فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

إيذاء الأطفال: من الضرب إلى المواقعة الجنسية

الكاتب : د.خالد بن عمر الرديعان

القراء : 10973

إيذاء الأطفال: من الضرب إلى المواقعة الجنسية

 
د.خالد بن عمر الرديعان (أكاديمي سعودي)
 
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن العنف الموجه للأطفال من قبل ذويهم مما يشير إلى تفشي ظاهرة العنف الأسري بدرجة لا يمكن تجاهلها أو السكوت عنها. ولعل قصة الطفلة "غصون" وما تعرضت له من أذى انتهى بموتها تحت التعذيب، ومن ثم تنفيذ حكم القصاص بوالدها وزوجته من الأسباب التي تجعل من الأهمية بمكان القيام بمكاشفة اجتماعية حول قضية العنف الأسري من مختلف جوانبه للوقوف على أسبابه ونتائجه بغية الخروج بحلول علمية تحد من ظاهرة العنف الأسري بشكل عام والعنف الموجه للأطفال على وجه الخصوص.

بداية لابد من الإشارة إلى إن ظاهرة إيذاء الأطفال child abuse تعد أحد أنواع العنف الأسري الشائعة في مجتمعاتنا العربية، وهو عنف تخف حدته وتزداد طبقا لبعض المتغيرات؛ كالمستوى الاقتصادي للأسرة، والمستوى التعليمي للوالدين، وخلفيتهما الثقافية والاجتماعية، ونمط التنشئة الاجتماعية السائد، وما إذا كانت البيئة حضرية أم ريفية، إضافة إلى متغيرات أخرى ما يجعل من الصعوبة بمكان عزو الظاهرة إلى متغير أو سبب واحد. وعموما فأن الثقافات تتباين في تحديد المقصود بإيذاء الطفل فما قد يعد عنفا في مجتمع ما قد لا يعد كذلك في مجتمع آخر. أما الأطفال فيقصد بذلك الأفراد الذين تقل أعمارهم عن ثمانية عشر سنة من الجنسين.
ويقصد "بإيذاء الطفل" كل سلوك يراد منه إيلام الطفل بأي صورة كانت؛ إذ إن للإيذاء عدة صور منها الإيذاء البدني physical كالضرب والاحتجاز وكل ما يسيء إلى الطفل بدنيا بما في ذلك حرمانه من الطعام الذي يؤثر على صحته، ووزنه، ولون بشرته، و حرمانه من النوم، والراحة، والرعاية الصحية. وهناك الإيذاء اللفظي verbal وهو من الأنواع الشائعة جدا في الثقافة العربية؛ كالسب، والشتم، والأهانة، والتوبيخ، والازدراء، واستخدام كلمات قاسية مع الطفل وربما نعته بأوصاف مذله ومهينة حتى وان كان هدف مرتكبه تهذيب الطفل أو تأديبه، مع التسليم أن للتهذيب طرقا أخرى ليس من الضرورة أن تكون عنيفة إذ يمكن استخدام ألفاظا غير عنيفة في التهذيب.
أما أشد أنواع إيذاء الأطفال والتي بدأت تطل برأسها في مجتمعاتنا في السنوات الأخيرة ما يطلق عليه بالعنف الجنسي sexual abuse الذي يتدرج من التحرش الجنسي اللفظي إلى المواقعة الجنسية؛ اغتصابا كانت أو تغريرا بالطفل بأي صورة سواء كان الضحية ذكرا أم أنثى ما يسبب لها أذى بدنيا ونفسيا. ومن أنواع إيذاء الأطفال ما يطلق عليه الإهمال والحرمان deprivation and neglect ويشمل ذلك حرمان الطفل من كل أو بعض حقوقه المشروعة والأساسية كحقه في الغذاء والشراب والكساء مع القدرة على توفيرهم، وحقه في التعليم، والرعاية الصحية، والترفيه، وحرمانه من الحب والحنان. وتجدر الإشارة إلى أن بعض هذه الاحتياجات كالتعليم والترفيه على وجه الخصوص تتباين في أهميتها من مجتمع إلى آخر انطلاقا من تعريفات الفقر النسبي والفقر المطلق.

وليس جديدا القول أن مكانة الطفل في الثقافة العربية متدنية للغاية فهو مخلوق ضعيف، وبحاجة مستمرة إلى رعاية الآخرين؛ ما يجعله في نهاية المطاف ضحية الظروف المحيطة به ما يعني إن درجة تعرضه للإيذاء ترتبط في المقام الأول بمدى وعي المحيطين به بحقوق الطفل، وموقفهم من الطفولة كمرحلة عمرية بشكل عام. وتكمن المفارقة في الثقافة العربية أن الإسلام كان سباقا في حفظ حقوق الطفل والعناية به، إذ إن أول إشارة إلى العناية بالطفل كانت منع الإسلام وتجريمه لوأد البنات (دفنهن أحياء بعد ولادتهن خوفا من العار) وهو السلوك الذي كان يمارسه عرب الجاهلية. وحقيقة فأن تحريم الوأد يعد نقلة نوعية في حماية الطفل من تعسف المحيطين به. ومن يقرأ سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم يذهل لموقفه التقدمي صلى الله عليه وسلم من الطفل فسيرته حافلة بأروع الأمثلة التي تحض على حماية الطفل وعدم إيذاءه والعناية به وتهذيبه بأساليب خلاقه بعيدة عن الغلظة والعنف. وقد ضرب أروع الأمثلة في ذلك مما نجده على سبيل المثال وليس الحصر في تعامله مع الحسن والحسين رضي الله عنهما أبناء ابنته فاطمة الزهراء عليها السلام، وكذلك تعامله مع حفيدته ابنة زينب رضي الله عنها حيث كان يحملها وهو يصلي. ويروى عنه انه كان يحمل الطفل لعامة الناس يقبله ويربت على رأسه ويباركه فيبول الطفل أحيانا وهو حامله ما يوقع أمه في حرج ليهدئ من روعها ومن ثم يأمرها بنضح الماء على الثوب. وقد يجادل البعض انه أمر صلى الله عليه وسلم بضرب الطفل إلا إن ذلك ورد مرة واحدة للتدليل على أهمية الصلاة وذلك في الحديث الشريف "أأمروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع". وقد قيد الفقهاء رحمهم الله الضرب بأن لا يكون مدميا ولا مبرحا ولا على الوجه، وكل ذلك لإيضاح أهمية العناية بالطفل وتهذيبه بطرق تحفظ كرامته ولا تسبب له أذى بدني و نفسي.

