فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

لكي تكون المراهقة آمنة!

الكاتب : ناهد بنت أنور التادفي

القراء : 10337

لكي تكون المراهقة آمنة!

 
ناهد بنت أنور التادفي
 
تزداد ضغوطات الحياة في عالمنا يوماً بعد يوم، ويحاول كل إنسان أن يلجأ إلى منفذ للخلاص من أزمات تتراكم، ويسعى جاهداً للتغلب على شتى الضغوطات النفسية والاقتصادية والإنسانية، ومعروف أنه من الشجاعة عندما نبحث عن حل لمشكلة ما أن نواجهها بجرأة، فنتساءل: ترى من منا لا يشق طريقه بعناء، ويعيش الواقع الصعب بضيق؟ الكل يتوجع ويئن، فهل يمكن أن نجد حلولاً صحية لمواجهة أزمات الحياة؟
لا بد من اللجوء إلى أصحاب الخبرة والدارسين والباحثين القادرين على التعامل مع الظروف المختلفة، وعادة الخبرة ترتبط برحلة العمر التي يعيشها الفرد وسط الأحداث، يواجهها وتواجهه فتكسبه المعرفة والصلابة، وترفده بالأجوبة، حيث يتعلم الإنسان البالغ مع الوقت كيف يتعامل مع المشكلات المختلفة بتوازن، بعيداً عن الانفعال المفرط، فيضع كل مشكلة على محك الفحص، ليلمس إيجابياتها وسلبياتها، ومن هذا التعامل العلمي العقلاني لا بد سيجد طريقة منطقية لحلها، ولكن ماذا عن الشباب في فترة المراهقة؟

هل ترى المراهق يملك القدرة على مواجهة الأزمات بأسلوب الفرد البالغ ذاته الذي أكسبته الحياة خبرة ومعرفة؟
تتميز فترة المراهقة بأنها مرحلة من العمر تأتي بين خروج من مرحلة الطفولة، والانتقال إلى مرحلة البلوغ، مروراً إلى مرحلة الشباب والنضوج، إذن هي مرحلة انتقالية قلقة تنتاب المراهق خلالها تغييرات جسمانية بفعل الهرمونات ونشاطها، وتؤدي إلى تغييرات نفسية، فتنتابه الهواجس، فهو لا ينتمي إلى جيل الطفولة ولا ينتمي بعد لجيل البالغين، ومن هنا يشعر بالاضطراب العاطفي ويبدأ برحلة البحث عن رفيق يكون مرآة له، يمدّه بالثقة، ويؤكد له أهميته ككيان وفرد له قدرة على اتخاذ قرار وبأنه فاعل بشكل ما في المجتمع.
ولذلك تختص فترة المراهقة كفترة رومانسية بعيدة عن واقع الحياة المعاش، وهي بالتالي مرحلة بحث عن الذات المؤسسة الأولى لتشكيل الهوية النفسية النهائية للفرد، وما دام المراهق يمر بفترة انتقالية، وما دام لم يصل أعتاب البلوغ بعد، وما دام يحيا في مجتمع ذي إيقاع سريع يتميز بالصعوبات على اختلافها، فكيف تراه يتعامل مع الظروف الحياتية والبناء النفسي والشخصي، ومع الأزمات على اختلافها؟

يختلف أسلوب التعامل من فرد إلى آخر بناء على درجة وعي كل منهما، وبناء على الخلفية الاجتماعية النفسية، العائلية، الفكرية... التي تحتويه، وللبيئة تأثير كبير على المراهق؛ إذ قد تكون بيئته داعمة وقد تكون هادمة، فالبيئة الداعمة تلك المتمثلة بشكل خاص بالعائلة الصغيرة، انطلاقاً إلى العائلة الكبيرة المتمثلة بأهل الحي، المدرسة، ثم المجتمع بأفراده وتجمعاته.
وهذه البيئة الداعمة لو ملكت أفقاً تربوياً سليماً يمكن أن توفر الحماية النفسية للمراهق، أما البيئة الهادمة فأول ما تؤثر على نفسية المراهق في أنها تحرمه من الشعور بالحماية فيصبح عرضة للسقوط السهل، وأخطر السقطات التي لا تسيء إلى الفرد المراهق وحده، بل إلى أسرته ومجتمعه، حيث يلجأ فاقد الدعم النفسي هذا إلى البحث عن النسيان ليجده سهلاً عن طريق المخدرات.

يعتقد من منطلق جهل وتجاهل وفقدان وعي ومعرفة بأن التخلص من المشكلة (أية مشكلة يتعرض لها) بالهروب منها ومن مواجهتها؛ لأنه لا يملك الأدوات، ويعتقد أنه بذلك يلجأ إلى المنفذ الوحيد المتمثل أمامه بالنسيان (الإدمان) وهو لا يدري ولا يدرك أن مواجهة المشكلة بجرأة، تجعله يهزم مخاوفه وهواجسه ويتغلب عليها، وبالتالي تدفعه ليجد حلاً منطقياً صحياً لها، وعندما يجد ويعتقد أن كل الأبواب مغلقة أمامه، يلجأ للإدمان على مركبات تضعه في موقع لا مبالاة، ولكن إلى حين وحين تصبح بالتكرار إدماناً، ولعل أهم الأسباب هو التأثر بضغط مجموعة أبناء جيله ورفاقه، وهو أخطر أنواع الضغوطات النفسية التي تفرضها مجموعة من الرفاق على الفرد لكي تقدمه بأنه واحد منهم وأنه ليس مختلفاً عنهم، وعليه بالتالي مجاراتهم ليثبت لهم ولنفسه استقلالية قراره، وما نعنيه بأبناء جيله هم أفراد مجموعة الرفاق (الشلة أو الثلة)، وهم أبناء جيل واحد يربطهم اهتمام واحد مثلاً: فريق كرة قدم، فصل دراسي واحد، الحي... إلخ، ولو فرضنا أن بعضهم يتعاطى المخدرات، فسيكون الفرد الذي لا يتعاطى المخدرات بينهم غريباً وشاذاً وسيبدؤون بممارسة الضغط عليه لكي يصبح شبيهاً لهم، وجزءاً من كل، فيدفعونه قسراً لتعاطي المخدرات، حتى إن لم يكن يرغب بذلك.

