نلحظ أن أبناءنا يكتسبون من التلفاز بعض العبارات اللغوية وبعض آداب السلوك، ويذكرون جيداً بعض المعلومات والأخبار والأسماء التي يشاهدونها، إن أطفالنا يكتسبون هذه الأمور ولا يشعرون أنهم يتعلمون(49)، أليس من الجدير بالقائمين على هذا الجهاز المؤثر أن يجعلوه وسيلة تعليمية، وأن يتحكموا في مضمونه وطريقة عرضه بما يتناسب مع قيمنا، ويحقق الهدف التربوي منه؟ ألا نتوقع أنه يمكن بهذه الوسيلة الجذابة أن ننمي ميول الأطفال، ونفتح مداركهم، ونوسع معارفهم، ونعمق في نفوسهم الإيمان والفضيلة والخير؟ بل يمكن أن نرعى الموهوبين منهم، ونحتضنهم ببرامج خاصة، إنه متى فعل الإعلام ذلك ستكون أجهزته مدارس مشرعة الأبواب لكل طالب، ومحاضن خصبة لنمو الميول وتفتق النبوغ ورعاية المواهب.
2. رعاية الإعلام الثقافية: يتميز الإعلام بأنه الوسيلة التي تعبر عن الشخصية الثقافية لأي أمة من الأمم، فهو مؤتمن على المحافظة على هذه الثقافة ومقوماتها، والذود عنها، ووقايتها من الأفكار الفاسدة، وتغييرات الزمن العارضة، فلا (يعرف في تاريخ الأمم ـ ماضيها وحاضرها ـ أن واحدة منها أهملت في نشر ثقافتها، أو تركتها تذوب في ثقافة غيرها، أو تتلاشى في عقول أبنائها لتحل محلها ثقافات أخرى طارئة غريبة)(50) والثقافة الإسلامية لها سمات خاصة تميزها عن غيرها؛ تنتظم في عقيدتها ومبادئها وقيمها الخاصة بها، والتي استمدتها من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم . إن الإعلام لن يستطيع أن يعبر عن ثقافة الأمة إلا إذا كان مدركاً لها، مميزاً لها عن سائر الثقافات الأخرى، ولا سيما الثقافة الغربية التي تواجه ثقافتنا بصلف وكبر؛ بل (لابد من تناغم العمل الثقافي مع الإعلامي، وأن يتحرر كلاهما من النزعة الذاتية، وألا يتناقضا ويتنافرا؛ لئلا يصطدم الجمهور بأعمال ــ من الجانبين ــ مشوهة، لا علاقة له بقيمه ولا بتطلعاته)(51). وإذا كانت وسائل الإعلام ذات تأثير تربوي فإن لها أيضاً تأثيراً في صياغة الوجهة الثقافية للطفل، فلم تعد وسائل الإعلام غريبة علينا ولا على أطفالنا، ومهما تكن فهي تحمل ثقافة ما، وهم متأثرون بما تنقله إليهم، فإذا كانت هذه الثقافة غريبة عنا أليس من الطبيعي أن نرفض هذه الثقافة، ونحاول أن تكون هذه الوسائل أداة لتقديم ثقافتنا الأصيلة، وما تحتضنه من معارف وعلوم وخبرات لمختلف الأعمار. إن الإعلام مطالب أن يقدم هذه الرعاية الثقافية لناشئتنا، على أن تكون رعاية فاحصة تميز بين الأصيل والدخيل، وتعي مسؤوليتها تجاه ذلك، فتنقل كل ما هو صحيح ونافع وموثوق من المعتقدات والقيم والأفكار، وتعمل على غرس الفكر الصحيح في عقول أبنائنا، وتسعى إلى تنمية الحس الخلقي النبيل لديهم؛ إن الإعلام ينبغي أن يربأ بنفسه أن يكون وسيلة لصالح ثقافة غريبة، تحاول أن تفرض هيمنتها ووجهتها علينا، أو أن يكون وسيلة لإشاعة المنكر والرذيلة بيننا، أو أداة لتعويد أبنائنا على سلوك منحرف وعادات فاسدة، أو تلقينهم معلومات باطلة أو مشككة في دينهم ومبادئهم. ولا ريب أن تحقيق هذه الرعاية يتطلب دراسة واعية، وتفهما عميقاً لجدوى الوظيفة الثقافية، ويقتضي اتخاذ وسائل مشوقة لإعداد البرامج المتنوعة والهادفة بالكم المناسب والإخراج المتميز، وهذا يتطلب تضافر جهود المربين والمثقفين والإعلاميين والمؤسسات الفنية ورجال الأعمال، إنه (إذا تضافرت الجهود في هذا المنحى فسيتوافر لنا مناخ ثقافي صحي، يدفعنا إلى مزيد من الإنتاج والإبداع، مع تقديم أعمال ـ إعلامية ـ وأطر ثقافية تنمي ذاتيتنا، وتدفعنا إلى الاعتزاز بهويتنا، والخروج بها إلى دائرة أرحب، فماذا ـ كان يمكن أن نفعل كي نصد خطر الفكر الوافد... وكيف نحرر ثقافتنا ـ وإعلامنا ـ من القوالب الغربية)(52) إنه ليس بوسعنا إلا استثمار إعلامنا في بناء ذاتية ثقافتنا؛ فنحن في غنى عما سواها، وغيرنا في حاجة إلى عقيدتنا ومبادئنا وقيمنا وأخلاقنا ونُظمنا، وثقافتنا أرحب وأنسب لتطلعاتنا وغاياتنا في الحياة وبعد الممات. المبحث الرابع : ضرر الإعلام على ثقافة أطفالنا : يتعرض أطفالنا لضرر بالغ نتيجة تبعية غالب أجهزة الإعلام في المجتمعات الإسلامية للفكر الغربي بصفة عامة؛ وإعلام الطفل بصفة خاصة، ومن أبرز مظاهر هذا الضرر ما يلي : ــ تغريب شخصية الطفل : لايخفى على أحد أثر الإعلام الوافد في تكوين شخصية أبنائنا؛ فقد وقعوا فريسة لهذا الإعلام، واصطبغت حياتهم بثقافته وطرائق تفكيره وأنماط عاداته وتقاليده، فتحققت أمنية التغريب، يقول المستشرق الإنجليزي (جب) حين استعرض أنجح الوسائل لتغريب المسلمين: (للوصول إلى هذا التطور الأبعد...الذي تصبح الأشكال الخارجية بدونه مجرد مظاهر سطحية يجب ألا ينحصر تخطيطنا في الاعتماد على التعليم في المدارس؛ بل يجب أن يكون الاهتمام الأكبر منصرفاً إلى خلق رأي عام، والسبيل إلى ذلك هو الاعتماد على الصحافة) ثم يستطرد قائلا : (إن النشاط التعليمي والثقافي عن طريق المدارس العصرية والصحافة قد ترك في المسلمين ــ ومن غير وعي منهم ــ أثراً جعلهم يبدون في مظهرهم العام لا دينيين إلى حد بعيد)(53)؛ بل إضافة إلى ما ذكره (جب) فإن هذا الإعلام قدم صورة جميلة ومشرقة للمجتمعات الغربية : طبيعة خلابة، حرية، حياة رَغيدة، نظاماً، نظافة، علماً وتقدماً، مما جعل الطفل والمراهق وهما في غفلة عن مساوئ هذه المجتمعات المادية والفكرية والاجتماعية ــ يقارن بين مجتمعه وبين المجتمعات الغربية، فيرى ضرورة الهروب من مجتمعه إلى ذلك المجتمع الغربي المثالي في الصورة الرائعة والمظهر الجميل(54) والحياة المنظمة. 2. ازدواجية فكر الطفل : تحدث هذه الازدواجية نتيجة عجزه عن الجمع بين ما يراه متناقضاًً بين معطيات الإعلام الثقافية وبين ما تربى عليه في نطاق أسرته من مبادئ وسلوك، وما تلقاه في مدرسته من أحكام ومعارف وقيم، هذا التناقض سيؤدي حتما إلى إيقاع الطفل في حيرة نفسية واضطراب فكري وشتات في الهدف. إن كثيراً مما تنشره وتبثه وسائل الإعلام المشوبة لا يعبر عن تراثنا، ولا يتوافق مع ما يتربى عليه أبناؤنا من مبادئ وقيم، ولا يمثل عادتنا؛ بل يتصادم معها ويخالفها(55)، فماذا يمكن أن ينشأ عن مثل هذا الإعلام إلا الازدواجية الفكرية، وتمزق الهوية الإسلامية؟. 3. مناهضة قيمنا وأخلاقنا وإضعاف مستوى أبنائنا الدراسي : تكمن خطورة الإعلام الوافد في كونه لا يتفق مع قيمنا وأخلاقنا، فأفلام الكرتون مثلا تعتمد على الخيال والمشوه، الذي يُظهر تميز القوة البدنية على القوة الفكرية، ويستخدم وسيلة العنف والتدمير لتحقيق الأهداف، والكذب والمبالغة في البعد عن الحقيقة، إلى جانب اعتماده على السحر والخوارق في الوصول إلى النجاح(56). إن التلفاز وحده قادر على أسر أطفالنا أمام شاشته الملونة لفترات طويلة وهم يشاهدون هذه الأفلام الكرتونية والصور المتحركة؛ بل هو سريع التأثير في اكتساب قيم جديدة تهدد برامجنا التربوية بالخلخلة والانهيار؛ إذ ثبت بما لا يدع مجالاً للشك الأثر السييء لأفلام العنف على الأطفال(57)، وثبت أيضاً أن الأطفال الذين يتعرضون لمشاهدة التلفاز لفترات طويلة ينضجون في مجال التخيل والرؤية المصورة بينما تقل قدرتهم الرقمية التي تنمي استعدادهم لتعلم القراءة والكتابة(58)، ولعل من أعظم مآخذ التربويين على وسائل الإعلام أنها السر في تدني مستوى طلابنا عموماً على مختلف مراحلهم الدراسية نظراً لتعرضهم لوسائل إعلامية تقدم لهم معلومات ضحلة وثقافة هامشية، لا تتناسب إطلاقاً مع حجم ما يهدرونه من وقت في التلقي لها، وهو وقت نفيس كان من المفترض توظيفه في الإطلاع والتحصيل العلمي(59). المبحث الخامس : واجبنا نحو مواجهة إعلام الطفل الفاسد أو المشوب : إن اتخاذ التخوف من المفسدة مبرراً إلى سلوك طريق العزلة عن الإعلام الفاسد والمشوب لا يجدي كثيراً في دفع المفسدة، ولا في إزالة ضررها وإن خف مؤقتاً، وإن الاكتفاء بالإنكار أو الإنذار بشؤم هذه الوسائل الإعلامية ذات الصبغة الإباحية في مواجهة هذا التقدم التكنولوجي السريع لن يغير شيئاً، ولن يوقف أداءها، ولا بثها واستمراريتها. إن الأجدر أن يكون هناك تعامل إيجابي مع هذا التقدم التكنولوجي في وسائل الإعلام، يتمثل في استثماره بما يعود على أمتنا بالمصلحة، فهذه الوسائل ذات حدين، شأنها شأن سائر الأدوات والوسائل المصنعة التي يمكن استخدامها في الخير كما يمكن استخدامها في الشر، ولا تبعة عليها؛ إنما التبعة على مستخدمها الذي لا ينبغي أن يغيب عن ذهنه (أن مجتمعنا ... المسلم له هويته ومسلماته وتقاليده وأخلاقياته، والعقيدة الإسلامية وما تشكله من نسق اجتماعي وأخلاقي هي التي تستطيع دون أي رابطة أخرى أن تحفظ له كيانه وقوته واستمراريته الحضارية والثقافية، ومن المهم أن يعمل المتخصصون والمهنيون مُدَعَمين ببحوث العلماء الشرعيين على تقديم الإسلام وعقيدته وأخلاقياته وعباداته وتصوره عن الإنسان والكون والحياة بالأسلوب الأمثل، وهذا ليس مطلباً شرعياً فحسب بل ضرورة وجود وحياة لنا، وضرورة أخلاقية لحماية أجيالنا من سلبيات البث الفضائي)(60).
ولا ريب أن الإرث الإعلامي المشوب الذي لا يزال مهيمنا في مجتمعاتنا قد ساهم في تشويه هويتنا، وإضعاف الغيرة عليها في نفوس الأجيال والناشئة. وإن من الواقعية والحصافة مواجهة خطر الإعلام المشوب بالفكر الغربي فضلاً عن توفير أسباب الحصانة من فساد الإعلام الغربي، ولا سيما فيما يتصل بإعلام الأطفال؛ لأنهم أكثر من غيرهم انجذاباً وتقبلاً لمضمونه وأفكاره؛ فشخصيتهم لم تتشكل بعد، ولم تترسخ في نفوسهم عوامل المقاومة أو الحصانة ضد ما يصل إليها من رسائل إعلامية وأفكار وإيحاءات ورموز(61)، إنه يحق أن نتساءل : ما خيار الأطفال والمراهقين الذين يتحلقون حول شاشات التلفاز العربي الفضائية ليشاهدوا ما تقدمه لهم من برامج ساذجة وضحلة؟ أين إسهامات هذه الشاشات في بناء شخصية الطفل المسلم الواثقة في ذاتها، المفتخرة بتارخها المجيد، المعتزة بدينها ورسالتها العالمية ؟ هل تستطيع هذه الشاشات أن تحقق ذلك من خلال ما تقدمه للطفل من مسلسلات الكرتون المدبلجة التي تروج العادات والتقاليد الغربية، أو برامج اللهو والتسلية التي غالباً ما تخلو من الفائدة التربوية أو العلمية؟(62). إن أطفالنا اليوم في حاجة إلى برامج تربيهم على السلوك القويم، وتشحذ أذهانهم بالمعلومات المسلية والمفيدة، وإنه من التقصير الاكتفاء بالنقد، أو التحذير من مساوء البرامج الإعلامية؛ بل لابد من الاهتمام بالصناعة الإعلامية؛ لأننا لا نستطيع أن نعيش في معزل عن تأثير هذه الوسائل ثقافياً، ولاسيما وأنها متطورة لن تقف عند حد، ولابد من مواجهتها عن طريق العناية بتربية أبنائنا على الانتماء إلى الإسلام، وتعميق القيم في نفوسهم، ولا يعني هذا المسلك الانفلات والانسياق وراء الإعلام الفاسد بقدر ما هو دعوة إلى بناء درع واق، وتكوين حصانة مقاومة في داخل أبنائنا لأمر واقع(63)، والاتجاه العملي إلى إيجاد البديل والاهتمام بإنشاء صناعة إعلامية متكاملة وكافية وملائمة لبيئتنا وعقيدتنا وقيمنا.
وبدأت هذه الصناعة تظهر، وهي دليل على الوعي بهذا الخطر الذي يداهم أبناءنا، ويتفاقم ضرره يوما بعد يوم مع البث المباشر والقنوات الفضائية ـ بدأت تظهر من خلال محاولات متتابعة لإنتاج برامج إعلامية هادفة، تحاول أن تسدد القصور، وتسعى إلى أن تكون بديلاً نقياً ولو عن جزء يسير من حيز الإعلام المشوب؛ إلا أنها محاولات قليلة ومتواضعة، تتمثل في بعض المجلات والقصص وبعض الأشرطة السمعية وأفلام الكرتون المرئية والمواد المسلية، وهي تعاني من مشكلة التمويل والتوزيع التي تعوقها عن كثرة الإنتاج؛ نظراً لحاجتها إلى تكنولوجيا متقدمة عالية التكلفة(64)، وهي بهذا القدر من الكم تبقى محدودة التأثير إلا أنها ممهدات لمسار إعلامي نقي قادم، بدأت تلوح بوادره في الأفق.
إن هذه المحاولات لابد من تقديرها وتشجيعها، وإتاحة المجال لها في وسائل الإعلام القائمة، ومهما كانت محدودة وقليلة إلا أنها أفضل من مسار الاستسلام للإعلام الغربي المدمر لأخلاق الشعوب والمجتمعات، وهي تمثل على قلتها حجر عثرة أمام تقدم هذا الإعلام وهيمنته على وسائل الإعلام في العالم الإسلامي، وهي كذلك بداية لبناء إعلام نافع، يسعى إلى ترسيخ الهوية الثقافية للأمة الإسلامية، من المأمول مستقبلاً أن يتطور، ويشغل حيزاً أكبر من مساحة برامج الإعلام على مختلف وسائله والبث الفضائي على وجه خاص الذي يعد في الوقت الحاضر أكثر وسائل الإعلام خطورة وتأثيراً؛ إذ يُستغل استغلالاً قوياً في ترويج الفكر الغربي وتغريب المجتمعات الإسلامية وتربية الأجيال الناشئة على مبادئه وتصوراته، يدل على هذا ما صرح به ماليز روثفن صاحب كتاب : "الإسلام في العالم" في مقالة له نشرتها صحيفة الصنداي تايمز في شهر يناير عام 1995م يقول فيها : (سلاح الغرب السري ضد الإسلام ليس سلاح الدبابات، وإنما هو سلاح الفضاء والأقمار الصناعية، هناك خيار ينادي به بعض الإسلاميين، وهو توفير البديل الإعلامي من خلال إنشاء قنوات فضائية إسلامية... لكن هل يأمل أولئك الإسلاميون في مضاهاة التعقيدات التكنولوجية لمحطات البث المعروفة)(65). إن المسلمين قادرون على قلة إمكاناتهم من التصدي لهذا الإعلام لما يملكونه من مقومات البقاء العقدي والفكري والاجتماعي، وما هذه القنوات إلا وسائل يستطيع المسلمون إنشاءها وامتلاكها، واستخدامها سلاحاً لصد هذا الاعتداء، وحماية عقيدة أبنائهم، ووقاية فكرهم من هذا الخطر الداهم الذي يحيط بهم من كل حدب وصوب، وتسخيرها أداة لنشر الخير الذي جاء به الإسلام بين الناس؛ لتحيى به النفوس، وتستنير به العقول، وتهتدي به في ظلمات الحياة؛ إلا أن هذا يتطلب وعياً لواقع هذا الإعلام وأخطاره على ناشئة المسلمين، وعزماًً على التصدي له، وتعاوناً بين دول العالم الإسلامي ومؤسساته الإعلامية في التخطيط والتنفيذ، وبذل كل الإمكانات المالية من أجل إبطال مفعول هذا السلاح المدمر للعقائد والقيم والأخلاق. المبحث السادس : نقد الإعلام الخاص بالطفل في ظل ميثاق الشرف الإعلامي : قد يكون من الطبيعي أن تتعرض برامج الإعلام إلى نقد أو تقويم في الفينة بعد الأخرى؛ لأن أجهزة الإعلام مرآة تنعكس عليها آمال المفكرين والمثقفين ورؤاهم، وتتعلق بها تطلعاتهم في بناء المجتمعات والأمم وتقدير أكبر قدر من الفائدة لها؛ إلا أنه اليوم صار من الضرورة استثمار هذا النقد واستدعاء هذا التقويم على أن يكون كل منهما قائما على الموضوعية في العرض والمبدئية في الوجهة رغبة في الوصول إلى نتيجة مفيدة وهادفة؛ لأن الأجهزة الإعلامية بما حظيت به من تقدم تكنولوجي وانفتاح على الثقافات والحضارات وجاذبية ساحرة في التلقي وسرعة في الوصول ـ تقتضي هذا الاستثمار؛ ولاسيما أن المجتمعات الإسلامية مقصودة بأن تُغزا عقديا وفكريا واجتماعيا. في هذه الدراسة يتوجه النقد أو التقويم إلى الإعلام الخاص بالطفل في ظل تنفيذ ميثاق الشرف الإعلامي لأجهزة الإعلام الإسلامية الصادر في جدة عام 1988م، والذي استشعر أخلاقيات العمل الإعلامي فوضع ضوابط لها، منها : ـ ترسيخ إيمان المسلم بدينه ومحافظته على مقدساته وتمسكه بالقيم والمبادئ الإسلامية. ـ تعميق القيم الأخلاقية والسلوك للفرد والمجتمع المستمدة من التقاليد الإسلامية الأصيلة. ـ الامتناع عن نشر وترويج ما يمس الآداب العامة أو يوحي بالانحلال الخلقي والفردي أو يرغب في الجريمة أو العنف و الانتحار والرعب وما إلى ذلك بطريق مباشر أو غير مباشر. ـ الاهتمام بالطفل والناشئة والشباب والرجل والمرأة وكبار السن، وبصفة عامة المحافظة على كيان الأسرة واحترام تقاليد المجتمع الإسلامي النبيلة، وتنمية أخلاق النشء والصحة النفسية للطفولة والأمومة(66). لقد كان هذا الميثاق مستجيباً لتوصية مؤتمر التعليم الأول بمكة المكرمة عام 1397 هـ الموافق 1977م، المتصلة ببرامج الأطفال قبل تاريخ صدور هذا الميثاق بعشر سنوات، وكان مكرساً لرؤاه، وهذا يدل على رغبة ملحة وقديمة عند المعتنين بالناشئة والمسؤولين عن تعليمهم وتربيتهم في أن يدعم الإعلام المؤسسات التربوية وأن يعاون المدرسة في مهمتها؛ لذا رأى هؤلاء أن الطريقة المثلى في تحقيق ذلك هي التزام الإعلام بالمنهج الإسلامي، كما أوصوا (بإيجاد محاولات لإنتاج برامج ثقافية تقوم على القيم الإسلامية لتحل محل المسرحيات والأفلام الهابطة والصور الخليعة التي تحتل مكاناً بارزاً في البرامج والأفلام في الوقت الحاضر)(67). ومن استقراء الميثاق وهذه التوصية ندرك أن الملامح المشخصة لهوية الأمة الإسلامية والرغبة في تصحيح المسار الإعلامي واضحة فيهما؛ ومن دراسة واقع الإعلام من الناحية العملية والواقعية في كل ما يقدم للطفل من برامج مقروءة ومسموعة يتبين أن الالتزام بهما ضعيف ومحدود في الجملة، وهذا يتطلب ما يلي : 1. التأكيد على مصداقية التزام الجهات المعنية بالإشراف على أجهزة الإعلام من وزارات ومؤسسات وشركات بهذا الميثاق، والأخذ بهذه التوصيات في كل ما تنتجه هذه الأجهزة من برامج، ولا سيما ما يتصل بالأطفال نظراً لتأثيرها عليهم، وخطورتها على بناء مستقبل المجتمع الإسلامي. 2. التشجيع على تطوير الصناعة الإعلامية الإسلامية؛ سواء كانت مؤسسية أم فردية، ودعمها مادياً وعلمياً ومالياً. 3. وضع خطة مشتركة لتطوير صناعة برامج الأطفال الفضائية تُمَكِّن من مواجهة زخم البث الفضائي الفاسد والمنحرف، ومنافسته في الكم والتغطية الزمنية؛ لتكون بديلاً عنه. 4. ترغيب الباحثين العاملين في المراكز العلمية والجامعات في تطوير هذه الصناعة بما يتفق مع ديننا وقيمنا. 5. حث رجال الأعمال على الاستثمار في الإنتاج الإعلامي المفيد الموجه. 6. بناء عمل إعلامي تعاوني مشترك يوفر الجهود ويحقق الالتزام بهذه الضوابط. 7. تأسيس جهاز إعلامي متابع لأجهزة الإعلام القائمة في البلاد الإسلامية ومقوم لها؛ ليكون ذلك أعون على التنفيذ الجماعي لهذا الميثاق. 8. إنشاء برامج مشتركة للأطفال؛ مما يساعد على سرعة الإنتاج، والاستفادة من المتوافر في البلاد الإسلامية في مجال الخبرات العلمية والفنية والتوزيع والتمويل. الخاتمة : كانت غاية هذه الدراسة كشف خطورة الاستمرار على وضع الإعلام الحالي الخاص بالطفل المسلم المتصف بالتبعية الثقافية الغربية، والتنبيه على أهمية بناء إعلام خاص بأطفال المسلمين منسجم مع الثقافة الإسلامية، وملتزم بنقاء المضمون دينياً وفكرياً وخلقياً، وساع إلى استثمار كل الوسائل الإعلامية المتاحة تربوياً وثقافياً، بحيث يتسم بالذاتية في أهدافه ومحتواه. إن مشكلة الإعلام الحالي في البلاد الإسلامية عموماً وإعلام الطفل خصوصاً تكمن في افتقاده للذاتية، الأمر الذي أسهم في ظهور إشكاليات تربوية وثقافية في مجتمعات المسلمين، في مقدمتها الازدواجية التربوية والثقافية ذات الانعكسات السيئة والخطيرة على أجيال المسلمين الحاضرة والقادمة، وستزداد سوءاً وتعقيداً إذا ما استمر حال الإعلام على هذه الصفة. إنه على رغم إدراك أهمية تجاوز هذه الازدواجية عن طريق تحقيق قدر من الانسجام بين مضمون الإعلام والثقافة الإسلامية إلا أن هذا التجاوز عملياً يتطلب جهوداًً بشرية مبدعة، وإمكانات مادية كبيرة تسخر من أجل استثمار الإعلام والاستفادة من تطوره السريع ليكون وسيلة تربوية نافعة، وصناعة إعلامية متقدمة ومؤثرة تحسن إخراج العمل الإعلامي للطفل، وتمنحه جاذبية العرض، وسلامة المضمون، وجدة الفكرة بحيث تكون هذه الصناعة على مستوى المنافسة الإعلامية وقوة التأثير في الناشئة، ذلك أن العمل على تحقيق هذا الانسجام ضرورة لابد منها؛ إذا أردنا أن نحافظ على هويتنا الثقافية المستمدة من ديننا الحنيف وعقيدتنا الصافية، ونطمئن على حاضرها ومستقبلها، ولابد منها إذا رغبنا بجد في حماية أجيالنا من سموم الحضارات الأجنبية وتياراتها الفكرية الفاسدة، ولابد منها إذا أحببنا أن نقي أبناءنا من سلبيات ازدواجية المضمون على نفوسهم وفكرهم التي تلحظ في تناقض ما تقدمه وسائل الإعلام لهم مع ما يتعلمونه في منازلهم ودور التعليم. ________________________________________ المصادر : 1. أبناؤنا بين وسائل الإعلام وأخلاق الإسلام لمنى حداد يكن، مؤسسة الرسالة، عام 1402 هـ. 2. أدب الأطفال ومراحل النمو لصبيحة فارس، نشر مع مجموعة من المحاضرات والندوات والمناقشات التي دارت في أسبوع المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، بعنوان : الاتجاهات الجديدة في ثقافة الأطفال. 3. أطفالنا بحاجة إلى تربية إعلامية جديدة (مقالة) للدكتور مصطفى رجب، نشرت بمجلة الخفجي، في عدد ديسمبر 1995م. 4. أطفالنا والفضائيات (مقالة) لنهاد الكيلاني، نشرت بمجلة المجتمع، في العدد 1353، تاريخ 1420/2/24م. 5. الأطفال والإدمان التلفزيوني لماري وين، ترجمة عبد الفتاح الصبحي، عالم المعرفة الكويتية، عدد 247. 6. الأطفال والشاشة الصغيرة (مقالة) لأحمد أبو الذهب محمود، نشر بمجلة الخفجي، في عدد نوفمبر، عام 1995. 7. الإعلام ... مفاهيم للدكتور علي بن محمد النجعي، مطبعة سفير بالرياض، عام 1417 هـ. 8. الإعلام المعاصر لفائق فهيم، دار الوطن، طبعة عام 1406 هـ. 9. الإعلام في ضوء الإسلام للدكتور عمارة نجيب، مكتبة المعارف بالرياض، عام 1400 هـ. 10. الإعلام له تاريخه ومذاهبه لعبد اللطيف حمزة، دار الفكر العربي، عام 1965م. 11. الإعلام موقف للدكتور محمود محمد سفر، تهامة للطبع والنشر، عام 1402 هـ. 12. الإعلام وأثره في نشر القيم الإسلامية للدكتور محمد إبراهيم نصر، نشر دار اللواء بالرياض، عام 1398 هـ. 13. الإعلام والاتصال بالجماهير للدكتور إبراهيم إمام، مكتبة الأنجلو المصرية، عام 1984. 14. الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر للدكتور محمد محمد حسين، مؤسسة الرسالة، ببيروت، عام 1400 هـ. 15. الاهتمام بالطفل السعودي، مطلب ملح (مقالة) لمحمد الحضيف، نشرت بجريدة الرياض في 1403/7/13 هـ، عدد 5428. 16. التخطيط التلفزيوني في دول الخليج لسعد لبيب. 17. الطفل السعودي بين الواقع والمنشود (بحث) لأسماء محمد عبد الوهاب، نشر بمجلة كلية العلوم الاجتماعية، العدد السادس، عام 1402هـ. 18. الطفل بين الوراثة والتربية لمحمد تقي فلسفي، تعريب فاضل الحسيني، دار المعارف ببيروت. 19. القاموس المحيط لمجد الدين محمد الفيروز آبادي، مطبعة البابي الحلبي بمصر. 20. المفردات في غريب القرآن لأبي الحسين الراغب الأصفهاني، دار المعرفة ببيروت. 21. تحفة الودود بأحكام المولود لابن القيم الجوزية، مكتبة دار البيان ببيروت، عام 1391 هـ. 22. توصيات المؤتمرات التعليمية الأربع، إعداد المركز العالمي للتعليم الإسلامي في جامعة أم القرى بمكة المكرمة، طبعة عام 1403 هـ. 23. ثقافة الطفل المسلم مفهومها وأسس بنائها للدكتور أحمد بن عبد العزيز الحليبي، دار الفضيلة بالرياض. 24. دور التلفزيون كمؤسسة تعليمية وتربوية في بعض بلاد العالم (بحث) للدكتور محمد علي الأسود، نشرته مجلة كلية العلوم الاجتماعية، العدد السادس، عام 1402 هـ. 25. صحيح البخاري للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي، دار القلم ببيروت. 26. صحيح مسلم للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، نشر رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء بالرياض. 27. في ضوء القرآن والسنة للدكتور التهامي نقرة، الشركة التونسية للتوزيع. 28. لسان العرب لابن منظور، دار المعارف. 29. لمحات في الثقافة الإسلامية لعمر عودة الخطيب، مؤسسة الرسالة ببيروت، عام 1397 هـ. 30. مسؤولية الإعلام في تأكيد الهوية الثقافية للدكتور ساعد العرابي الحارثي، كتيب المجلة العربية، عدد 18، عام 1419 هـ. 31. مقابلة مع الدكتور عبده يماني وزير الإعلام السعودي السابق، نشرت بمجلة المجتمع، في العدد 1338، تاريخ 1420/10/30 هـ. 32. مقالة : أزمة مضمون لعبد الستار أبو حسين، مجلة الأسرة، عدد 50، جمادى الأولى، عام 1418 هـ. 33. مقالة : الفضائيات ... وفن الهامبورجر لسعيد مصلح القحطاني، جريدة اليوم 1418/9/12 هـ. 34. مقالة : تحصين الأطفال ضد مفاسد الأنترنيت للدكتور محمد زايد يوسف، جريدة عكاظ، 68، 1420/12/21هـ. 35. نمو الطفل وتنشئته بين الأسرة ودور الحضانة للدكتورة فوزية دياب، دار الشباب للطباعة. 36. وسائل الاتصال نشأتها وتطورها لخليل صابات، مكتبة الأنجلو المصرية، عام 1982م. ________________________________________ (*) أستاذ الثقافة الإسلامية المشارك بكلية التربية، جامعة الملك فيصل ـ الأحساءـ المملكة العربية السعودية. (1) لسان العرب لابن منظور 2681/4، والقاموس للفيروز آبادي 7/4. (2) سورة الحج، الآية 5. (3) سورة الحج، الآية 5. (4) الطفل بين الوراثة والتربية لمحمد تقي فلسفي تعريب فاضل الحسيني 201/1. (5) بحث الطفل السعودي بين الواقع والمنشود بقلم أسماء محمد، 483. (6) متفق عليه، رواه البخاري في الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات، رقم 1293-1292، ومسلم في القدر، باب كل مولود يولد على الفطرة، رقم 2658. (7) بحث الطفل السعودي بين الواقع والمنشود بقلم أسماء محمد، 483. (8) نمو الطفل وتنشئته بين الأسرة ودور الحضانة، الدكتورة فوزية دياب 17-14. (9) الاتجاهات الجديدة في ثقافة الأطفال، محاضرة أدب الأطفال ومراحل النمو، لصبيحة فارس، 77. (10) الطفل بين الوراثة والبيئة، محمد تقي فلسفي، 81/2. (11) لسان العرب، ابن منظور، 1386/2. (12) القاموس المحيط، الفيروز آبادي، 155/4. (13) لسان العرب، ابن منظور، 3084/4. (14) المفردات، الراغب الأصفهاني، 343. (15) ثقافة الطفل المسلم، مفهومها وأسس بنائها للباحث، 167. (16) الإعلام والاتصال بالجماهير، الدكتور إبراهيم إمام، 11، والإعلام له تاريخه ومذاهبه للدكتور عبد اللطيف حمزة، 33، والإعلام في ضوء الإسلام للدكتور عمارة نجيب، 17. (17) الإعلام موقف للدكتور محمود محمد سفر، 24. (18) وسائل الاتصال، نشأتها وتطورها لخليل صابات، 5. (19) أبناؤنا بين وسائل الإعلام وأخلاق الإسلام، منى حداد يكن، 15-13. (20) الإعلام موقف، الدكتور محمود محمد سفر، 13. (21) ثقافة الطفل المسلم مفهومها وأسس بنائها للباحث، 5. (22) مسؤولية الإعلام في تأكيد الهوية الثقافية للدكتور ساعد العرابي الحارثي، 4. (23) سورة الأحزاب، الآيتان 45ـ 46. (24) سورة المائدة، الآية 92. (25) سورة آل عمران، الآية 104. (26) الإعلام وأثره في نشر القيم الإسلامية وحمايتها للدكتور محمد إبراهيم نصر، 18-10. (27) أبناؤنا بين وسائل الإعلام وأخلاق الإسلام، منى حداد يكن، 22. (28) مسؤولية الإعلام في تأكيد الهوية الثقافية، الدكتور ساعد العرابي الحارثي، 13. (29) مقال : الاهتمام بالطفل السعودي، مطلب ملح، محمد الحضيف، جريدة الرياض، 1403/7/13 هـ، عدد 5428. (30) الإعلام موقف، الدكتور محمود محمد سفر، 53. (31) رواه مسلم في المقدمة، باب النهي عن الحديث بكل ما سمع، رقم 5. (32) سورة البقرة، الآية 83. (33) في ضوء القرآن والسنة، الدكتور التهامي نقرة، 279. (34) ثقافة الطفل المسلم، مفهومها وأسس بنائها للباحث، 139. (35) الإعلام موقف، الدكتور محمود محمد سفر، 68. (36) أبناؤنا بين وسائل الإعلام وأخلاق الإسلام، منى حداد يكن، 50. (37) الأطفال والإدمان التلفزيوني، ترجمة عبد الفتاح الصبحي، 15. (38) بحث دور التلفزيون كمؤسسة تعليمية وتربوية في بعض بلاد العالم، الدكتور محمد علي الأسود، مجلة كلية العلوم الاجتماعية، العدد السادس، 444. (39) أطفالنا بحاجة إلى تربية إعلامية جديدة، الدكتور مصطفى رجب، مجلة الخفجي، عدد ديسمبر، عام 1995م. (40) بحث الطفل السعودي بين الواقع والمنشود، أسماء محمد عبد الوهاب، مجلة كلية العلوم الاجتماعية، العدد السادس، 476. (41) مقالة : أطفالنا والفضائيات، نهاد الكيلاني، مجلة المجتمع، عدد 1353، تاريخ 1420/2/24 هـ. (42) وسائل الاتصال نشأتها وتطورها، خليل صابات، 289. (43) مقالة : البث التلفزيوني الفضائي ومسؤولية الحرية، الاختيار لحسن عبد الله الخليل/ 6، مجلة الحرس الوطني عدد شوال عام 1418 هـ. (44) مقالة : تحصين الأطفال ضد مفاسد الإنترنت. للدكتور محمد زايد يوسف، 27. جريدة عكاظ، عدد 12266، 1420/12/21هـ. (45) مقالة الأطفال والشاشة الصغيرة لأحمد أبو الذهب محمود، 54، مجلة الخفجي، عدد نوفمبر، عام 1995م. (46) تحفة المودود بأحكام المولود، 242. (47) تحفة المودود في أحكام المولود، 240. (48) التخطيط التلفازي في دول الخليج لسعد لبيب، 21، راجع مقالة : أطفال بحاجة إلى تربية إعلامية جديدة للدكتور مصطفى رجب، عدد ديسمبر عام 1995م، ص 48، 49. (49) دور التلفزيون كمؤسسة تعليمية للدكتور محمد علي الأسود، 446، مجلة كلية العلوم الاجتماعية، جامعة الإمام محمد بن سعود، العدد السادس. (50) لمحات في الثقافة الإسلامية لعمر عودة الخطيب، 13. (51) مسؤولية الإعلام في تأكيد الهوية الثقافية للدكتور ساعد العرابي الحارثي، 28. (52) مسؤولية الإعلام في تأكيد الهوية الثقافية للدكتور ساعد العرابي الحارثي، 28. (53) الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر للدكتور محمد محمد حسين، 217/2. (54) مقالة : أطفالنا والفضائيات لنهاد يكن، مجلة المجتمع، العدد 1353، تاريخ 1420/2/24هـ. (55) أبناؤنا بين وسائل الإعلام وأخلاق الإسلام لمنى حداد يكن، 30. (56) مقالة : أطفالنا والفضائيات لنهاد يكن، مجلة المجتمع، العدد 1353، تاريخ 1420/2/24هـ. (57) مسؤولية الإعلام في تأكيد الهوية الثقافية للدكتور ساعد العرابي الحارثي، 16. (58) الإعلام المعاصر لفائق فهيم، 280. (59) مسؤولية الإعلام في تأكيد الهوية الثقافية للدكتور ساعد العرابي الحارثي، 16. (60) مقالة : البث التلفزيوني الفضائي ومسؤولية الحرية والاختيار لحسن عبد الله الخليل7، مجلة الحرس الوطني، عدد شوال 1418 هـ. (61) مقالة : أطفالنا بحاجة إلى تربية إعلامية جديدة للدكتور مصطفى رجب، مجلة الخفجي، عدد ديسمبر 1995م، 49-48. (62) مقالة : الفضائيات .. وفن الهامبورجر لسعيد مصلح القحطاني، جريدة اليوم، 1418/9/12 هـ. (63) مقالة : أطفالنا والفضائيات لنهاد الكيلاني، مجلة المجتمع، العدد 1353، تاريخ 1420/2/24 هـ. (64) مـقابـلـة مع الدكـتـور عبده يـمـانـي وزيـر الإعـلام السـعودي السابق، مجلة المجتمع، العدد 1338، تاريخ 1420/10/30 هـ. (65) مقالة : أزمة مضمون لعبد الستار أبو حسين، مجلة الأسرة، عدد 50، جمادى الأولى، عام 1418 هــ/32. (66) الإعلام ... مفاهيم للدكتور علي بن محمد النجعي، 129. (67) توصيات المؤتمرات التعليمية الأربع، إعداد المركز العالمي للتعليم الإسلامي بمكة المكرمة، 20. قضايا الطفل من منظور إسلامي أعمال الـندوة الـدولية التي عقدتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ بالتعاون مع جمعية الدعوة الإسلامية العالمية والمعهد العالمي للفكر الإسلامي الرباط في الفترة من 29 أكتوبر إلى1 نوفمبر 2002 منشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ـ إيسيسكو ـ 1427هـ/ 2006م |
أطبع
الدراسة |
أرسل الدراسة لصديق
|
|