أن الأرقام العالمية التي بين أيدينا اليوم مقلقة بل ومخيفة فنسبة مرتفعة من الأطفال يتعرضون للإيذاء بشتى صوره، ففي تقرير هيئة الأمم المتحدة الصادر عام 2006م أشار إلى إن ما بين 133 إلى 275 مليون طفل في العالم يتعرضون للعنف الأسري، وان نحو 53,000 طفلا قد ماتوا قتلا عام 2002م وان ما بين 80 إلى 98% من الأطفال في العالم قد تعرضوا لعقوبة بدنية، وان ثلثهم عانوا من عقوبة بدنية قاسية باستخدام أدوات ضرب غير مشروعة. نفس التقرير أشار إلى إن 150 مليون فتاة و73 مليون فتى على مستوى العالم كانوا ضحايا علاقات جنسية قسرية، أو أنهم دفعوا لممارسة سلوك جنسي غير مشروع. أما عمالة الأطفال وهي مشكلة أخرى فأن 218 مليون طفلا قد دخلوا سوق العمل عام 2000 على سبيل المثال والرقم بازدياد. ويشير التقرير أن زهاء 5.7 مليون طفل قد دفعوا للعمل بعقود قسرية، وان 1.8 مليون فتاة دفعن إلى ممارسة الدعارة وعرض الجسد للتكسب من وراءهن، ونحو 1.2 مليون طفل تم الاتجار بهم وبيـعهم من قبل شبكات متخصصة في تجارة وبيـع الأطفال. وتشير منيرة آل سعود (2005) في دراستها حول إيذاء الطفل أن عدد الأطفال المعاقين بسبب الإيذاء يبلغ نحو 18 ألف طفلا في العالم.

ولسوء الحظ فأنه لا تتوفر في العالم العربي أرقام وإحصاءات دقيقة حول حجم إيذاء الأطفال، إلا إن المؤشرات والتقديرات العالمية تشير إلى ارتفاع أعداد الأطفال الذين يتعرضون للأذى من قبل ذويهم في العالم العربي، علما إن الذين قاموا بالتقديرات جهات خيرية وأكاديمية يمكن وصفها بالنزيهة. ورغم أن كثيرا من الدول العربية قد وقعت اتفاقية حماية الطفل وهي اتفاقية ملزمة؛ إلا إن هناك انتهاك صارخ لبعض بنود الاتفاقية وذلك من واقع ما يتم تسجيله من ممارسات ضد الأطفال، ما يستلزم قيام مؤسسات المجتمع بعمل شيء للحد من ظاهرة إيذاء الأطفال. وقد يكون من المفيد بل والعملي جدا سن قوانين حماية protection تضطلع بها عدة جهات كوزارات الشئون الاجتماعية والأسرة، ووزارات العدل والأجهزة القضائية وكذلك وزارات التربية والتعليم للخروج بصيغ موحدة من القوانين وأساليب تطبيقها ومراقبة عملية التطبيق إذ من دون توفير آليات حماية فاعلة سيكون الوضع كما هو عليه بل ربما أزداد سوء تحت وطأة الظروف الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها أغلب الدول العربية. وقد يكون من المفيد تنشيط مراكز الاستشارات الأسرية، وعمل خطوط تلفونية ساخنة للأطفال ليتمكنوا من الاتصال بالجهات التي تقدم لهم المساعدة اللازمة، لحمايتهم من العنف والإيذاء وخاصة ما يتم داخل الأسرة. يمكن بهذا الصدد تخصيص رقم هاتف من ثلاث خانات سهل الحفظ يتم الإعلان عنه في البرامج التلفزيونية المخصصة للأطفال. ومن الحلول الأخرى أن تقوم المدرسة كمؤسسة تربوية بمد يد المساعدة إلى الطفل الذي يتعرض للإيذاء شريطة توفر المدرسة على أخصائي / أخصائية اجتماعية لتكون المدرسة إحدى جهات الحماية والوقاية. ويظل دور وسائل الأعلام حيويا من خلال تثقيف المجتمع بأهمية حماية الطفل من الإيذاء من خلال التركيز على الجوانب الدينية التي تؤكد على أهمية حماية الطفل، وهي جوانب تتفق عليها جميع الأديان السماوية بلا استثناء.
 

 أطبع المقال أرسل المقال لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6532024 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة