فهرس الموضوعات

حقوق الانسان والطفل

حُقوق الإنْسَان في الاسلام

ميثاق الطفل في الإسلام

اتفاقية حقوق الطفل

أيـــــذاء الـطـفـل

ماهو؟ من؟ لماذا؟ كيف؟

الاعتداء العاطفي

الاعتداء الجسدي

الاعتداء الجنسي

الإعتـداء بالإهـمـال

الإعتداء على الطفل الرضيع

العـنف الاســري

التعريف والتشخيص

مظاهره ومعالجاته

الوقــــايـة

العنـف المـدرسـي

المظاهر، العوامل، العلاج

العقاب البدني واللفظي

العنف في الاعلام

التأثير على الأطفال

إشكالية العنف في الإعلام

وسائل الترفيه للطفل المسلم

الإعاقة والأعتداء

عوامل الخطورة

الاعتداءات الجنسية

التربيه الجنسيه والتعامل الاجتماعي

التربية الجنسية للأطفال والمراهقين ذوي الاحتياجات الخاصة

منوعـــــــــــــــات

قوانين وتشريعات

مطويات ونشرات

مختارات من المكتبات


الدراسات
المكتبة

التحرش الجنسي.. ونظرات في منهج الإسلام

الكاتب : د/كمال المصري

القراء : 11470

التحرش الجنسي.. ونظرات في منهج الإسلام

 
د/كمال المصري  

حينما يتحدث المرء عن التحرش الجنسي بالأطفال، فإنه يتحدث عن أحزانٍ وآلامٍ ونتائج سيئةٍ لبداياتٍ خاطئة.   ويتحدث بالطبع عن أُسَرٍ تصدَّعت، ومجتمعٍ تأثَّر وكاد ينتكس تحت وطأة هذا الأمر. وأطراف المتأثرين بالتحرش الجنسي بالأطفال عديدة: المتحرَّش به.. المتحرِّش.. أسرة المتحرَّش به.. أسرة المتحرِّش.
وتزداد القضية تعقيدًا وإشكالاً حين يكون أطراف المشكلة من الأقارب أو المحارم، لما يلقي ذلك من ظلالٍ كئيبةٍ على كيان الأسرة الكبيرة، والعائلة الممتدة.
وأسباب التحرش كثيرة، منها تجاوز العديد من الأسر للحدود الشرعية، ومنها إهمال الوالدين والمربين، ومنها سوء تربية المتحرِّشين.
كما علينا ألا نغفل دور المجتمع في أن يكون سببًا فيما يصيب أطفالنا من تحرشات عبر ما يقدمه من مثيراتٍ ومرغِّبات، وما يضع من عوائق في الزواج وصعوبات فيه.

معادلة الأمان
وحتى لا تتوه الدروب، وتتعدد الاتجاهات، فنفقد التركيز، ومن ثَمَّ الفائدة المرجوة سأركز على أهم طرفٍ في هذه المعادلة: الوالدَين والمربين، لأنقل إليهم حديثًا في منهجية الإسلام، ونظرات فيه، وما ذاك إلا لأنهم السبب الأول لوقوع التحرش الجنسي بالأطفال، وحائط الصد الأساسي الواقي للأطفال من هذا التحرش، وهم لهم المرتبة الأولى في جدار الوقاية، لا بل المراتب العشر الأولى، وما بعدهم يأتي من بعيدٍ في المراتب الحادية عشرة والثانية عشرة... إلخ.

فللوالدين والمربين أقدِّم هذه النظرات
1- التحرش الجنسي والتربية الجنسية:
هذه المساحة التي ظلت لسنين طوالٍ منطقة محظورة الاقتراب أو التصوير كانت سببًا رئيسيًّا وأساسيًّا في وقوع حالات التحرش الجنسي بالأطفال؛ إذ غالبًا ما يستغلُّ المتحرِّش جهل براءة الطفل أو الطفلة، ليوقعه في براثنه تحت خدعة أنها لعبة من الألعاب كالتي يمارسها الأطفال مع بعضهم، فينقاد الطفل في براءةٍ لما يحدث، وتكون الكارثة بعد ذلك.
وإذا كان ما يزال هناك العديد من المربين والآباء والأمهات يتساءلون: هل يجوز للمربي أن يحادث ابنه أو ابنته في المسائل الجنسية؟ هل له أن يعرِّفه أو يعرِّفها بالفوارق ما بين الجنسين؟ وإذا كان هذا جائزًا فما السنُّ المناسبة لذلك؟
أترك إجابة هذه الأسئلة للمختصين في مجالات التربية وعلم النفس، لأتحدث عن موقف الإسلام من هذا:
إن أطفالنا في الأعم الأغلب يبدءون في قراءة وحفظ القرآن الكريم أو جزءٍ منه وهم في سنٍّ صغيرة، ولقد تحدث القرآن الكريم بوضوحٍ عن النطفة من أين أتت وكيف تتكون في رحم المرأة، وتحدث عن خلق الإنسان من أخلاط النطفتين من الرجل والمرأة، وتحدث عن الجماع "الرفث" ليلة الصيام، وتحدث عن المحيض واعتزال النساء فيه، وتحدث عن حمل الولد في بطن أمه ومدة إرضاعه، وعن الزنا، وعن إتيان الرجال شهوةً من دون النساء، وغير ذلك، وهذه بعض السور وأرقام الآيات فيها: "المؤمنون (13)- الإنسان (2)- البقرة (187)- البقرة (222)- الأحقاف (15)- الإسراء (32)- الأعراف (80-81)".
لقد تحدث القرآن الكريم عن ذلك وأكثر منه، فكيف يمكن للولد أن يفهم معنى هذه الآيات إذا لم تُوضَّح له وتُشرح من قِبَل الوالدين والمربين؟؟
والحديث في هذه النقطة يطول، ويغنيني عنه ما تم ذكره في استشارات صفحة "معًا نربي أبناءنا" حول التربية الجنسية.

2- وفرقوا بينهم في المضاجع:
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا
بينهم في المضاجع" رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن.
هذا الحديث من الإبداع بمكانٍ، بل هو مدرسةٌ تربويةٌ كاملة، ولي فيه هذه الوقفات السريعة:
- عرَّف هذا الحديث الأطفال من أول الأمر أن هناك حلالاً، وأن هناك حرامًا، فربى الطفل على التربية الإسلامية منذ نعومة أظفاره.
- مسألة التفريق في منامات الأطفال هذه هي من باب سدِّ ذرائع الشر، وفي ذلك إشعار بأهمية صيانة أبنائنا، وإغلاق الطريق التي يمكن أن تفضي بهم إلى الوقوع في المحرَّم، فإن تشارك الأولاد في فراش واحد يمكن أن يؤدي بطريق غير متعمدة أو بدافع الفضول إلى محاذير يحسن تجنبها، ومن مقاصد الشريعة سد أبواب الشر، ومنع ما يفضي إلى الحرام.
- جمع هذا الحديث بين تربية الإيمان والسلوك وإغلاق باب الشر في وقتٍ واحد، إذ أمر أن نربي أبناءنا على الصلاة ونحثهم عليها، والصلاة هنا الفريضة، كما أنها النهي عن الفحشاء والمنكر، كما قال تعالى: \اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ\ (العنكبوت: 45).
فهذه هي تربية الإيمان والسلوك، والتفريق في المضاجع هو سد باب الشر، وهذان الجناحان هما أكثر ما يحتاجه أبناؤنا في مثل هذه السن.
"سُدّ باب الشرِّ، واربط بالله تعالى، وربِّ على الإسلام".. هذه رسالة المربين والوالدين.
- جعل الحديث مسألة التفريق هذه من الضرورة بحيث ربطها بالصلاة؛ وهو ما يؤكد أهميتها ومكانتها.
- هذا الحديث يبث في الأطفال إحساسهم بقيمتهم، ويبين لهم أن لهم قدرًا ومنزلةً عند بلوغهم هذه السنَّ؛ وهو ما يحقق كياناتهم وثقتهم بنفسهم منذ الصغر.
- أخيرًا.. مسألة التفريق هذه هي حقٌّ من حقوق الأبناء على آبائهم، فواجب على الآباء التفريق بينهم أبنائهم في مضاجعهم، لغرس العفة والاحتشام والآداب والالتزام في نفوسهم منذ الصغر.

3- المراقبة والملاحظة:
على الآباء والمربين ألا تغفل عيونهم عن مراقبة أولادهم وملاحظتهم، لا نقول أن تحرموهم حرية الحركة والتعبير عن الذات، لكنها عين الحارس والمتابع، والملاحظ لكل ما يحدث معه أبنائه، سواء من اختلاطهم بمن حولهم، أو من تغيرات تظهر على الأبناء، فإن بدا من ذلك شيء وجب علاجه قبل أن يكبر ويستفحل ويستشري، وهذه هي المسئولية التي كلَّف الله تعالى بها كل أبٍ ومربٍّ، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كلكم راعٍ ومسئولٌ عن رعيته، فالإمام راعٍ ومسئولٌ عن رعيته، والرجل في أهله راعٍ وهو مسئولٌ عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولةٌ عن رعيتها، والخادم في مال سيده راعٍ وهو مسئولٌ عن رعيته" رواه البخاري ومسلم.
وأي رعايةٍ أوجب من هذه؟؟

ملاحظة التغيرات
إن الاعتداء الجنسي على الأطفال خطرٌ محدقٌ، وإذا كان هذا الاعتداء من قريب فإنه عادة ما يصاحبه تهديدٌ ووعيدٌ حتى لا يفشي الصغير السر، كما أن الاعتداء غالبًا ما يكون متكررًا، نظرًا لسهولة تواجد هذا القريب في محيط الطفل، وبذلك قد يستمر الخطأ ربما لوقت طويل، وتظهر آثاره على حالة الطفل النفسية؛ من اضطرابات سلوكية، وكوابيس، وضعف شهية، وميل للعزلة، وضعف وتراجع دراسي، وأكثر من ذلك تتشوه شخصيته تشويهًا قد يلازمه طوال حياته، ويصعب علاجه والتخلص تمامًا من مفاسده، وقد يستمر الطفل في ممارسة الخطأ حتى يكبر بل ويشيخ.
لقد قال الله تعالى: \يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ\ (التحريم: 6).
يقول الإمام الطبري في تفسير هذه الآية:
"يقول تعالى ذكره: يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله \قوا أنفسكم\ يقول: علِّموا بعضكم بعضًا ما تقون به من تعلمونه النار، وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة الله، واعملوا بطاعة الله.
وقوله: \وأهليكم نارًا\ يقول: وعلِّموا أهليكم من العمل بطاعة الله ما يقون به أنفسهم من النار". 
ويقول الإمام القرطبي:
"قال مقاتل: ذلك حقٌّ عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه، قال الكيا: فعلينا تعليم أولادنا وأهلينا الدين والخير، وما لا يستغنى عنه من الأدب، وهو قوله تعالى: \وأْمُر أهلك بالصلاة واصطبر عليها\، ونحو قوله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: \وأنذر عشيرتك الأقربين\".
إن التحرش الجنسي سببه الأول الوالدان والمربون، وهم المسئولون الأوائل في أن يقوا أنفسهم أولاً نارًا سببها تقصيرهم في حق أطفالهم، وذلك عبر أن ينشِّئوا أطفالهم وفق منهجية الإسلام وإيمانياته وأخلاقه، فيُدخِلوهم الجنة، ويدخلوا بسببهم الجنة.

________________________________________
موقع إسلام أون لاين
 

 أطبع المقال أرسل المقال لصديق


[   من نحن ? |  البوم الصور | سجل الزوار | راسلنا | الصفحة الرئيسية ]
عدد زوار الموقع : 6346629 زائر

مجموعة المسـاندة لمنع الاعتداء على الطفل والمرأة

جميع الحقوق محفوظة