|
التعلق المرضي |
القراء :
5788 |
التعلق المرضي - التعلــق الســوي
ما هو التعلــق الســوي : إذا رجعنا إلى الأصل اللغوي للكلمة فسيدلنا على المعنى الذي نقصده . أصل التعلق في اللغة من مادة " عَلِقَ " ، يقال : علق به : أي نشب به . وكأنما قصدوا بقولهم تعلق : نشوب الحب بقلب المحب حتى لا يكاد يفارقه . والتعلق خاصية إنسانية ، بل خاصية حيوانية ، تبدأ مع الحيوان منذ ولادته . ويرى بولبي - وهو من أكثر العلماء الذين اهتموا بدراسة التعلق بين الطفل والأم - أن دافع التعلق دافع أساسي كدوافع الجوع والعطش والجنس ، فعلاقة الطفل بأمه ضرورية لنموه كضرورة الغذاء والشراب . وقد أجرى لورنز دراساته على الطيور فتوصل إلى أنه يمكن ملاحظة ميل قوي عند صغار البط والأوز إلى اتباع أي شيء يتحرك في مجالهم البصري . وهو ما يسمى " الانطباع imprinting " ، والذي يعني : السياق الذي يحدد عملية التفضيل الاجتماعية لتشمل فقط مجموعة معينة دون غيرها من الأفراد أو الأشياء. ويبدأ التعلق مع الإنسان من بداية نشأته ، فهو ملتصقٌ بأمه - وهي أول مواضيع تعلقه - ، مقترنٌ عالمُه بعالَمِها ، كلما ابتعَدَت عنه بكى يطلبُها ، فإذا عادت إليه عادت دنياهُ من جديد !! ثم يحبو في مدارجِ النُّمو فيتعلقُ بأبيه ، ويرى فيه صورةَ القادرِ الذي يُعَوِّض عجزَه ، والمالكِ الذي يسد ثغرةَ فقرِه ، والمثالِ الذي يسعى إلى أن يصوغ نفسه وِفقَ رؤيته . ثم ينفك عنه الإِسَارُ ، ويخرج من بيت الأسرة إلى فضاء المدرسة ، فيتعلق بكثيرٍ من أقرانه أو أساتذته ، ويرى فيهم نماذجَ لما يُحِبُّ أن يكون عليه ، أو موضوعاتٍ تمنحُه اللذة . ثم تأتي المراهقة بعواصفها ، فتتناثر عليه التَعَلُّقَات من كل حدب وصوب . إذن .. فهناك تعلق سوي ، يعتبر دافعاً أساسياً لنمو الإنسان ، وبدونه يتشوه بناؤه النفسي ، وهو الذي يظهر في علاقة الطفل بأمه ، ثم أبيه ، ثم إخوته وأصدقائه ، وبدلاء الأم ، وبدلاء الأب . التعلق المرضي : هو : الميل المبالغ فيه إلى موضوع من الموضوعات ، بحيث يفقد المتعلِّق استقلاليته ، ويتبع المتعلَّق به تبعيةً كاملةً ، وكأنما تذوب شخصيته عنده . ويمكن أن يكون التعلق المرضي : o بين الذكر والأنثى . o بين الذكر والذكر . o بين الأنثى والأنثى . o ويمكن أن يكون المتعلقان في مراحل عمرية متقاربة أو متباعدة . والأصل في الصداقة : شدة التشابه ، والمشاكلة في الطباع ، والتقارب في الأفكار والعادات . وقد حث الدين والعقل والعلم على " الصداقة " باعتبارها مطلباً هاماً من مطالب النمو الإنساني . حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله : ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه". وبلغ من عناية النبي صلى الله عليه وسلم بالمتحابين في الله ، أنه أُتِيَ يومَ أُحُدٍ بعبد الله بن عمرو بن حرام وعمرو بن الجموح قتيلين ، فقال : ادفنوهما في قبر واحد ، فإنهما كانا متصافيين في الدنيا ". وكأنما أراد أن يجمعهما في الآخرة .. كما اجتمعا في الدنيا .
وجاء رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : متى الساعة؟ قال : ما أعددت لها ؟ قال : ما أعددت لها كثير صيام ولا صلاة ، إلا أني أحب الله ورسوله . قال صلى الله عليه وسلم : المرء مع من أحب . وحث الإسلام على الحب بين الرجل والمرأة إذا كان مقدمة زواج أو سبيلاً إليه ، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " حبب إليَّ من دنياكم النساء والطيب ، وجعلت قرة عيني في الصلاة " . وينصح من أراد الزواج أن ينظر في المرأة إلى ما يرغبه فيها ، فيقول : انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما . ويقول : لم يُرَ للمتحابين مثل الزواج . فالصداقة السوية ، والحب السوي .. ليس فيهما حرج في الدين أو العقل . غير أن الصداقة تتجاوز أحياناً حدَّها المعتاد لها ، فتنتقل إلى شيء آخر له خصائص أخرى . والحب يتجاوز حده المعقول .. فينتقل إلى تعلق مرضي سلبي بالمحبوب . الفرق بين الصداقة والحب : ما هي الصداقة السوية .. وما الصداقة المرضية ، بين أبناء الجنس الواحد ؟ يُعَرِّف إنلجش وإنجلش الصداقة بأنها : علاقة بين شخصين أو أكثر ، تتسم بالجاذبية المتبادلة ، المصحوبة بمشاعر وجدانية تخلو عامةً من الرغبة الجنسية. ويُفَرِّق دافيز بين الصداقة والحب فيقول : إن الحب صداقة ، ولكنه يزيد عليها بمجموعتين من الخصائص وهما : الشغف Passion والعناية caring ولذا فالحب عنده علاقة أوفر إثابة ، ولكنها أقل استقراراً . الخصائص المشتركة بين الحب والصداقة : o الاستمتاع برفقة الطرف الآخر . o تقبل الطرف الآخر كما هو . o الثقة في حرص كل طرف على الطرف الآخر . o احترام الصديق أو الحبيب والثقة في حسن تصرفه . o فهم شخصية الطرف الآخر ودوافع سلوكه وتفضيلاته . o التلقائية وشعور كل طرف بأنه على طبيعته مع وجود الآخر . o الإفصاح عن الخبرات والمشاعر الشخصية . ما يتميز به الحب عن الصداقة : أ- مجموعة الشغف ؛ وتشمل ثلاث خصائص ، هي : 1- الافتتان fascination: ميل المحب إلى الانتباه إلى المحبوب ، والانشغال الدائم به ، والرغبة في إدامة النظر إليه ، والبقاء بجواره . 2- التفرد exclusiveness : تميز علاقة الحب عن سائر العلاقات الأخرى ، والرغبة في الالتزام والإخلاص للمحبوب ، مع الامتناع عن إقامة علاقة مماثلة مع طرف آخر . 3- الرغبة الجنسية : رغبة المحب في القرب البدني من المحبوب ولمسه ومداعبته ، وفي معظم الأحيان يتم ضبط تلك الرغبة لاعتبارات أخلاقية ودينية . ب- مجموعة العناية ؛ وتحوي خاصيتين هما : 1- تقديم المحب أقصى ما يمكن إلى المحبوب ، حتى لو بلغ حد التضحية بالنفس . 2- الدفاع والمناصرة عن مصالح المحبوب . صور التعلق المرضي : للتعلق المرضي صور متعددة ، منها : 1- تعلق المستاويين سناً وجنساً : ( الشاب بالشاب ، والفتاة بالفتاة ) ، ويبدأ في صورة صداقة وإعجاب ، ثم يمتد إلى الشغف والعشق ، ويمكن أن يؤدي بهم إلى الجنسية المثلية . 2- تعلق الصغير بالكبير ، ويبدأ بالتقدير والتبجيل ، ثم يتجاوز الأمر حدَّه إلى التبعية المطلقة ، والشعور بفقدان القيمة إن ابتعد عن دائرة تأثيره ، وقد نعى الله تعالى على الكفار قولهم " هذا ما وجدنا عليه آباءنا " لأن تقديسهم لآبائهم منعهم من رؤية الحق واتباعه ، ولامهم على منحهم أشياخهم وعلماءهم صفاتٍ ليست من حقهم فقال تعالى : " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله " . 3- تعلق الكبير بالصغير : وهو يخفي شغفاً وجنسية مثلية كامنة أو ظاهرة . 4- التعلق بين الجنسين : والصورة السوية منه " الحب المؤدي إلى الزواج " ، وضابطه : ارتقاء كل طرف من خلال علاقته بالطرف الآخر . ويمكن أن يكون هناك تعلق مرضي داخل علاقة الزواج نفسه ، وذلك حين يشعر أي طرف بتبعيته الكاملة للطرف الآخر ، وأنه لا شيء بدونه ، وظهرت عليه مظاهر التعلق المرضي . مظاهر التعلق المرضي : للتعلق المرضي مظاهر معرفية ، وأخرى سلوكية ، وأهمها : o هيمنة المتعلق به على تفكيره فهو منشغل به على الدوام ، قال مجنون ليلى: أراني إذا صليت يممت نحوها بوجهي وإن كان المصلى ورائيا وما بي إشراك ولكن حبهــا كعود الشجا أعيا الطبيب المداويا o انسحاب طاقته العملية إلى الداخل لانشغالها بالتفكير في المتعلق به ، قال جميل بثينة : يقولون جاهد يا جميل بغزوة وأيَّ جهادٍ غيرهن أريد !! لكل حديث عندهن بشاشـة وكل قتيل بينهن شهيد !! o إدمان النظر إلى المحبوب ، وتقديم رؤيته على كل شيء . فإذا أعياه ذلك تمنى المحال حتى يراه ، وربما بالغ بعضهم في طلب وصال من تعلق به ، حتى لقد قال أحدهم : تمنيتُ القيامةَ ليسَ إلا لألقَى من أحبُّ على الصراطِ فإذا أعياه لقاءُ من يُحب .. فعل كما فعل مجنون ليلى : أُقلِّبُ طرفِي في السماءِ لعلَّه يوافقُ طرفِي طرفَها حين تنظرُ o السعي الدائب للقرب منه . o ارتهان سعادته وسروره بالمحبوب ، قال جميل : وأنت التي إن شئت كدرت عيشتي وإن شئت بَعدَ اللهِ أنعمتِ باليا o موافقته في كل ما يقول وإن كان محالاً ، قال خليفة الأسدي : فلو قلتِ : طأ في النار ، أعلم أنه هوىً لك أو مدنٍ لنا من وصالكِ لقدمت رجلي نحوها فوطِئتُها هُدىً منكِ لي أوهفوةً من ضلالك o الاضطراب عند رؤيته فجأة ، قال مجنون ليلى : فما هو إلا أن رآها فُجَاءةً فأُبهِتَ حتى ما يكاد يجيب o تعمد لمسه والاقتراب الجسدي منه . o الرغبة الدائمة في ذكره والحديث عنه وتتبع أخباره . o محاولة إظهار النفس أمامه في أجمل صورة ، حتى ولو كان ذلك على غير طبيعتها ( فالبخيل يكرم ، والجبان يشجع .. ) . o ظهور بعض الأعراض الاكتئابية : من حزن وبكاء عند فقدان المتعلق به ، وانسحابية من الحياة الاجتماعية ، وخمول ، وهزال جسدي . ومن الطريف أن كتب الحب تجعل من الأعراض الاكتئابية علامة من علامات الحب الصادق (!!!) ، ومن ذلك قول بعضهم : ولما شكوت الحب قالت كذبتني فما لي أرى الأعضاء منك كواسيا فلا حب حتى يلصق الجلد بالحشا وتخرس حتى لا تجيب المناديا ( ومعنى " فما لي أرى الأعضاء منك كواسيا : أنها مكسوة باللحم ، لم يصبها الهزال والنحول ، دلالة على شدة سقمه ) . آلية التعلق المرضي : يمكن أن نستخدم الآلية الإدمانية في تفسير سلوك التعلق المرضي . فالإدمان يُطلَق في الأصل على : سوء اسخدام مواد أو عقاقير معينة. غير أن آلية الإدمان المتمثلة في الاعتماد على الشيء ، ثم زيادة قدر الجرعة لكي يحصل الإنسان على ما كان يحصل عليه من المتعة سابقاً ، ووجود أعراض معرفية وانفعالية وسلوكية لمحاولة تركه . هذه الآلية يمكن أن تحدث مع كثير من الظواهر التي يتعلق بها الإنسان فيصل إلى " الحدِّ الإدماني " له . والإدمان في صميمه ضد الاستقلال الذاتي ، إذ يشعر المدمن أنه مستعبد لما يدمنه ، ويشعر أن إرادته الحرة واستقلاله الذاتي مرهونان فيما يدمنه . وإذا طبقنا الآلية الإدمانية على سلوك التعلق المرضي سنرى أن : مبادئ العشق والتعلق المرضي وأسبابه اختيارية ، فإذا أتى الإنسان بالأسباب ترتبت عليها النتائج بغير اختيار .. كما قال الشاعر : تولَّع بالعشق حتى عشِق فلما استقلَّ به لم يُطِق رأى لُجَّةً ظنها موجةً فلما تمكن منها غَرِق تمنى الإقالةَ من ذنبه فلم يستطِعها ولم يستَطِق وهذا بمنزلة السكر من شرب الخمر ، فإن شرب الخمر اختياري ، وما يتولد عنها من السكر اضطراري . والإدمان يتميز بالاعتماد ، والتحمل ، والانحسابية . وفي التعلق المرضي " اعتماد " على المتعلق به كما يعتمد المتعاطي على العقار ، فيصبح هو مدار حياته وغاية أفعاله . وفيه " تحمل " .. فالمتعلق يبدأ بجلسات قليلة مع محبوبه يدرك فيها لذته ، ثم يتصاعد الوقت ، وتتزايد الأفعال المطلوبة لكي يدرك نفس ما كان يدركه من لذة . أما الانسحابية فتظهر جلية في لحظات الفراق ، فيعاني المحب من فقدان المعنى في حياته ، والفراغ المطلق ، ويشعر أن كل ما كان فيه وهم لأنه فقد مركز الدائرة الذي كان يدور حوله . أسباب التعلق المرضي : 1- الحرمان العاطفي في الأسرة : سواء كان بسبب خلافات أسرية ، أو مخطوطات معرفية خاطئة تمنع الآباء من إظهار عواطفهم لأبنائهم . 2- التأثر بالنموذج : والنماذج التي يمكن أن يتأثر بها الإنسان متعددة ، ومنها : o نماذج أسرية : الأب ، الأم ، الأخوات ، الإخوة ، الأعمام ، العمات ، الأخوال ، الخالات . o نماذج الرفاق في الحي أو المدرسة أو العمل . o نماذج إعلامية : في الأفلام أو المسلسلات أو البرامج أو الأغاني ( الفيديو كليب) . o نماذج مقروءة : القصص والروايات . 3- ضعف الثقة بالنفس ، والبحث عن شخصية يتوحد فيها لكي يشعر بشي من القوة . 4- ضعف الصلة بالله جل وعلا : والأصل في ذلك قوله تعالى " ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله ، والذي آمنوا أشد حباً لله " والإمام ابن تيمية رحمه الله يقرر قاعدة متميزة في ذلك فيقول في كتاب " العبودية " : من لم يكن عبداً لله كان عبداً لهواه ، شاء أم أبى . 5- وفرة التعزيز في العلاقة : فإذا كان الفرد يشعر بالحرمان ، ثم يجد لذة بالغة في تعلقه المرضي ، فستكون هذه اللذة دافعاً لاستمرار العلاقة . 6- اضطراب الشخصية : هناك اضطرابات خاصة في الشخصية يمكن أن تؤدي إلى التعلق المرضي ؛ فالشخصية الاعتمادية : بطبعها تبحث عمن يسيرها ، وتدور حوله ، وكثير من التعلقات المرضية تنشأ بسبب اعتمادية كامنة . وكذلك اضطراب الشخصية الحدية عند المتعلق ، واضطراب الشخصية النرجسية عند المتعلق به . 7- أسباب اجتماعية : أهمها : o ضعف رقابة الأسرة على الأبناء . o وفرة وسائل الاتصال دون ضابط أو موجه ( الجوال والإنترنت والهاتف ) . o تيسر المواصلات ( السائق ) . o الاختلاط في العلاقات الاجتماعية أو في الدراسة أو العمل ( وذلك في التعلق بين الجنسين ) . o ضعف العقوبة الرادعة عن الفعل سواء على مستوى الأسرة أو الدولة . آثار التعلق المرضي : يترك التعلق المرضي آثاره على حياة المتعلق بكاملها ، ومن أهم آثاره : o انخفاض مستوى التحصيل العلمي . o اضطراب العمل وضعف الفاعلية فيه . o فشل الحياة الزوجية : وذلك على أكثر من صورة ، فيمكن أن يكون التعلق قبل الزواج أو بعده ، ويكون من نفس الجنس أو الجنس الآخر : o فإذا كان المتعلق به من نفس الجنس شغل المتعلق عن زوجه وأسرته ، وأصبحت لذته دائرة حوله . o وإذا كان من جنس آخر واشتد تعلقه به ، فإما أن يتم زواجه به أو لا يتم ، وإذا تم الزواج بعد تعلق شديد ، فيمكن أن يفشل ، لأن التعلق الشديد يرفع مستوى التوقعات ، وتكون توقعات كل طرفٍ من الآخر توقعات خيالية مثالية .. فإذا نزلوا إلى عالم الواقع بالزواج لم يجدوا فيه ما تخيلوه ، وكان ذلك سبباً في كثير من المشاكل الزوجية ، والشعور بأن الطرف الآخر كان يمنحه الكثير في فترة الحب قبل الزواج .. وهذا غير صحيح ، لأن الحرمان هو الذي كان يزيد العلاقة اتقاداً . o أما إذا تعلق الإنسان بمحبوب ثم تزوج غيره ، فيمكن أن يكون ذلك سبباً في كثير من الخلافات بينه وبين من اقترن به ، لأنه يقارن على الدوام بينه وبين محبوبه السابق ، وهي مقارنة خاطئة ، لأنه يقارن بين علاقة زواج واقعية وعلاقة حب خيالية يؤججها "الحرمان" ، ويزيد من مثاليتها " الفقدان " . o الخيانة الزوجية : إذا زاد التعلق المرضي فيمكن أن يؤدي بالمتعلق - مع ضعف الدين - إلى الخيانة الزوجية . o البعد عن الله تعالى والانشغال عن طاعته بحقير الأعمال . علاج المبتلى بالتعلق المرضي للتعلق المرضي عوامل روحية ومعرفية وسلوكية ، ولهذا فينبغي أن يكون علاجه على مستوياته : الروحية ، والمعرفية ، والسلوكية . وإذا كان السبب المهيئ للتعلق المرضي هو : الفراغ العاطفي ، وأهم نتائجه : دوران معنى الحياة حول المتعلق به ، فيمكن أن يكون العلاج فيما يلي : العـــلاج الروحي : التوحيد والشرك : من الأسباب الرئيسية للتعلق المرضي ، نقص الحساسية لمفهومي " العبودية والتوحيد " ، فقد قال سبحانه " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ، وأضله الله على علم ، وختم على سمعه وقلبه " . فجعل الهوى إلها ، وقال صلى الله عليه وسلم : " تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميلة ، تعس عبد الخميصة ، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش " فجعل كل زيادةٍ في التعلق بهذه الأشياء عبوديةً لها . وإذا توجه قلب العبد إلى الله تعالى شغله ذلك عن كل ما دونه ، قال الشاعر : جزى الله عنِّي زاجرََ الشيبِ خيرََ ما جزى ناصحاً فازت يداي بخيره أَلِفتُ طريقَ الحُبِّ حتى إذا نهَــى تعوَّضتُ حبَّ اللهِ عن حُبِّ غيرِه الخوف والرجاء والمحبة : مدار أعمال القلب عند المؤمن على " الخوف ، والرجاء ، يتوسطهما المحبة " فخوف الله يحجز عن معصيته ، ورجاء الله يقبل بالقلب على طاعته ، وحب الله يشغل العبد عن التعلق بغيره . كثرة ذكر الله تعالى : قرر علم النفس المعرفي أن ما يكثر الإنسان من ذكره يترسخ في أعماقه باعتباره معتقدات صلبة ، وإذا أكثر العبد من ذكر الله تعالى أصبحت مراقبة الله عز وجل نواة أصيلة لشخصيته ، وإذا اعتاد العبد على ذكر الله كان ذلك حياطة لقلبه حتى لا يدخل عليه هوى فيفسده . كثرة الصلاة : فبها يزداد قرب العبد من الله ، وتُستَنزَلُ رحمته . العلاج المعرفي : 1- النظر إلى التعلق باعتباره عاطفة بشرية : إذا ضخَّم المتعلق مشكلته فلن يحلها ، ولكن .. إذا نظر إلى التعلق باعتباره طبيعة بشرية ، أصلها سوي ، غير أنه يطرأ عليها ما يتجاوز بها عن موضوعها الأصلي إلى مواضيع بديلة ، وما يزيد من حدتها لتتجاوز الحد الطبيعي ، أمكنه أن يفكر في الحلول . 2- البحث عن الأسباب : لماذا أنا متعلق بـ ..... ، يبحث عن الأسباب الخاصة به التي تدفعه إلى التعلق ، كالفراغ العاطفي ، التقليد ، البحث عن موضوع للحب ... إلخ . وفائدة معرفة الأسباب أن يسعى الإنسان إلى معالجتها بأساليب صحيحة لتكون بديلاً عن الأساليب الخاطئة . 3- التفكير في النهايات : كل بداية لذيذة ممتعة ، لأنها تكون بداية ممتلئة بالرغبة ، محلِّقَةً في الآمال ، غير أن النهايات هي التي تحدد قيمة كل شيء . وبداية العلاقة الغرامية ممتعة ، ولكن نهايتها مهينة . وقد قال أبو الطيب : لو فكر العاشق في منتهى حسن الذي يسبيه لم يسبه . وقال أبو العلاء المعري : ألا من يريني غايتي قبل مذهبي ومن أين ؟ والغايات بعد المذاهب . ( يعني : من ذا الذي يريني غاية طريقي قبل أن أسير فيه . وكيف يحدث ذلك وغاية الطريق لا تظهر إلا بعد السير فيه ) . 4- التفكير في نقائص الطرف الآخر : لأن التعلق يعتمد على إلباس الطرف الآخر ما ليس فيه من المحاسن ، ونفي ما هو فيه من المساوئ ، فإذا أمعن الإنسان الفكر في النقائص البشرية للمحبوب ، أمكنه أن يخرج من إسار سحره . 5- التقليل من التعميم المفرط : في التعلق لا تستخدم الألفاظ بالصورة الدقيقة ، فحبيبي (أفضل مخلوق على وجه الأرض) ، وحبيبتي ( أجمل النساء .. وأنبلهن) ، واستخدام اللغة بهذه الصورة المفرطة في التعميم سيضلل المتعلق ، بينما إذا وضعت الصورة في إطارها الصحيح واستخدمت لها الألفاظ المناسبة أمكن الوصول إلى حل (حبيبتي إنسانة جميلة .. ولكن .. لابد أن يكون هناك من هي أجمل منها) (حبيبي له حسنات .. وله سيئات) .. واستخدام التعميم المفرط أساس في كثير من الأفكار اللاعقلانية ، والتفكير في الأشياء بألفاظ محددة أقرب إلى وصف الواقع مرحلة أولى لحلها . 6- التفكير والبحث عن بدائل : المتعلق يجعل محبوبه مركز كل شيء ، ويصب عليه طاقة كانت ينبغي أن توزع على موضوعات كثيرة ، والطاقة إذا لم يكن لها إلا مسرب واحدٌ تشبثت به ، فإن تعددت مصارفها قلَّ ضغطها على مسربها القديم. وذلك - على مستوى معرفي - من خلال : البحث عن احتمالات أخرى توجه الطاقة فيها . وعلى مستوى سلوكي : البدء في العمل الفعلي لاستثمار هذه البدائل .
العلاج السلوكي : بعد جلسات التأمل التي يقضيها المتعلق في مراجعة أفكاره ومعتقداته ، أو جلسات المناصحة والاستشارة التي يحاول فيها مع بعض أصدقائه العقلاء ترتيب أفكاره ، يأتي دور السلوكيات التي تساعد في علاج التعلق المرضي . o المصارحة في العلاقة بين الوالدين والأبناء : كثيراً ما يكون التعلق هرباً من الأرض الجرداء من العواطف التي أُشبِع بها البيت ، وبحثاً عن قنوات أخرى للتواصل غير قنوات الوالدين المغلقة ، واعتماد مبدأ المصارحة بين الابن ووالديه ( أو أحدهما ) يقلل من حرمانه ، ويكون قناة فعالة للتواصل وحل المشكلات . o إرضاء الأهل مطالب تقدير الذات عند أبنائهم: يضن كثير من الآباء على أبنائه بالمديح على أفعاله الإيجابية ، ويجد الابن هذا التقدير له في علاقة التعلق ، فينجرف إليها باعتبارها صورة من صور تقديره لذاته ، وإذا أشبعت حاجة " تقدير الذات " بصورة سوية لم تلجأ إلى الصور المرضية . o حل النزاعات والمشاكل الأسرية : الأسرة المضطربة مرتع خصب للمشاكل والاضطرابات الانفعالية ، ويكون التعلق المرضي مهرباً لابن هذه الأسرة ، وفي حل النزاعات الأسرية ، وإضفاء جو المودة بين أفراد البيت إشباع للرغبة في الحب . o سد المنافذ المهيجة عليه : لأن التعرض لها يقوي من حدة التعلق ، كالقنوات الفاضحة ، الأسواق المختلطة ، الروايات المهيجة ... إلخ . o التقليل من الاختلاط بالجنس الآخر أو رفقاء السوء : بين الجنسين ، أو رفقاء السوء من نفس الجنس . o الزواج : هو العلاج الأساسي لاضطرابات التعلق ، سواء ما كانت مرتبطة بالجنس الآخر أو الجنس نفسه . لأن اضطرابات التعلق المثلي مبنية على غريزة لم تشبع أنتجبت أخيولات خاطئة ، وأدت إلى أفعال سلوكية مرضية . o تفريغ الطاقة في الهوايات المحببة ، وإن لم يكن فخلق هوايات جديدة . o غض البصر وكف الذهن عن التفكير في المتعلق به : ورغم مشقة ذلك في البداية إلا أنه آلية رئيسية ، فلا يمكن علاج التعلق مع إدامة النظر إليه والتفكير فيه .
كيف تعالج المعلمة موقف علاقة إعجاب متبادل ؟ 1. حددي الدرجة التي وصلت إليها العلاقة . 2. ابحثي وراء الطرفين لتعرفي أسباب تعلق كل واحدة بالأخرى . 3. تعرفي على ما ينقص كل واحدة منهما . 4. عالجي بضد السبب ( وفي هذا سد للأسباب الدافعة إلى الخطأ ) . 5. وجهي كل طرف منهما إلى البدائل . 6. وجهيهما إلى رفاق صالحين . 7. علمي المتعلق بها بعضاً من مهارات توكيد الذات ، لأنه يمكن أن لا تكون لها رغبة في المسايرة ، ولكنها غير قادرة على توكيذ ذاتها أمام رغبة المتعلقة . 8. إن كانت الطالبة متعلقة بك أنت ، فينبغي أن تراعي طبيعة المرحلة واضطراباتها ، وأن تكوني حنونة .. حازمة .
كيف تعالج المتلعق بها (أو به إذا كانت العلاقة بين أبناء الجنس الواحد) الموقف؟ 1. تيقني أن هذه العلاقة زائفة ، وأنها ليست حباً حقيقياً ، وإنما هي دافع غريزي انحرف عن مساره الطبيعي . 2. تيقني أن قيمة ذاتك ستضمحل من خلال هذه العلاقة ولن تزيد . 3. تيقني أن هذه العلاقة ستحول بينك وبين العلاقات الصحية المتميزة الملائمة لك . 4. تيقني من أن آثار هذه العلاقة عليك ستعوقك في مستقبلك إن لم تحسميها . 5. كوني حازمة مع المتعلق بك ، ولا تمنحيه فرصة لذلك . 6. اعتزلي الأماكن التي يمكن أن تتواجدي فيها مع المتعلقة بك .. وإذا اضطررت إلى لقائها فانصرفي عنها . |
أطبع
الدراسة |
أرسل الدراسة لصديق
|
|