وما من شك في أن دور الأهل في حياة المراهق له الأهمية القصوى، فعليهم توفير الراحة والهدوء النفسي للمراهق في البيت لكي لا يشعر بحاجة إلى الهرب من الظروف القاهرة، وعلى الأبوين أن يتعاملا أمامه باحترام لكي يتعلم الطفل التعامل باحترام مع الآخرين، وفي حل المشكلات الزوجية يجب أن يتم التفاهم بين الزوج والزوجة بغرفة خاصة بعيداً عن سمع الأبناء الذين يهمهم جداً الوئام في البيت، وأفضل وسيلة لحل المشكلات الزوجية قبل أن تتراكم وتنفجر في نوبات صراخ وزعيق وإهانات يكون لها التأثير السيئ على بقية أفراد العائلة، فعليهما أن يجلسا دورياً على مائدة التفاهم لطرح كل ما في القلب من منغصات وعوائق ومحاولة إيجاد حلول سليمة تكفل بناء جسور المحبة، وبالتالي يكون عليهما أن ينتبها لأسلوب التعامل مع الأبناء وخاصة المراهقين الذين يحتاجون إلى عيون ساهرة ومراقبة واعية وعن كثب.
أما إهمال الأبناء وتركهم للشغالة لتربيتهم أو لأحد أفراد العائلة كالجدين، أو تركهم دون أي رقيب، في الشارع والحي، وفي أماكن اللهو والعبث، فيمكن أن يؤدي إلى شعور المراهق بالانفلات، وهنا يأتي تأثير ضغط مجموعة أبناء الجيل، حيث إن الخواء العاطفي المتمثل من إهمال الأهل الذين يجرون وراء الماديات ويهملون تربية أبنائهم، يدفع المراهق للتمثيل وتقليد رفاقه من أبناء جيله فيقع في المحظور سواء التدخين أو الإدمان أو السرقة أو الإرهاب أو البغاء، لذا على الأهل أن يشعروا المراهق بوجودهم الفعلي في حياته، وبأنهم يتابعون ويراقبون تحركاته شرط عدم التضييق المبالغ فيه، وما أجمل التربية الموجهة المبنية على الحوار والإقناع، أما التربية المسيطرة المبنية على إصدار أوامر غير قابلة للنقاش ولا الحوار وواجبة التنفيذ الأعمى، فهي تربية غير سوية، وهي تؤثر سلباً على مستقبل الفرد في أساليب التعامل مع الغير، ويصبح وكأنه أسلوب متفرد استبدادي يكتسبه كأسلوب حياة ويستخدمه لمواجهة المشكلات الحياتية.

يؤكد العارفون أن أفضل أسلوب لتعامل الأهل مع المراهق هو أسلوب التربية الموجهة والإقناع من خلال الحوار العقلاني، فأنت أيها الأب - مثلاً - حين تسعى لإقناع الآخر بعدم القيام بأمر ما، عليك أنت أولاً ألا تقوم به لكي تكون قدوة له، فمن المستحيل مثلاً أن تدخن وتمنع ابنك من التدخين بحجة أن التدخين مضر، الأفضل أن تكون أنت المثال والقدوة له من خلال تصرفاتك السليمة لكي يتمثل بك، فلو رأيت أنه يميل إلى التدخين، فادعه إلى جلسة إقناع، تحدث معه بهدوء عن حسنات وسيئات التدخين إلى أن يصل بنفسه للنتيجة الحتمية وهي أن التدخين مضر بالصحة، ولو عاد في ساعة متأخرة إلى البيت، فادعه بهدوء لجلسة إقناع، ناقش معه خطورة ما يمكن أن يتعرض له من مخاطر أثناء عودته في جنح الظلام في مجتمع يزداد شراسة يوماً بعد يوم، دعه يشعر بأنك تثق به وبأخلاقه لكنك حريص عليه من سوء بعض الآخرين، لو كنت متضايقاً من الشلة التي يرافقها فادعه لجلسة إقناع، قل له: لو دخلت غرفة فيها نحل، وأنت أنقى الناس، فهل تضمن لنفسك السلامة من لدغة محتملة؟ هكذا هي رفقة رفاق السوء، علينا أن ننتبه لتصرفاتنا، ولرفاقنا، وكما قيل: (قل لي من ترافق.. أقل لك من أنت)، دع ابنك يناقش الأفكار معك، لا تفرض عليه القوانين من سمائك أنت؛ لأنه متى وصل إلى القناعة التامة الكاملة بأمر ما فسيحيا حسب قناعاته، وقبل أن تقع الطامة الكبرى، ويصبح الابن المراهق مدمناً، ولا ندري كيف نتخلص من تلك الورطة الخطيرة، لذا علينا أن ندرك أن الأسرة هي منبت البناء الأساسي وعلينا كأفراد ناضجين أن نكفل لعائلاتنا الصحة النفسية والاجتماعية.
 
جريدة الجزيرة
لجمعة 16 ذو الحجة 1427   العدد  12517

 أطبع المقال أرسل المقال لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6336318 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة